اعتُبر لقاء رئيس الوزراء، نفتالي بينيت، مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيس، الأسبوع الماضي، في شرم الشيخ إنجازاً سياسياً جديراً بالمباركة، ولكن يجدر أيضا تحديد الخطر. مصر، بقيادة الرئيس السيسي، مشغول بالها، الآن، بمصاعب اقتصادية وبتهديدات وجودية مثل السد الإثيوبي على النيل، وتقليص المساعدات الأميركية. هذه الانشغالات يمكنها أن تشرح الدافع لتغيير المعاملة العلنية لإسرائيل، فمصر لم تتنازل أبداً عن رغبتها في أن تقود باتجاه مؤتمر سلام إقليمي، وحسب بعض التقارير استهدف اللقاء خلق البنية التحتية لذلك.
كما يذكر، في مباحثات السلام بين إسرائيل ومصر، بقيادة الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، تحقق عمليا اتفاقان: اتفاق السلام بين الدولتين، والذي عرف جيدا في مبادئه وفي تفاصيله، واتفاق الحكم الذاتي للفلسطينيين والذي بسبب بخلافات مبدئية، حيث لم يتفق على تفاصيله. كان واضحا للزعماء الثلاثة انه بدون مواجهة حول خطة الحكم الذاتي، فان الاتفاق النهائي بين إسرائيل ومصر لن يوقع. فمن ناحية إسرائيل لم تذكر صراحة «دولة فلسطينية»، ولكن من ناحية المصريين ومن ناحية الرئيس كارتر، تم التشديد على الحقوق المشروعة لعرب «بلاد إسرائيل»، والتي تستوجب السعي إلى حل شامل.
منذئذ، رغم الانسحاب الإسرائيلي الكامل وتبادل السفراء، منعت القيادة المصرية بثبات كل خطوات التطبيع بحجة أن إسرائيل لم تنفذ التزامها بالنسبة للحكم الذاتي. في مؤتمر عقد في معهد يافا بمناسبة عشر سنوات على الاتفاق، شهد دان بتير قائلاً: «رأى الرئيس كارتر في اتفاقات كامب ديفيد أولا وقبل كل شيء اتفاقا شاملا، وعليه فان الاتفاق الثاني، اتفاق الحكم الذاتي، اعتبر في نظره الأهم. توقع بيغن أنه مع تحقيق كل الخطوات التي ينطوي عليها الاتفاق المباشر مع مصر فإن الاهتمام المصري بالمطالبة بالتقدم في حل بحقوق الفلسطينيين سيذوي، غير أن مصر لم تتخلّ عن ذلك أبداً.
في ذاك المؤتمر انتقد عيزر وايزمان تأخر إسرائيل بشأن المسألة الفلسطينية، وعرض قولاً حاداً وجريئاً: «يوجد لدي تقدير ذاتي تماماً بأن مناحم بيغن يجلس في البيت ليس للأسباب التي يخمنها البعض (مسؤوليته عن حرب لبنان) بل لأنه توصل إلى الاستنتاج بانه مع التوقيع على اتفاق كامب ديفيد وضع مستقبل بلاد إسرائيل الكاملة، لا أريد أن أقول على قرن الغزال، بل في وضع حساس وعندها فهم ما حصل».
منذئذ وحتى اليوم لم تتراجع مصر عن مطالباتها بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. من ناحيتها، فان الدفع إلى الأمام بمؤتمر سلام اقليمي هو خطوة في ميل ثابت لتقليص دولة إسرائيل وإعادتها إلى خطوط 67. هذا التهديد كان معلقا كسيف دموكليس فوق رأس نفتالي بينيت في شرم الشيخ. في هذا المخطط، مؤتمر سلام إقليمي يقوده الرئيس المصري بتنسيق مع الملك الأردني ورئيس السلطة الفلسطينية، هو فخ لدولة إسرائيل دون منفذ: إذا رفضت المؤتمر ستعرض في العالم رافضةً للسلام، وإذا سلمت بمؤتمر كهذا فإنها تسير على حافة هوة في كل ما يتعلق بمستقبلها.
عن «إسرائيل اليوم»