أعلنت هيئة "وعد الآخرة" تنظيم مؤتمر استشرافي اليوم الخميس، بمدينة غزة؛ بهدف دراسة واقع فلسطين بعد عملية التحرير ودحر الاحتلال الإسرائيلي منها. وبيّنت الهيئة، أنّ المؤتمر يهدف إلى :
وضع تصورات واضحة لآليات تأمين وتوزيع مقدرات البلاد والاستفادة منها عند عملية التحرير، ووضع تصور لآليات ملاحقة المجرمين الصهاينة عبر العالم، ووضع اليد على مقدراتهم الاقتصادية المنقولة وغير المنقولة.
كما يهدف المؤتمر –بحسب الهيئة- إلى وضع تصورات واضحة لكيفية إدارة البلاد بعملية جديدة، من خلال وضع تصورات لسن قوانين وفق الواقع الجديد، ووضع تصوّر لكيفية التعامل مع اليهود الراغبين لاستمرار العيش بسلام في فلسطين.
ومع احترامي للاخوه المنظمين لمؤتمر وعد الآخره وللكلمات والمحاضرات والدراسات التى ستلقى وشحنات التفائل التى ستنشر فاننى اود الاشاره الى ثلاث نقاط مهمه :
اولا: ان وصف المؤتمر بالاستشرافي هو تمحك سمج من المنظمين بالدراسات الاستشرافيه التى اصبح لها سيط ومكانه وذلك بهدف اضفاء الهيبه والعلمية على فعاليات المؤتمر.. ولكن الواضح من فعاليات واهداف المؤتمر بانه لا يمت باى صله للاستشراف او المستقبليات
فاستشراف المستقبل هو اجتهاد علمي منظم يرمي إلى صوغ مجموعة من التنبؤات المشروطة والمخططه، لأوضاع مجتمع ما عبر فترة مقبلة يتحليل الماضي، إنارة الحاضر، ورسم المستقبل المرغوب .. وهذا غائب عن اجندة المؤتمر اللتى ركزت جدول اعمالها حول اقتسام الغنائم والسبايا
ثانيا: ان فكرة المؤتمر تقوم على فرضية مستقاه من تفسير بسام جرار الرقمي لاية الاسراء.. وهذا التفسير غير متفق عليه وانتقده كثير من العلماء وبالذات وانه يركز على الرقم 19 وهو رقم الحركة البهائية المقدس .. كما انه غير دقيق وفيه تدليس في حساب اعداد الكلمات ليصل الى ما يريد والاخطر ان هذه النبوءه التى يزعمها بسام جرار تتفق مع تفسيرات حركات مسيحية اصولية تعتمد كليا على التواره وسفر الرؤيا وتعتقد من خلال تفسيراتها الرقمية بقرب زوال الامه المحمدية كما توقع ذلك البهائي رشاد خليفه
ثانيا: ان هذا المؤتمر والمضمون الذى يناقشه يتعارض بالكامل مع السنن الالهيه وبالذات تعاليم ديننا الاسلامي
فديننا الاسلامي لم يقم على النبوءات والاحلام والمنامات .. بل قام وانتصر وانتشر بالعمل ومقارعة الاعداء سنا بسن وعينا بعين .. وبالتالي فاننا من حقنا التحدث عن وعد الآخر عندما نكون ندا للاعداء في كافة المجالات
اما وحالنا يرثى له ولا نجد قوت يومنا ونستجدي اللقمه والسولار والدولار فهذا استخفاف وهرطقه باسم الدين
فعن اى وعد يتحدث هؤلاء .. وعن اى نصر ونحن لا نملك اى اماره من امارات القوة والمنعه والاستقلال .. نعرف ان الله قادر على كل شئ وقادر ان ينصر المستضعفين في ايه لحظه ولكن هذا لا يجب ان يغيب عنا ضرورة الاخذ بالاسباب والعمل وفق السنن الالهية لاننا لسنا بافضل من الرسول (ص) وصحبه
للاسف يبدو لي ان من عقدوا هذا المؤتمر يجهلون حقيقة الاسلام او يتعمدون ذلك من خلال رؤيه ساذجه وتبسيطية للاسلام جعلت الواحد منهم يعتقد ان تطويل اللحى وتقصير الجلباب يكفي لاستحقاقه النصر من الله والدعوه الى اقامة دولة الخلافه، ونسى او تناسى القوم ان للنصر والاستخلاف شروط وقوانين غير اللحى الطويله والاسماء الجميله التى تستحضر عظمة الماضي بشكله لا بجوهره
فليس كل من تسمى بابي حفص ملك عداله عمر، وليس كل من كنى نفسه بابو الوليد او ابو مصعب والقعقاع وغيرهم من الصحابة العظام رضى الله عنهم جميعاً اصبح من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من ترك الدنيا والتفاني في خدمة الاسلام بالعلم والعمل، فدانت لهم الدنيا بما رحبت.
