بالطبع يعلم الميت لمن يصلي له ويدعو له ، لأن الأجر وصل إليه واستفاد منه ، فيشعر الميت بالراحة والسعادة لمن زاره ، فقد ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام ، كما أن الموتى يتقابلون فى عالم البرزخ، وهو العالم الذى يتخلل الفترة من الموت إلى يوم القيامة.
وفي إجابة لجنة الفتوى بالمجمع الإسلامي على سؤال ، قالت: “هل يعلم الميت بمن يدعو له؟” وبالرجوع إلى ما قاله العلماء في هذا الصدد ، وجدنا أن الميت عرف من يدعو له ؛ لأن الميت يكون قد وصل إليه الأجر ، ينتفع به ، فعن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله تبارك وتعالى ليرفع للرجل الدرجة فيقول: «رب أنى لي هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدك لك»، قال في المجمع: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث. (البيهقي في سننه الكبرى جـ7/صـ 79 حـ 13237).
وقد كان الرسول ﷺ كلما مر بجانب المقابر كان يلقي عليهم السلام ويقول ، إنا إن شاء الله اللاحقون فقد ورد ذلك في حديثه عن بريدة رضي الله عنه قال: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ” أخرجه مسلم في “صحيحه”.
ومن منظور آخر فإنه لم يجد العلماء والأحاديث دليلاً على استحسان الموتى للصلاة أو سماع من صلى عليه وزارة ، أو وصلت إليه صلاة الأحياء ، فعندما ينزل إلى قبره قد يشعر بمن حوله ، وتعود إليه روحة ، عندما يسأله منكر ونكير ، لذلك فإن المبدأ الأساسي هو أن الموتى لن يسمعوا أو يشعروا بحياة الأحياء ما لم يكن هناك دليل على ذلك ومن الدلائل على ذلك ما قد ورد في قول الله عز وجل: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}،وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في إجابته لعمر بن الخطاب: “ما تخاطب من أناس قد جيفوا؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، إلا أنهم لا يجيبون”.
فضل الدعاء للميت
يعد دعاء الميت ، من الأمور التي أمرنا بها الله تعالى ، فقد قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ»،ولأنه صلى على الميت في القبر ، استمر عمله في الدنيا وكأنه لا يزال حياً ، وكأن الميت ينتظر في القبر لأخيه أو والده أو صديقه أن يصلي عليه ، وذلك لأنه قد شرع الصدقة على الميت ، وأيضاً العمرة والحج والصدقة على الميت في الانتفاع.
كما أو الدعاء للموتى من النعم التي ينعم بها الله تعالى ، ونسأل الله تعالى أن يلبي احتياجاتنا ، لأن الناس تختلف مواقفهم و أساليبهم وطرقهم ، التي يعبرون عن حاجاتهم ولكنهم جميعاً في النهاية يدعون إلى الله ، فإذا دعا فقد حقق فضل الدعاء للميت ، حيث يطلب الرحمة والمغفرة للميت كأنه لم يوقف عمله في هذا العالم ، فحقا الميت يحتاج إلى الدعاء دائماً والترحم عليه ، فاللهم ارحم موتانا جميعاً.
هل الميت يشعر بمن يبكي عليه
قبل الدفن يسمع الفقيد صرخات أفراد عائلته ، فذكرت أنه لا يوجد نص في الشريعة الإسلامية يؤكد أن المتوفى يشعر بالحزن عليه ، ويعتقد البعض أن الميت يعرف كل ما حدث له ، والنص الوارد في الحديث لا يشير إلى من يشعر الميت بالحزن عليه أو من يبكي عليه فقد ذكر الحديث أنني عندما زرته وسلمت عليه استجاب لي ، فلما قرأت عليه القرآن وصليت عليه وصل إليه الأجر ولكن في الحديث لا يوجد جواب بأن روحه تطير حولي وتشعرني ، وهذا غير صحيح ، ويثبت أنه لا يوجد نص شرعي يوضح أنه بغض النظر عمن يحزن أو يبكي عليهم ، فإن الموتى سيشعرون به.
هل يحس الميت بمن يزوره
يعرف الفقيد من كان يزوره على قبره ، وشعر بالتعاطف على هذه الزيارة ، وعاد بتحياته لمن استقبله ، فعن ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ القَلِيبِ، فَقَالَ: وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَقِيلَ لَهُ: تَدْعُو أَمْوَاتًا؟ فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لاَ يُجِيبُون»َ
وعن عن بريدة رضي الله عنه قال: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ” أخرجه مسلم في “صحيحه”.
أفضل الأدعية للميت
كانت قد وردت عن رسولنا الكريم الكثير من الأدعية التي تفيد الميت في قبره منها :-
- (اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عنْه وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِن أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ القَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ).
- (اللَّهمَّ اغْفِرْ لحيِّنا وميِّتِنا وشاهدنا وغائِبنا وصَغيرنا وَكبيرنا وذَكرِنا وأُنثانا اللَّهمَّ مَنْ أحييتَه مِنَّا فأحيِه علَى الإسلامِ ومن تَوَفَّيتَه مِنَّا فتَوفَّهُ علَى الإيمانِ اللَّهمَّ لا تحرمنا أجرَه ولا تُضلَّنا بعدَه).
- (اللَّهمَّ إنَّ فلانَ بنَ فلانٍ في ذِمَّتِك وحبلِ جِوارِك فَقِهِ من فتنةِ القبرِ وعذابِ النَّارِ وأنتَ أهلُ الوفاءِ والحقِّ فاغفر لَه وارحمهُ إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ).
- (اللهم أنت ربها، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، جئنا شفعاء فاغفر له).
- اللهمّ إحمها تحت الارض، واسترها يوم العرض، ولا تخزها يوم يبعثون “يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم اللهمّ يمّن كتابها، ويسّر حسابها، وثقّل بالحسنات ميزانها، وثبّت على الصّراط أقدامها، وأسكنها في أعلى الجنّات، بجوار حبيبك ومصطفاك صلّى الله عليه وسلّم.
هل يشتاق الميت لأهله
الكثير من بيننا يتساءل ، هل يشعر الميت بأهله ويشتاق إليهم بقدر ما يشتاقون إليه ، فإنه إذا مات إنسان ستفتقد هذه الحياة ويصبح عالمًا آخر ، ولا يفوت أهله لأنه مشغول بسعادته أو بألمه في القبر ، ولا تعود روحه إلى أهله ، فلن يشعروا به ، و لا يعلم شيئاً عن حالتهم ، لأنه غائب في السعادة أو الألم ، ولكن الله قد يخبر بعض المتوفين عن بعض أوضاعهم الأسرية ، لكن لا يوجد تفسير محدد ، وهناك تأثير لا يمكن الاعتماد عليه ، فقد يتعلم المتوفى معرفة الأشياء في وضع الأسرة.