إسرائيل اليوم–تسوية في غزة ؟ اعادة الجثامين والمدنيين أولا

حجم الخط

إسرائيل اليوم– بقلم ايال زيسر


بعد أن سُوّيت مسألة تحويل المال القطري إلى قطاع غزة بما يرضي "حماس"، دون أن تجبر على الموافقة على تقديم أي تنازلات بالمقابل، تؤشر المنظمة على استعدادها للتوصل مع إسرائيل إلى صفقة أيضا بتبادل المدنيين الإسرائيليين وجثماني الجنديين الإسرائيليين، بمقابل تحرير "مخربين" فلسطينيين محبوسين في إسرائيل. لا يمر يوم دون أن يعلن مسؤولو "حماس" بأن المفاوضات مع إسرائيل انطلقت على الدرب، وإن كان لا يزال على مستوى متدنٍ وبوساطة مصرية، بل يفصّلون شروط الصفقة المتبلورة.
لا توجد أي مفاجأة في شروط "حماس": ثمن الصفقة من ناحيتها بقي كما كان، بل عمليا يرتفع كلما مرت السنوات. فبعد كل شيء، منذ صفقة جبريل، منذ الثمانينيات، وصفقة شاليت قبل نحو عقد، اعتادت منظمات "الإرهاب" على أن تطلب وأن تحصل أيضا أكثر مما يمكنها أن تأمل أو تتصور، إذ إن "رب البيت جن جنونه"، بمعنى أن إسرائيل مستعدة لأن تدفع كل ثمن.
تعلن "حماس" بالتالي أنها تطالب بالمقابل في الصفقة بتحرير عموم السجناء الفلسطينيين الذين تحرروا في صفقة شاليت وأعادت إسرائيل اعتقالهم. كما أنها تطالب بتحرير نساء "مخربات"، بمن فيهن من على أيديهنّ دم، وكل هذا كمقدمة لتحرير آلاف آخرين من "مخربي" "حماس" ممن يوجدون في السجن الإسرائيلي.  ينبغي الافتراض أن في دور الكرزة على القشدة ستطلب "حماس" أيضا تحرير "المخربين" الستة الذين فروا من سجن جلبوع.
إن حساسية المجتمع الإسرائيلي لحياة المواطنين ولقدسية الشهداء ليست ضعفا بل لعلها قيمة تبعث على الفخار. بالنسبة لإسرائيل، ليست هذه مساومة بل أسماء محفورة في قلب كل إسرائيلي.
الملازم هدار غولدن والعريف أورون شاؤول، والمواطنون المحبوسون لدى "حماس"، ابرا منغيستو وهشام السيد.
بالنسبة لـ "حماس"، بالمقابل، فإن السجناء هم زيت وربما دم على دواليب الثورة.  فهم يخدمون قضيتها، سواء وهم في السجن أم في حالة تحررهم إلى بيوتهم.
وبالتالي ليس لـ "حماس" أي إحساس بالعجلة لتحريرهم "المخربين" الفوري والسريع. ولهذا فان الزمن معها. وكذا ثمنه أيضا ثابت وقد يرتفع.
لشدة الأسف تختار إسرائيل أن تلعب في ملعب "حماس" ووفقاً لشروطها. وفي واقع الأمر أن تخدمها أيضا. وذلك لأنها لا تضع إعادة المدنيين وجثماني الجنديين كشرط لتقدم عملية التسوية. بما في ذلك تحويل الأموال إلى غزة وإعادة بناء القطاع اقتصاديا.
بالنسبة لـ"حماس" هذا ترتيب عمل مريح على نحو خاص. فالسجناء يمكنهم أن يواصلوا الانتظار.
وإعمار القطاع وضمناً أيضا إعمار قوة المنظمة عسكريا، بالمقابل، لا يمكنه أن ينتظر، وهو بوضوح ذو أولوية عليا بالنسبة لقيادة المنظمة.
إذا كانت إسرائيل لا تريد صفقة جبريل أو شاليت جديدة وسيئة كسابقاتها، فإن عليها أن تغير قواعد اللعب والملعب أيضا، والعودة إلى الأساسات: دون إعادة المواطنين وجثماني الجنديين ستتوقف عملية التسوية، وسيتوقف تحويل الأموال وسيتوقف إعمار القطاع.

عن "إسرائيل اليوم"