خطر المواجهة بين «الشاباك» والمواطنين العرب

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 


بتأخير بارز بدأت الحكومة، أول من أمس، سلسلة خطوات حيوية لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي.
تم عقد جلسة أولى لطاقم وزاري خاص، وتم تبني خطة عمل بلورها نائب وزير الأمن الداخلي، يوآف سيغلوفيتش، وتمت المصادقة على سلسلة خطوات ستشمل للمرة الأولى إشراك الجيش و"الشاباك" في الجهود من أجل جمع السلاح غير القانوني.
بعد فترة طويلة أظهرت فيها حكومات نتنياهو وبعدها حكومة بينيت عجزا كاملا إزاء تفشي الجريمة من الجيد أنه تم القيام بعمل.
يمكن الافتراض أن بث الصور في نهاية الأسبوع من قرية كفر قاسم، حيث انقض هناك أعضاء مليشيات حراسة خاصة على رجال شرطة وقاموا بضربهم بشكل مبرح، ساهم في الشعور بالإلحاح لدى الوزراء بدرجة لا تقل عن مساهمة القائمة الطويلة من ضحايا القتل المتعمد.
من صيغة القرار التي نشرت ما زال دور الجيش الإسرائيلي في هذا الأمر غير واضح. ويتبين أيضا بصورة مفاجئة أنه لم تتم دعوة وزير الدفاع أو ممثلي الجيش للمشاركة في النقاش.
تتحدث تقديرات حذرة عن عشرات الآلاف حتى مئات الآلاف من قطع السلاح في القرى العربية.
وإذا ساعد الجيش في جمع معلومات عن تجارة السلاح بين الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر وفي منع التهريب على خط التماس، فهذا يمكن أن تكون له مساهمة في هذه الجهود.
مع ذلك، يمكن أن يحدث هذا طالما أن الجنود لن يتم وضعهم في احتكاك مباشر مع المواطنين العرب. لا يوجد للدولة أي مصلحة في العودة إلى فترة الحكم العسكري.
القضية الأكثر ضبابية، بل الأكثر حساسية، تتعلق بدمج "الشاباك" في هذه الجهود.
في هذه المسألة يجري نقاش منذ فترة طويلة. ولا شك في أنه يوجد في أيدي الأجهزة وسائل تكنولوجية أفضل ومحققون أكثر تجربة وأذونات أوسع للتحقيق من الموجودة لدى الشرطة. نسبة حل لغز الجرائم بالنسبة لـ"الشاباك" أعلى في القضايا التي هو مسؤول عن التحقيق فيها.
لدى بينيت تبرير مضاعف للقيام بهذه الخطوة. أولاً، الوضع في القرى العربية غير محتمل وبحق، وأصبح ينزلق ليؤثر بشكل خطير على مدن مختلطة وبلدات يهودية.
ثانياً، في أوساط الجمهور العربي، لا سيما في أوساط رؤساء البلديات والمجالس المحلية، يزداد الإحباط إلى درجة تأييد واضح لإشراك "الشاباك" في هذا النضال، وهو ما اعتبر محرما بشكل كامل إلى ما قبل سنة أو سنتين.
الآن من الجدير الإشارة إلى أنه مثلما في قضية تحديد مواقع الهواتف المحمولة، فإنه في بداية مكافحة وباء "كورونا" كان مجرد إشراك "الشاباك" في التعقب وفي التحقيق مع مواطنين إسرائيليين، حيث لم يكن هناك أي اشتباه بارتكاب أعمال "إرهابية"، أمرا إشكاليا جدا.
وليس بالصدفة أن رئيس "الشاباك" التارك، نداف أرغمان، أدار حربا ضارية ضد محاولات زج جهازه في هذه المعركة. ر.، وريثه الذي سيتولى منصبه في الأسبوع القادم، بالتأكيد طلب منه طرح موقفه في هذا الأمر في محادثاته مع بينيت عشية قرار تعيينه.
التحفظات التي تم طرحها في "الشاباك" خلال هذه الفترة مفهومة، وهي غير مرتبطة فقط بالمسائل المتعلقة بحدود الديمقراطية. هذه ليست المهمات الأساسية لـ "الشباك"، الذي أساس اهتمامه ينصب على إحباط "الإرهاب" والتجسس.
الجهاز يمكن أن يفشل فيها، وحتى لو نجح فإن جلب المشبوهين والمتهمين للمحاكمة في محكمة جنائية في إسرائيل (خلافا لمحكمة عسكرية في "المناطق") يمكن أن يؤدي إلى مناقشة مدى قبول الأدلة، ما سيكشف أساليب عمل الجهاز.
إذا فرض التدخل حقا عليه فمن الأرجح أن يطلب "الشاباك" التركيز على استخدام الوسائل التكنولوجية وليس القيام بخطوات مثل الاعتقالات الإدارية ومنع التقاء المشبوهين مع المحامين.
هذا يتعلق بالسياق الأوسع، مثلما في مسألة الاحتكاك المحتمل بين المواطنين العرب والجنود، حيث يكمن خطر في حدوث مواجهة ثابتة بين "الشاباك" والمواطنين، عندما يدور الحديث عن شبهات بارتكاب مخالفات ليس لها علاقة مباشرة بالإرهاب.
وهناك خطر في أن تعرض الحكومة الآن زج "الشاباك" في المعركة كحل سحري، يمكن أن تنتج عنه نتائج بارزة في وقت مبكر.
ولكن أعمال القتل شبه اليومية في المجتمع العربي تعكس أزمة عميقة وأخطر بكثير من مسألة السلاح غير القانوني.
ومحاولة عدد من السياسيين العرب دحرجة الكرة، مرة أخرى، إلى جهاز الأمن وعرض عائلات المتعاونين الفلسطينيين التي "يجري إعادة تأهيلها" كسبب أساسي للجريمة هي أمور غير مقنعة.
يشهد الجمهور العربي تفككا اجتماعيا متسارعا وجذريا، تضررت فيه كل مجالات تطبيق القانون، وليس فقط محاولات إقصاء الزعران المسلحين الذين يوجدون في الشوارع، بشكل كبير. يتم بالدولة بصورة ضئيلة. فقط في تطبيق القانون حول هدم البيوت وجباية الضرائب. الحملات التي تثير التعاطف لدى المراسلين والنشطاء العرب العامين لا تغير أي شيء لدى عائلات الجريمة المنظمة.
جذور هذه التوجهات يمكن أن نعثر عليها في أحداث الشغب في تشرين الأول 2000.
بعد الأحداث العنيفة انسحبت الشرطة ببساطة من القرى العربية وسمحت لعائلات الجريمة بالترسخ والنمو في الفراغ الذي نشأ.
النشاط الذي بدأ في فترة ولاية شارون ضد منظمات الجريمة في أوساط الجمهور اليهودي لم تحظَ في أي يوم بالمحاكاة تجاه منظمات مشابهة في الوسط العربي.
بعض رؤساء هذه العائلات هربوا إلى الخارج كي يحموا أنفسهم من الاغتيال.
هذا لم يزعجهم في السيطرة على الشوارع وفرض رعبهم على السياسيين ورؤساء السلطات المحلية ووضع مليارات الشواكل في جيوبهم، التي حولتها حكومة نتنياهو لمشاريع في القرى العربية.
قائمة "راعم" لا تنجح في إحداث أي تغيير في الوضع في الوقت الحالي. تقديرات كبار الشخصيات فيها لا تختلف كثيراً عن موقف الشرطة. أيضا بالنسبة لهم تحولت منظمات الجريمة العربية إلى أحد التهديدات الرئيسة على سلامة الدولة.

عن "هآرتس"