قررت الحكومة، أول من أمس، إشراك جهاز الأمن العام "الشاباك" في مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي.
وحسب ما نشر، فقد أيدت الخطوة المستويات الأعلى، بما في ذلك رئيس الوزراء، ووزير الأمن الداخلي، والمفتش العام للشرطة. وحسب "الكبار"، فإن القدرات الاستخبارية لجهاز المخابرات "الشاباك" ستقلص حيازة السلاح في المجتمع العربي.
الفكرة سيئة جداً، لعدة أسباب. أولا، مثل إشراك "الشاباك" في إنفاذ قيود "كورونا" نقف أمام منحدر سلس في نهايته ستحدث أضرار شديدة بحقوق المواطنين وبالنظام الديمقراطي.
ثانيا، يستخدم "الشاباك" وسائل متطرفة تمس بحقوق الفرد وأُقرت بشكل لا مفر منه، بوصفه جهازا امنيا يحبط عمليات "الإرهاب".
وهذه ليست ملائمة للتحقيق في الجريمة. فمثلا، يخول قانون "الشاباك" بأن يجمع بشكل جارف معطيات اتصالات عن كل المواطنين والبحث في المخزون دون حاجة إلى أمر قضائي.
ولا بد أننا لا نريد أن نعيش في مثل هذا الواقع، كما يوصف في كتاب جورج أورويل في "1984".
ثالثا، يعمل "الشاباك" بشكل سري، بينما تفترض الديمقراطية الشفافية وترفض الشرطة السرية.
رابعا، يقضي قانون جهاز الأمن العام للعام 2002 "غاية الجهاز ووظائفه": "الجهاز مسؤول عن الحفاظ على أمن الدولة، وأنظمة النظام الديمقراطي ومؤسساته من تهديدات الإرهاب، التخريب، التآمر، التجسس، وكشف أسرار الدولة، كما يعمل الجهاز على الحفاظ على مصالح رسمية حيوية أخرى للأمن القومي للدولة، وكل ذلك كما تقرره الحكومة وتبعا للقانون".
الحكومة هي الأخرى تخضع للقانون، بما في ذلك القيود بهدف الحفاظ على الأمن القومي للدولة.
خامسا، من غير المعقول تعريف نشاط "الشاباك" بحيث يتجه لأقلية معينة من مواطني إسرائيل. الأمر شاذ من ناحية أخلاقية، ومن ناحية قانونية ودستورية، ومن ناحية ديمقراطية. وفي وقت قريب من مثل هذا النشاط، من المتوقع أن ينتشر في كل بيت في دولة إسرائيل. فدوما سيوجد نوع آخر من الجريمة سيرغبون في أن يعلنوا ضده الحرب.
سادسا، التصدي للجريمة، التي توجد في كل مجتمع في العالم وعلى مدى التاريخ، من غير المتوقع أن يعطي نتائج جيدة إذا ما حُصر باستخدام الشرطة. من الضروري أن تعالج أيضا المشاكل الاجتماعية التي تغذي الجريمة، وتخصيص مقدرات للتعليم، للرفاه، وللتشغيل وغيرها.
وبالنسبة لوظيفة الشرطة في الحفاظ على أمن المواطنين العرب من العنف، هذه وظيفتها المركزية، والمفتش العام مطالب بأن يحرص على أن تؤديها لا أن ينقل المسؤولية إلى "الشاباك".
سابعا، الفصل بين التصدي لـ"الإرهاب" بوساطة "الشاباك" وبين التصدي للجريمة بوساطة الشرطة هو فصل ضروري، ومن المحظور طمسه. مثلما يتميز "الشاباك" في إحباط العمليات المضادة، وما كنا نريد أن ننقل هذه الوظيفة إلى الشرطة، هكذا أيضا لا نريد أن نودع لدى "الشاباك" مسؤولية التحقيق في الجريمة، ما من المتوقع أن يصل إلى كل بيت. سيحطم الأمر حقوق المواطن المحفوظة اليوم، بل سيصرف "الشاباك" عن مهمته.
من المهم أن نتذكر أن أهداف الأجهزة مختلفة: هدف "الشاباك" هو إحباط عمليات "الإرهاب"، وعليه فهو لا يمكنه أن يكتفي بالاعتراف. أما في الشرطة بالمقابل، ففي أحيان قريبة ما أن ينتزع الاعتراف حتى يتوقف التحقيق. فبعد كل شيء، هدف الشرطة هو "فقط" حل لغز الجرائم، ويكتفي القضاة بالاعتراف مرفقاً به "أمر ما آخر" خفيف كالريشة ويدينون. وبسبب طمس الحدود تؤدي الاحتياجات الخاصة بـ "الشاباك: إلى أن نكون "عالقين" مع أحكام أدلة متخلفة جدا.
توجد أهمية مبدئية وعملية هائلة للفصل بين "الشاباك" وبين الشرطة، وطمس الحدود يخلق تشويهات قاسية. من المحظور استخدام "الشاباك" في التصدي للجريمة.
عن "إسرائيل اليوم"
*بروفيسور مؤسس موقع "مراقبة جهاز القضاء الجنائي"، ومحاضر في كلية الجليل الغربي (سبير).