معاريف : حان الوقت لتفكّ إسرائيل ارتباطها بالمساعدة الأمنية الأميركية

حجم الخط

بقلم: العميد احتياط أمير أفيفي*


بُشرنا في الأيام الأخيرة بأنه بمبادرة من المحافل التقدمية والمناهضة لإسرائيل في الحزب الديمقراطي لم تقر ميزانية مليار دولار للتسلح بصواريخ الاعتراض في "القبة الحديدية". كان هذا حدثاً غير مسبوق في العلاقات بين الدولتين. لم يسبق أن تأخرت مساعدة أمنية لإسرائيل بسبب معارضة الكونغرس، فما بالك حين يدور الحديث عن وسائل للدفاع عن مواطني إسرائيل من صواريخ "حماس" و"حزب الله"؟ صحيح أنه في نهاية المطاف، الخميس الماضي، أقرت الميزانية في مجلس النواب الأميركي، ولكن قضية التأخير تطرح أسئلة جسيمة بالنسبة للمستقبل إذا ما تواصلت هذه الميول داخل الحزب الديمقراطي.
في الولايات المتحدة، ولا سيما في الجامعات الرائدة، نشأ جيل يجتاز تحولات تقدمية شاملة بعض مزاياها هو العداء لإسرائيل. هذا الجيل ينعكس أكثر فأكثر في أوساط القيادة الشابة والشعبية للحزب الديمقراطي، ويحتمل جدا أن تتسع هذه الظاهرة في العقود القادمة. أما محاولات نسب هذه التغييرات لسياسة نتنياهو وعلاقاته مع الحزب الديمقراطي فقط فهي إغماض للعيون أمام سياقات تجري في داخل المجتمع الأميركي المنقسم؛ سياقات ليس لنا نحن كإسرائيليين أي تحكم بها، ولكنها ستؤثر دراماتيكيا على مستقبلنا وعلى طبيعة العلاقات مع الولايات المتحدة في المستقبل.
تلقت إسرائيل إخطارا استراتيجيا بعيد المدى بدأ في حكم أوباما ويستوجب عملية إشفاء من التعلق بالمساعدة الأمنية الأميركية التي كانت ذات صلة في السبعينيات من القرن الماضي، ولكنها لم تعد ذات صلة، اليوم. لم تجر إسرائيل أبدا دراسة شاملة لفحص جدوى استثمار هذه الميزانيات من داخل ميزانية الدولة لخلق آلاف أماكن العمل في صناعاتنا الأمنية، وتطوير مهندسين وتكنولوجيات رائدة، وزيادة التصدير الأمني.
فضلا عن الفضائل الاقتصادية الكبيرة فإن الإشفاء من المساعدة الأمنية سيسمح للدولة بأن تبني خطوط إنتاج "أزرق أبيض" لكل الأسلحة الحرجة دون تعلق خارجي، وبالتوازي إنتاج اتفاقات مع دول عديدة، وبذلك تنويع مصادر الشراء والامتناع عن التعلق بدولة واحدة مهما كانت مهمة وقريبة.
من المهم التشديد والقول، إن العلاقات مع الولايات المتحدة هي علاقات استراتيجية من المصاف الأول، ومن المهم تطويرها في الاتفاقات، وفي التحالفات، وفي التطويرات المشتركة وفي الاستثمارات المشتركة في التكنولوجيات، ولكن بلا تعلق. إن تاريخ شعب إسرائيل مليء بالأخطاء الوجودية التي نبعت من وضع كل البيض في سلة واحدة. دولة محبة للحياة يجب أن تكون في الحد الأقصى من الاستقلالية في كل الجوانب الجوهرية للأمن القومي إلى جانب التحالفات المتنوعة والمشتريات المتنوعة.
دولة مثل إسرائيل يمكنها أن تختار أن تستثمر عشرات مليارات الشواكل في تعاظم الصناعات الأمنية لدينا، وبذلك إثراء صندوق الدولة من المبيعات، والتصدير، وضريبة الدخل، وضريبة القيمة المضافة التي على أي حال تعود إلى صندوق الدولة من رواتب العاملين. ستثبت هذه الخطوة أيضا استقلالنا وسيادتنا في بلادنا. لهذه السيادة لا يوجد ثمن. ان الإشفاء من المساعدة الأمنية لا يمكنه أن يحصل في يوم واحد، وعليه فيجب بناء خطة لعقد إلى الأمام، وبمسيرة تدريجية لإحداث التغيير اللازم.

عن "معاريف"

* مدير عام حركة "الأمنيين".