الاثنين، الأول من شهر تشرين الأول كل عام، يعتبر يوم الموئل العالمي حيث تحتفي به الدول والخبراء والمختصون وأصحاب الشأن منذ العام 1985، وفلسطينيا، جعلناه على أجندتنا في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني منذ 2015، نشخص من خلاله الواقع الفلسطيني بمشاركة من خبراء مختصين في هذا الحقل من الجامعات الفلسطينية والنقابات المهنية وخبراء البيئة والبلديات، ومنذ انتشار "كوفيد ــ 19" واتباعا للتعليمات الوقائية انتقلنا إلى العالم الافتراضي كما انتقلت منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية un-habitat إلى العالم الافتراضي منذ عامين.
هذا العام، جاء اليوم العالمي تحت شعار "تسريع الإجراءات الحضرية من أجل عالم خال من الكربون".
حسب المذكرة المفاهيمية الصادرة عن برنامج الموئل (يشكل النمو السكاني المتزايد والهجرة إلى المدن الناتجان من كثير من الحالات عن الضغط المناخي تحديات متعلقة بتوفير الخدمات الأساسية لسكان الحضر ولا سيما الفقراء وضمان أن المدن النامية مدمجة وان التوسع يحدث بطريقة مخططة لاستيعاب العدد المتزايد من السكان يساعد على تقليل بصمتهم الكربونية، كما أن هذه المدن ستعزز من كفاءة تقديم الخدمات الأساسية مثل إدارة النفايات والنقل والطاقة والمياه والصرف الصحي من حيث إتاحة الموارد وقابلية الاستمرار من الناحية المالية، لذلك يروج موئل الأمم المتحدة لاستراتيجية تجمع بين التخطيط المدمج للمدينة والحوكمة الرشيدة والتوفير العادل للخدمات الأساسية، كما أن تجنب الزحف العمراني يقلل من الضغط على النظم البيئية ويعزز التعايش المتوازن بين المستوطنات البشرية والطبيعة ويساهم في الوقاية من الأمراض حيوانية المنشأ مثل "كوفيد ــ 19").
وبالإشارة إلى موضوع "الانتقال من التحضر السريع إلى التحول الأخضر" في منتدى "أيام التنمية الأوروبية" الذي عقد في 15 حزيران 2021 صرحت المديرة التنفيذية لموئل الأمم المتحدة ميمونة محمد شريف: (يمكن أن يكون التحول الحضري فرصة لتغيير طريقة تنظيم المدن لتأسيس بنية تحتية أكثر استدامة ولتحقيق التحول الأخضر، و70% من البنية التحتية المخطط تأسيسها في العام 2030 لم تؤسس بعد. يحتاج صانعو القرار إلى إدراك أنهم يتمتعون بالقدرة على تعزيز المرونة والمساواة والتنمية منخفضة الكربون من خلال القرارات التي يتخذونها، اليوم، وإن ترددهم أو عدم اقتناعهم سيحرم الأجيال القادمة من التمتع بمستقبل أفضل، والأمر في منتهى البساطة بالفعل).
بات واضحا ان العالم يجمع على دعم بناء قدرات المدن في تحديد الإجراءات المتعلقة بالمناخ وتنفيذها بما في ذلك التخطيط للتمتع بمدن مدمجة وصالحة للمشي بها، ودعم تعزيز قوانين البناء الوطنية وتحسين النقل العام وغير الآلي والتنقل الكهربائي وتعزيز توليد الطاقة النظيفة في المدن وتحسين إدارة النفايات وتوفير المياه والصرف الصحي. وتقديم الدعم لتقديم الخدمات الأساسية وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والإسكان الاجتماعي لجذب التمويل متعدد الأطراف وغيره بما في ذلك الاستثمار في المناخ لإعادة البناء بشكل أفضل وأكثر اخضرارا وتعزيز الانتعاش العادل والأخضر.
وتلك عناوين مهمة وحيوية على المستوى العالمي وعلى المستوى الوطني ويشكل يوم الموئل محركا لهذه العناوين التزاما متعلقا أيضا بمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ المقرر عقده في غلاسكو بالمملكة المتحدة في الفترة من 1 إلى 12 تشرين الثاني 2021، وتماشياً مع موضوع اليوم العالمي للموئل، واتفاقية باريس بشأن تغير المناخ في مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ النسخة 21 في 2015 وصدقت عليها 195 دولة وتحدد الهدف العالمي الملزم قانونا المتمثل في الحد من ظاهرة الاحترار العالمي إلى أقل من 2 درجة مئوية.
لعلنا، فلسطينيا، نستفيد من هذا الجهد الدولي المبذول ونحن مكون أساسي من مكوناته بحيث نندمج مع قضايا التغير المناخي منطلقين من ملف (العدالة المناخية) وتصفير انبعاث الكربون بالاعتماد على الطاقة المتجددة والتوسع بها، وتخطيط المدن للتمتع بمدن مدمجة معاييرها مزيج استعمالات الأرض وخلق التنوع والحيوية وسهولة الوصول العالية للمنطقة، وتعد فكرة المدينة المدمجة من السياسات الحاسمة للحد من الزحف العمراني.
علينا ان نتعامل بذكاء مع التخلص من النفايات الصلبة التي تتراكم من البيوت والمصانع والمجمعات والمتاجر، ويعتبر هذا الموضوع مهما ليس لأننا نبحث عن مدن جاذبة للاستثمار والسياحة فقط بل لأن المعاناة تتفاقم وتقود الى الأمراض وتلوث المياه والهواء، وتستهلك حصة كبيرة من ميزانيات البلديات، ولكي ننجح يجب ان تتعامل المدن مع النفايات في سياقها وأن تستفيد المدن من تجارب بعضها البعض.
تلك هي حكاية يوم الموئل العالمي هذا العام والمبرر القوي ان تكون جمعية حماية المستهلك على صلة بالموضوع كون كل انعكاساته على المواطن وتصفير انبعاث الكربون والطاقة المتجددة والنقل وتخطيط المدن وسهولة الوصول وتقليل الضرر عن الفئات المهمشة والفقيرة قضايا في جوهر اهتمام حقوق المستهلك.
-----------------------------------
* رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني.
* مؤسس منتدى فلسطين العقاري لمتابعة حقوق المستهلك في قطاع الإسكان.
فلسطين قطب الأخلاق العالمي
31 أكتوبر 2023