أسطورة السجناء الستة .. اختبار لـ"حماس"

حجم الخط

بقلم: جاكي خوري


اعتبر الهروب من سجن جلبوع في الوعي الفلسطيني، بالأساس في جزئه الأول، عملية بطولية نجح فيها ستة سجناء فلسطينيين في التغلب على المنظومة الأمنية الإسرائيلية والخروج إلى الحرية، حتى لو كان ذلك لفترة قصيرة.
هذا العمل الجريء سينقش في الذاكرة الفلسطينية كأسطورة للبطولة. وأوجد بالفعل عرضا تضامنيا يتجاوز الحدود بين الفصائل. السجناء، سيقول الفلسطينيون، هم محط إجماع، ولا يوجد فرق بين محمود العارضة، الذي قاد الهروب مع زملائه الأربعة من «الجهاد الإسلامي» وبين السجين السادس، زكريا الزبيدي، رجل «فتح» المشهور. تمثل عرض الوحدة في الأسبوع الماضي بتصريح أبو عبيدة، المتحدث بلسان الذراع العسكرية لـ «حماس»، الذي أعلن فيه أن السجناء الستة سيكونون جزءا من أي صفقة مستقبلية لتبادل الأسرى. وحقيقة أنهم لا ينتمون لــ»حماس» لا تلعب أي دور، على الأقل على مستوى التصريحات.
مع ذلك، في الساحة الفلسطينية سيفضلون، الآن، عدم إبراز إلقاء القبض على السجناء الستة، ومن بينهم أيهم كممجي ومناضل نفيعات، اللذان تم إلقاء القبض عليهما في جنين. لم يكن من الصعب ملاحظة مشاعر المرارة والغضب وخيبة الأمل، ليس فقط في المدينة بل في أوساط معظم الفلسطينيين. صحيح أنه قبل ذلك تم اعتقال الزبيدي والعارضة، العضوين البارزين في الخلية، لكن حقيقة أن هناك اثنين نجحا في الوصول إلى الضفة الغربية أبقت مدخلا لمشاعر الانتصار في أوساط من بحثوا عن إنجاز كبير في عملية الهروب نفسها.
حقيقة أن الاثنين وصلا إلى منطقة جنين قوت المتفائلين. جنين، وبشكل خاص مخيم اللاجئين فيها، اعتبرت جوزة صعبة على الكسر، وكل عمل في هذه المنطقة يتوقع أن يواجه بمقاومة شديدة. ما نجح في الناصرة وفي أم الغنم لن يتكرر في جنين، اعتقد المتفائلون. ولكن هناك أيضا تم اعتقال السجناء دون أي مقاومة. السجناء، الذين يعتبرون في وعي الإسرائيليين قتلة خطيرين، استسلموا دون أي شروط. أحداث البطولة التي تألقت في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية بقيت في العالم الافتراضي، بعيدة عن الواقع على الأرض. وإذا لم يكن هذا كافيا، فإن الاتهامات المتبادلة في أوساط الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر لم تساعد.
إن إلقاء القبض على السجناء الستة يثير علامات تساؤل أيضا فيما يتعلق بمنظومة الفصائل الفلسطينية وقدرتها على إعطاء جواب لأعضائها على الأرض، بالأساس داخل مناطق الضفة. الزبيدي من جهة والسجناء الخمسة من جهة أخرى، ينتمون لتنظيمين كبيرين ومعروفين في الساحة الفلسطينية. وهروب السجناء يمكن أن يحث كل تنظيم يضع نفسه كرأس حربة للنضال الوطني، على قلب كل حجر من أجل مساعدة أعضائه. على سبيل المثال، في التعليمات التي نقلت بوساطة رسائل سرية إلى خلايا على الأرض فورا عند خروجهم من فتحة النفق. ولكن لم يحدث أي شيء من ذلك. استعراض القوة لمسلحين في مخيم جنين للاجئين لم يساهم فعليا في إخفاء السجناء. وأيضا لم يمنع أي نشاط لإسرائيل. حتى لو كان هناك عدد غير قليل من السلاح في الضفة، لا سيما في جنين، لا يمكن الحديث عن بنية تحتية يمكنها تحدي منظومة الأمن في إسرائيل. البنية التحتية الوحيدة هي للسلطة الفلسطينية، وهناك لا يخطر ببال أحد السعي لمواجهة مع إسرائيل عن طريق توفير ملجأ للسجناء.
الآن، ينتقل مركز الثقل إلى «حماس». ربما تنفست «حماس» الصعداء لأن هذه القضية انتهت دون قتلى ودون مواجهة مع إسرائيل. ولكن انتهاء القضية يضع «حماس» في امتحان، هل ستصمم على إطلاق سراح الستة كشرط أساسي لعقد الصفقة مع إسرائيل، أم أنه سيتم العثور على طريقة للتراجع عن هذا الطلب؟ هل عدد السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم في أي صفقة مستقبلية، الذي طرحه رئيس «حماس»، يحيى السنوار، فور انتهاء العملية الأخيرة في غزة، سيزيد، الآن، من 1111 إلى 1117؟. كان الجمهور الفلسطيني يريد ذلك، لكنه يخفض توقعاته. من ناحيته الرسالة تغلغلت وحجم الأمل هو بقدر خيبة الأمل.

عن «هآرتس»