إسرائيل اليوم : "«حماس» تسعى إلى إشعال الضفة

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 


لا يعلم الجمهور الإسرائيلي ولو بجزء بسيط عن عمليات "إحباط الإرهاب" الجارية، التي تنفذ في مناطق "يهودا" و"السامرة". عندما لا تكون هناك دراما حقيقية لا يكون هناك اهتمام إعلامي، أيضاً، وبغياب العمليات والقتلى لا تكون هناك دراما. باختصار، هذا هو التناقض الأمني الإسرائيلي: فالنجاحات يستقبلها الإسرائيليون كأمر مسلم به، أما الإخفاقات فيتعاطون معها وكأنها نهاية العالم.
هذه وتلك جزء من الأعمال السيزيفية التي تنفذ كل يوم وأساساً كل ليلة في كل الجبهات، لا سيما في "يهودا" و"السامرة". باتت هذه الأعمال، التي تُسمى "جز العشب"، بعد حملة "السور الواقي" مواظباً عليها، وهدفها أن تجتث في كل مرة نشطاء "الإرهاب"؛ كي تضمن ألا تخرج عمليات. هذه الطريقة، التي عنصراها الأساسيان هما التفوق الاستخباري وحرية العمل العملياتية الكاملة، تثبت نفسها منذئذ. كما أنها هي السبب في أن مستوى "الإرهاب" متدن جداً في السنوات الأخيرة، والإسرائيليون يعيشون في أمان عال مقارنة بالماضي.
ولكن هذه النجاحات ليست بوليصة تأمين. من الجانب الآخر، لا سيما في "حماس"، يعملون بمواظبة لدحرجة العمليات. وتفيد تجربة الماضي بأن هذا النشاط تدفعه بشكل عام ثلاثة مصادر قيادة وتمويل أساسية: قيادة الحركة في قطاع غزة، وقيادة الخارج التي تستقر بشكل متبادل في تركيا وفي لبنان، والسجناء الأمنيون في السجون. بين الثلاثة يوجد اتصال وثيق، بل تماثل كبير: "حماس" في القطاع يقودها يحيى السنوار، محرر صفقة شاليت، وكذا صالح العاروري، الذي يقود قيادة الخارج. لكليهما هدف متماثل، وهو تحرير رفاقهما المتبقين خلفهما.
لا غرو، بالتالي، في أن الشبكة التي كشفت في "السامرة" استهدفت، ضمن أمور أخرى، اختطاف إسرائيليين لأهداف المساومة. كانت هذه شبكة واسعة نسبياً، خططت لتنفيذ عمليات متدرجة لهز إسرائيل. وسمح لها حجمها بأن تبالغ في التخطيطات، ولكن كان هذا أيضاً في غير صالحها: كلما كان المشاركون أكثر في السر ازداد احتمال الانكشاف.
"الشاباك" هو بطل العالم في العثور على مثل هذه المخططات وإحباطها، وهذه المرة أيضاً لم تغب المؤامرة عن عينيه. نُفّذت الاعتقالات الأولى قبل أكثر من أسبوع. وكشف التحقيق مع المعتقلين الخطة الكاملة، وأدى إلى ليلة الاعتقالات الواسعة، فجر أول من أمس. الأعمال ضد كل الأهداف دفعة واحدة، في خمس بؤر بالتوازي، استهدفت منع إمكانية أن يفهم أي من أعضاء الشبكة أن زمنه محدود فيسارع إلى محاولة تنفيذ عملية قبل أن يعتقل.
كما هو الحال دوماً، فإن اعتقالات من هذا النوع تترافق وإمكانية أن تدار تحت النار. هذا جزء من الخطر العملياتي، ولهذا فإن هذه المهام تكلف بها في الغالب وحدات نوعية وأكثر خبرة – اليمام، اليسام، ودوفدوفان. إن حقيقة أن اثنين من رجال دوفدوفان أصيبا في الأعمال، أغلب الظن بنار رفاقهما في القوة، تستوجب تحقيقاً عميقاً. فوحدة كهذه، مع تجربة تاريخية أليمة من المصابين "بنار صديقة"، يفترض أن تبدي مهنية أكبر في عمل هو خبز عيشها.
يمكن الافتراض بأنه بعد استكمال التحقيق مع المعتقلين ستنشر إسرائيل خطتهم الكاملة، وهذه كما أسلفنا تتضمن عمليات قتل وخطف. سطحياً تبدو هذه الشبكة أكثر جدية من سابقاتها، وبالتالي ستسعى إسرائيل لتستغل الإحباط كي تشهر بـ"حماس" واللعبة المزدوجة التي تلعبها: من جهة تخوض محادثات للتهدئة في القاهرة وتحافظ على الهدوء في قطاع غزة وبالتوازي تمارس كل جهد ممكن كي تنفذ عمليات من الضفة.
من المعقول أن يسري في أطراف أصابع "حماس"، الآن، إحساس بضرورة الرد على قتل بعض رجالها أثناء الاعتقالات بإطلاق النار من القطاع، ولكنها بذلك تخلق اتصالاً مباشراً بينها وبين الشبكة التي انكشفت، وبالأساس ستحرر إسرائيل في أن ترد في غزة أيضاً، بحدة نسبية على أي حال. تفهم المنظمة هذا، ولهذا دعت سكان الضفة ليردوا كي لا تعرض غزة للخطر.
ولكن الخطر على القطاع تجلبه له بكلتا يديها. بالضبط مثلما أدى اختطاف الفتيان الثلاثة إلى حملة "الجرف الصامد"، فإن عملية تنجح - لا سمح الله - من النوع الذي أُحبط، أول من أمس، لن تنتهي في الضفة، بل ستؤدي بالضرورة أيضاً إلى معركة في غزة. وعليه، فإن أهمية الإحباطات أكبر بكثير مما تراه العين. فهي ليس فقط تمنح الأمن وتنقذ الحياة بشكل مباشر، بل أيضاً تمنع تدهوراً أمنياً ينقذ حياة كثيرين آخرين، وتسمح بالردع على المدى البعيد.  

عن "إسرائيل اليوم"