ان للاستخلاف والنصر سنن وقوانين بعيده كل البعد عن الشعارات البراقه والشكليات الجوفاء والخطب الرنانه التى اصبحت منهجاً لكثير من الحركات الاسلامية. فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد من الله بالنصر لم يغفل ولو للحظه واحده عن الاخذ بالاسباب واعداد العده بالرغم من يقينه بنصر الله للدين الجديد. ولكن الله سبحانه وتعالى اراد وضع منهج للنصر والتمكين للمسلمين في كل زمان ومكان ليأخذوا به.
ففي احد هزم المسلمون لان بعض الصحابة لم يتبع اوامر الرسول الكريم وانساق وراء عرض الدنيا.
وكادوا ان يهزموا في حنين عندما اعجبتهم كثرتهم.
وفي الخندق اعد المسلمون العده واخذوا بالاسباب وحفروا الخندق وبعدها جاء النصر من الله وتفرقت الاحزاب.
وفي مؤته انسحب خالد بذكاء من المعركه حقناً لدماء المسلمين، فقال عنهم عامة المسلمين الذين لا يدركون السنن الالهيه انهم الفرار ورد عليهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بانهم الكرار،
وفي الشام تنازل خالد عن القيادة لابي عبيده انصياعاً لامر خليفة المسلمين وهو في اوج انتصاراته وعظمته من اجل مصلحة المسلمين، وهناك مئات بل آلاف العبر والدروس الشبيهه والتي نتغنى بها ليل مساء، ولكننا كالحمار يحمل اسفاراً.
ان الاسلام شريعه ومنهج حياه اذا اتبعناه قولا وعملا كنا خير امة اخرجت للناس، وصلح حالنا في الدارين، اما اذا اكتفينا برفع شعاراته والتغنى بفضائله وعظمة رجاله، من غير ان نستوعب ونطبق الدروس والعبر فلن يغير الله من حالنا، ولن تشفع لنا عندها ابتهالاتنا ودعواتنا بتدمير الكفر والكافرين ونصرة الاسلام والمسلمين، لان الله ينصر من ينصر دينه قولا وعملا، ونصرة الدين لا تكون بالدعاء والبكاء وتلفيق النبوءات ولكن بامتلاك القوة واسبابها، واعداد العدة بمختلف طرقها ومجالاتها،
اما اذا توقعنا النصر بغير ذلك يصبح يقيننا بالنصر يقيناً منقوصاً وهو اقرب الى القاء انفسنا الى التهلكه، لان المؤمن القوى احب الى الله من المؤمن الضعيف، والسيرة النبوية والتاريخ الاسلامي اكبر شاهد على ذلك، ولهذا تقدم المسلمون وفتحوا مشارق الارض ومغاربها من خلال اعداد العدة والاخذ بالاسباب ووضع خطط الحروب فبرزت عبقريات فذه وبطولات عظيمه ومواقف ايمانية جعلت اليقين بالنصر من الله حقيقة واقعه، لان "اعقلها" سبقت وتوكل، ولان الايمان صدقه العمل.
والسؤال الذي يبرز بقوه هو اين اصحاب مؤتمر وعد الآخره مما تقدم ؟ بالطبع الفارق كبير كالفرق بين الثرا والثريا كما يقولون، وواقعنا المزري خير شاهد على ذلك حيث تعيش قضيتنا احلك مراحلها وواقع شعبنا هو الاسوء عبر تاريخه من جوع وفقر ومرض وانقسام وانحدار في كافة الخدمات المعيشية الضرورية ..
اذا عن اى وعد تتحدثون
وايه آخره تريدون
اثقوا الله في شعبكم وقضيتكم المقدسه
وقبل كل شئ اتقوا الله في دينكم