«كان» يوسي سريد

20150612210828
حجم الخط

كنت قد سمعت عن سريد قبل ذلك. فمن الراديو كنت أسمع صوته العميق. كنت أعرف أنه مُقرب من المؤسسة الرسمية لحزب العمل وبالذات لبنحاس سفير. وكنت أعرف أن لجنة التعيينات قد تضعه في قائمة المعراخ للكنيست التاسعة. لكن فقط في 1973 التقينا بناء على طلبه. كان قلقا من أن رئيس بلدية تل ابيب في حينه، يهوشع رابينوفيش، الذي كان رئيس بلدية ممتازا وله علاقات جيدة، لم ينجح في الانتخاب من جديد للمنصب. وطلب أن أنضم لحملة رابينوفيتش الدعائية برئاسته. ولأنني كنت أحترم رئيس البلدية ولم أكن أرغب في أن يحتل الموقع جنرال يمثل الليكود، فقد انضممت للمرة الاولى في حياتي الى هيئة انتخابية. كانت هذه الهزيمة المشتركة الاولى لي ولسريد حيث فاز في الانتخابات شاب يدعى شلومو لاهط، وتبين فيما بعد أنه من معسكر السلام. العلاقة بيني وبين يوسي لم تنقطع منذ ذلك الحين. توفي يوسي في الوسط. شاب فضولي، لديه امكانيات، له حس دعابة، أمامه الحياة كلها. في منتصف كتابته ومنتصف بثه. شخص حكيم وعالم ونادر. كان يجب أن يترك السفينة المشتركة فقط لأن خللا جسميا أصابه. والى أين تتوجه كل هذه النُدرة الآن؟. اليسار الصهيوني لم يحظ بمتحدثين مثله. والكنيست لم تحظ بنواب مهنيين الى هذا الحد. ومعسكر السلام لم يحظ بقادة بدون أخطاء مثله. من وراء النظارات ذات الاطار الاسود العريض، من وراء الشخص الذي يقترب من المادة المقروءة لدرجة احتكاك أنفه مع الورق. الحركات الغاضبة، الصوت المرتفع فوق منصة الخطابات، اختفى وراء هذا شخص مصحك. كان يمكن احيانا الانفجار من الضحك عند سماع قصصه، ولم تكن عنده مشكلة في أن يتحدث عن نفسه بأشياء مضحكة لا تظهره بالضرورة كبطل قومي بدون اخطاء. هذا الدمج المميز بين شخص رسمي وشجاع وبين الاستعداد للاستماع الى اشخاص يلتقي معهم بالصدفة من اجل أن يطلبوا منه شيئا وبين عدم تقبله الاشخاص الذين اعتقد أنهم اغبياء، بين التشاؤم الشخصي وبين التفاؤل القومي، بين كونه ابن المؤسسة وبين كونه ولدا مشاكسا مستعدا للخروج ضد المُسلمات – كل ذلك حوله الى ما كان عليه. شخص التناقضات الكبيرة، وهو فقط كان يعرف كيف يجسر بينها ويتعايش معها. كنا أنا وهو متشابهين جدا. ذات السيرة الحياتية تقريبا: من مواليد البلاد، المدرسة الابتدائية، المدرسة الاعدادية، الجيش، صوت اسرائيل، صحيفة «دافار»، دراسة الأدب العبري والعلوم السياسية في الجامعة، حزب العمل، العضوية في الكنيست، العضوية في الحكومة، رئاسة «ميرتس». لكننا كنا مختلفين. كانت لنا ساعات كثيرة معا لكننا لم نكن اصدقاء مقربين. قد يكون هذا بسبب طابعنا المختلف أو بسبب الاختلافات السياسية بيننا. ما لم يلاحظه الآخرون كان بالنسبة إلينا عالما كاملا. العالم صغير. حفيدتينا لي وميخال تتعلمان في نفس المدرسة ونفس الصف وهن صديقات مقربات ويكتبن معا مقالات في صحيفة المدرسة. وقد أكملن الدائرة التي لم نكملها نحن. عن «إسرائيل اليوم»