جولة في عقل «فتى التلال» وهو ذاهب لتنفيذ عملية «تدفيع ثمن»

images
حجم الخط


في اليسار المتطرف هناك توجه معروف لتفهم القاتل العربي الذي يريد قتل اليهود دون تمييز. وهناك ايضا من يتفهمون هذا العربي ويتضامنون معه. هناك صحافيون اسرائيليون يساريون يمنحون الشرعية لقتل اليهود، وهناك من يوجد على طرف المؤشر الذي يشعل النار ويرسلون الشباب المسلمين لقتل اليهود.
الآن ولأننا لسنا عنصريين ولا نميز، تعالوا نحاول فهم الارهاب اليهودي. ليس تبريره، لا سمح الله. نحن لسنا يساريين نستبيح الدماء ونطالب بالقتل. نحن نعتقد أن القتل هو أمر مرفوض وفظيع، لاسيما قتل الأبرياء. لكن تعالوا نتوقف للحظة ونحاول الدخول الى رأس شاب من "فتيان التلال" وهو في طريقه لعملية "تدفيع الثمن" ونفهمه ونفهم دوافعه.
ما الذي قاده الى هذه اللحظة؟ ماذا يوجد في قلبه وفي رأسه؟ تعالوا نضع بروفايل. العمر: 15 – 20 سنة. هل تذكرون؟ هذا الجيل يكون فيه كل شيء اسود أو ابيض. كل شيء متطرف وواضح، ما لنا وما علينا. جيل لا يخاف، جيل التمرد الكبير، الجيل الذي يفكرون فيه أنه لا يوجد لهم ما يخسرونه حيث تتم اعادة النظر في الامور المتفق عليها ورفض معظمها.
يبدو أنه لا يوجد لهؤلاء الشباب أب، حاخام، أو معلم أو سلطة بالغة توجههم في هذا الجيل.
إذاً، فهو يهرب. من يهمه تمرد الشباب؟ يجلس وهو يحمل الغيتار على تل في بنيامين أو "السامرة". القليل من البرد، لكن يوجد له اصدقاء مثله. يشعر بالانتماء قليلا. يستمعون له. يفتح أذنيه ويغمض عينيه كي لا يلاحظوا الى أي درجة هو ضعيف من الداخل.
فجأة يأتي شخص وهو منفعل ويتحدث عن أنهم قتلوا يهودا. "ذبحوا". ينتهي الحفل بانزعاج كبير، وعندها يمر يوم، آخر، ويوم ثالث. ولم يتم فعل شيء. الجيش الاسرائيلي لم يدخل الى قرية القتلة، محكمة العدل العليا تقرر عدم هدم المنازل بسبب اعتبارات قانونية مرفوضة، ورئيس الحكومة – الذي يفترض أن يكون الى جانب اليهود ويترأس الدولة التي هي "مصدر انبعاثنا"، كما علّموا الفتى – يتحدث بكليشيهات عن قوة الشعب وعن أن هذه ليست انتفاضة بل "برميل ارهاب" صغير. وهو ينظر الى صورة الايتام الجدد، فتشتعل العيون بالدموع المؤلمة والغاضبة.
شقيق صديقه يتعرض لرشق الحجارة في القرية المجاورة. أطلق النار في الهواء فتم أخذه للتحقيق. صودر سلاحه. صديقه تم دهسه وبعد أن تعافى تم أخذه للتحقيق. شاب جميل أطلقت النار عليه وقُتل. وفي المساء أقاموا بؤرة في المكان الذي قُتل فيه لأن هذا ما يفعلونه دائما. لأن هذا ما يجب فعله كي لا يذهب دمه هباء. وكي يرى العرب أننا نبني ولا نهرب. ليفهموا أنهم لن ينتصروا علينا. وزير الدفاع يأمر الجيش باخلاء البؤرة في ذلك المساء. الشعور بأن الدولة تفضل رؤية اليهود أمواتا أصبح أقوى في أذنيه.
والعرب؟ يرى أنهم يزدادون شجاعة كل يوم، ويزدادون وقاحة. يسمعهم يصرخون في اماكن اليهود ويلتقي بهم فقط في محطات الوقود. هذا الامر لم يكن هكذا في السابق. يتجولون في الاحياء اليهودية، يتحرشون بالفتيات. لا يخافون، هم أصحاب البيت لأن أحدا لا يقول لهم غير ذلك. هو يشعر أنه وحيد وتمت خيانته. خانته الدولة اليهودية الصهيونية التي كان يفترض أن تكون في صالح اليهود، وهي تعمل ضدهم. تهدر دمهم ولا تعطيهم الفرصة لاقامة أحياء جديدة، تلاحق "فتيان التلال" ولا تحارب الاعداء بكل قوتها. لا تنتقم للقتلى. هذه ليست دولته.
العكس هو الصحيح. يبدأ بالشعور أكثر فأكثر مثل الحريدين الذين يسمون الدولة "النظام الصهيوني". إنها ليست دولة اسرائيل، إنها "الدولة الصهيونية". هذه سلطة غريبة. إنه لا يريد أي صلة أو تعاون معها. لا يريد أن يحضروا له باحثات اجتماعيات ودروسا في الركوب على الخيل. هذا نظام غريب ونهايته الزوال. لا ينوي التجند للجيش أو التعاون مع الشرطة و"الشاباك". يكفي النظر الى عيون رجل "الشاباك" مرة واحدة لرؤية أنه هو ايضا يفكر بنفس الطريقة: هو يعرف أنك لست جزءاً من هذه الدولة. أنت العدو.
الوحيد الذي يحبه كما هو، مع كل الغضب والتمرد، هو الله. الله فقط معه. في الليل، في الكرفان فوق التل، في البرد والجوع وخلال تحقيق "الشاباك" الطويل. في لحظات الانتصار والفرح. قانونه فقط هو الذي يُنفذ. أنت عبد له فقط وليس لأي أحد آخر.
هو يؤمن أن الله معه الآن ايضا، يسير في الليل وهو يلبس الاسود، حقيبة على ظهره وفيها عبوات الرش، زجاجة مملوءة بالبنزين، وقبعة من الصوف.

عن "معاريف"