تونس الخضراء دائما رائدة سبّاقة في شتى الميادين والبحور، فقد "تزعّمت" ثورات الربيع العربي، وقد "قادت" الدول العربية ووقفت على رأس هذه الدول وجيرانهم في الحقل الإجتماعي، بشأن "الكود المدني" المُطبّق في البلاد منذ زمن الزعيم "لحبيب بورقيبة".
الرئيس قيس سعيد الذي مسك وقبض بكلتا يديه على خيوط وحبال وشِباك ومشابك "اللعبة الديمقراطية" في تونس، و"فرمل" الإخوان، "حركة النهضة، على غرار ما كان فعل "زميله" عبد الفتاج السيسي، الرئيس المصري، الذي وضع صخرة أمام الإخوان وأرسل الرئبس الإخواني مرسي إلى "خبر كان!!!".
آخر ما "تفتّقت به" "عبقريّة" اجراءات الرئيس قيس سعيد في معرض تطبيقه لسياساته في البلاد، والإتجاه نحو "ثورة تصحيحية" لأول "ثورة" في سلسلة ثورات "الربيع العربي"، هو قيامه بتعيين سيّدة، أول سيّدة كوزير أوّل على رأس الحكومة التونسية العتيدة المُبجّلة التي طال أنتظارها منذ الإطاحة بحكومة البشيتي، المدعومة من حركة النهضة الإخوانيّة.
السيّدة "سعيدة الحظ" هي "نجلاء بودن رمضان"، التي ستأخذ على عاتقها وستعمل على مدار الساعة من أجل انتشال البلاد من "البئر" العميق السحيق الذي "ترفل" فيه تونس بمزيد من "التلبّك" وضبابيّة الرؤيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا و"كورونيّا" وعلى صُعُدٍ أخرى. .
تونس دولةٌ قليلة الموارد شحيحة الإمكانيّات، مثلها مثل فلسطين والأردن، إذ تعتمد هذه الدول الثلاث على الزراعة وبعض الصناعة وعلى السياحة بدرجة كبيرة، لكن السياحة ما زالت "مضروبة" في السنتين الأخيرتين بسب "الكورونا".
تمتاز هذه الدول الثلاث، وأنا أحببت أن أضعهم في "سلّةٍ" واحدة، بكوادرها ومختصيها، الذين يُبدعون في الداخل وفي الخارج، نتيجة التعليم المُتقدّم في ثلاثتهم.
لقد عشت في تونس العاصمة وعملت ضمن كوادر م ت ف ودبلوماسيا في سفارة فلسطين وضمن طاقم القائد العام المرحوم أبو عمّار، لمدة ثمان سنوات، وخبرت تونس وشعبها "الحضاري" المُتعلّم العروبي المِضياف المُحب لفلسطين، وخبرت أيضا أن القوانين الإجتماعية و"الكود" الإجتماعي (مجلّة الأحوال الشخصيّة) متقدّم على كافة الدول العربية والإفريقية، والتي ارساها في الدستور "لحبيب بورقيبة، أوّل رئيس لتونس بعد الإستقلال.
لهذا فإن المراة التونسية "تحتلّ" مكانا رياديّا مُتقدّما في المجتمع التونسي، وتعمل في كافة المجالات، التي تبدو حكرا على الرجال فقط في دولٍ عربية أخرى.
لهذا ايضا فلا غرابة في ان يختار الرئيس التونسي للسيّدة نجلاء كي "تتربّع" على أعلى هرم وزاري وأن تجلس على كُرسي "الوزير الأول"، حسب تسمية رئيس الوزراء في تونس.
ربما سيكون هذا الخيار لصالح تونس ونتمنى ذلك ونتمنى لها النجاح، لكن الأكيد والمفروض والمفروغ منه أن أكثر الفرحين السعداء بهذا التعيين هنّ نساء وسيّدات تونس، لأن هذا التعيين، وهو الأول من نوعه في البلاد وربما في الوطن العربي، يُعتبر إلى جانت مدلولاته السياسية والمهنية، يعتبر تكريما وتبجيلا للمرأة التونسية ولنضالاتها في سبيل الحُريّة والمساواة منذ السنوات الأولى للإستقلال عن المستعمر الفرنسي.
شعوب عديدة سبقت العرب في مسألة وجود امرأة على قمّة الهرم السياسي في البلاد: بندرانيكة في بنغلاديش وإنديرا غاندي في الهند وبينازير بوتو في الباكستان ومارغريت ثاتشر في بريطانيا وديلما روسيف في البرازيل وميشيل باتشيليت في التشيلي وكريستينا كيرشنر في الأرجنتين وميغاواتي سوكارنو في أندونيسيا وسانا مارين في فنلندا وجاسندا ارديرين في نيوزيلاندا وأنجيلا ميركيل في ألمانيا والملكة اليزابيث الثانية والأميرة ديانا في بريطانيا.
سفينة تونس في السنوات الأخيرة "تمخر" في بحر مُتلاطم الأمواج، تتقاذفها من جهة إلى أخرى، بحسب ما تهبُّ وتشتهي الرياح.
في الأيام والأسابيع والأشهر وربما السنوات القادمة ستقود السفينة "رُبّان ماهر" هي السيدة نجلاء بودن رمضان.
فهل ستوصل هذه السيدة سفينة تونس وترسو بها على برّ الأمان والإستقرار السياسي والإقتصادي؟؟
نتمنّى ذلك.
نصفّق وسنصّفق لتعيين ووصول السيّدات العربيات إلى أعلى قمّة الهرم السياسي.
وسنصّفق أكثر لهن عندما ينجحن في مهامهن في جلب وتدعيم وسيادة الرفاه الإقتصادي والإجتماعيي في دولهن.
ومرحبا بالسيّدات العربيّات على رأس هرم الوزارات والحكومات.