باتت أسعار الغاز المرتفعة تثير مخاوف الدول المنتجة والمستهلكة على السواء، بعد أن أدت الفوضى في سوق الغاز إلى قفزة في الأسعار بنحو 280 بالمئة في أوروبا هذا العام، وبأكثر من 100 بالمئة في الولايات المتحدة.
ويلقي خبراء قطاع الطاقة باللوم على مجموعة من العوامل في تغذية هذه الفوضى، منها انخفاض مستويات التخزين، وأسعار الكربون، وتقلص الإمدادات الروسية.
ومهما كانت الأسباب، فإن الطفرة تحمل آثارا كبيرة على السوق وتعد ضربة للاقتصاد العالمي الذي بدأ للتو في الوقوف على قدميه بعد صدمة فيروس كورونا، بحسب آراء مسؤولين حكوميين في جلسة وزارية عقدت ضمن فعاليات "غازتك 2021" الذي يعقد حاليا في دبي.
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن "أسعار الغاز ليست مستدامة (عند) دولارين أو 3 دولارات"، وأشار إلى أن الأسعار تعكس أن هناك حاجة لاستثمارات جديدة.
وأضاف: "إذا استمرت الأسعار الحالية فسيكون ذلك عبئا على كثير من الدول، وعلى المدى الطويل، السوق غير مستعدة لقبول مثل هذه الأسعار".
وحاليا يتم تداول الأسعار في مركز TTF الهولندي وJKM عند 24 دولارا/مليون وحدة حرارية بريطانية، و25 دولارا/ملم وحدة حرارية بريطانية، على التوالي.
كما قال نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الغاز والطاقة الفرنسية، إن لديه قلق من أن تستمر أسعار الغاز عند مستوياتها الحالية في المستقبل المنظور، مع عدم ارتفاع مستويات تخزين الغاز في أوروبا.
لكن متى تستقر الأسعار؟
يتوقع خبراء في مجال الطاقة أن تستقر أسعار الغاز العالمية بنهاية العام الجاري، مع زيادة ضخ الغاز الروسي عبر مشروع "السيل الشمالي 2"، لتضع حدا للارتفاع الجنوني في الأسعار الذي يهدد موسم الشتاء في أوروبا، أكبر مستهلك للغاز في العالم.
وقال وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال إن هناك 3 أسباب غذت ارتفاع أسعار الغاز، هي تراجع إمداداته وسط ارتفاع الطلب العالمي، والجفاف في عدة مناطق حول العالم، واقتراب موسم الشتاء الذي تحتاج أوروبا فيه لتخزين الوقود.
كما أضاف كمال: "رغم دخول الموجة الجديدة من كورونا فإن معظم الدول تكافح لعدم الدخول في الإغلاق، وهو ما يعني عودة الأنشطة ولو جزئيا، وبالتالي زيادة استهلاك الوقود".
وتوقع الوزير السابق أن تتوقف موجة صعود الأسعار نهاية العام الجاري، مع استقرار العرض والطلب في الأسواق العالمية.
النجدة بيد روسيا
وفي تقدير الرئيس الأسبق لهيئة البترول المصرية مدحت يوسف، فإن "أسعار الغاز مرتبطة بأسعار النفط، كما أن الأسعار المرتفعة لتصاريح الغاز والفحم والانبعاثات -تكاليف المدخلات الرئيسية لمحطات الطاقة- غذت بعضها البعض، مما أدى لرفع أسعار الكهرباء أيضا".
وأضاف يوسف: "أسعار الغاز الذي تضخه روسيا أو الجزائر أو النرويج إلى أوروبا يرتبط بمعادلة سعرية طويلة الأجل، ولها سقف سعري لا تنخفض عنه حتى تحقق العائد من استثمارات خطوط الغاز".
لكن هل تظل الأزمة في أوروبا مستمرة؟ الإجابة تعتمد على ما إذا كانت روسيا ستضخ المزيد من الإمدادات عبر أوكرانيا أم لا.
ويبدو أن روسيا تعتزم ضخ المزيد لكن مع بداية العام المقبل، حيث أعلن رئيس شركة الغاز الروسية (غازبروم) أليكسى ميللر بدء تشغيل خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي 2" هذا العام.
و"السيل الشمالي 2" مشروع روسي لمد أنبوبي غاز طول كل منهما 1200 كيلومترا، وبطاقة إجمالية 55 مليار متر مكعب سنويا، من الساحل الروسي إلى ألمانيا عبر قاع بحر البلطيق.
المصدر: سكاي نيوز عربية