من يقرأ "هستيريا فرح" قادة الكيان الإسرائيلي حول ما حدث من تطورات بإقامة علاقتهم علاقات مع دول عربية خلال العام الماضي (الإمارات – البحرين والمغرب)، وانفتاح نسبي مع سلطنة عُمان، وقنوات من "تحت الماء" أو بين أنفاق خاصة مع العربية السعودية، وربما غيرها، يعتقد أن المنطقة باتت ميدانا سياسيا مفتوحا لهم.
تصريحات وزير خارجية "حكومة الإرهاب السياسي" في تل أبيب، والصحفي السابق يائير لابيد، عن أن هناك من ينتظر لفتح الأبواب تطبيعا معهم، محاولات ترويج سياسي مسبق، لما سيكون، دون أن يؤكد أنه سيكون، سوى فعل لتصدير وهم مبكر، هروبا من فقدان حالة "التوازن السياسي" للطغمة الحاكمة، التي تتعرض من كل الجهات داخل كيانها لصفعات، بل أن راعيها الأكبر أمريكا، فاقدة الثقة بها أن تستمر.
وبعيدا، عن الألم السياسي الذي أصاب الفلسطيني أولا، وكل أبناء العروبة من "فيروس التطبيع الرسمي" مع بعض دول، لكنه يكشف من زاويا أخرى، أن الأمر ليس بتلك "السلاسة" التي يتباهى بها المتلون لابيد، خلال مؤتمرات صحفية داخل قاعات قمة الرفاهية وتحت سيطرة أمنية كاملة الأركان.
نعم، حدث تطبيع رسمي لبعض العربي، وانجرف جزء منه نحو "فتح باب شعبي"، لكنه لا زال بعيدا جدا عن خروجه من "التعليب الرسمي" الذي بدأ مع مصر والأردن، وهما الأكثر تأثيرا في مسار التطبيع عمليا، كونهما مرتبطتان بشكل مباشر مع قضية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
ولتذكير قادة الكيان، فمصر الدولة الأكبر عربيا، وقعت اتفاقية سلام ثم تطبيع رسميا عام 1979، والأردن منذ عام 1994، وكان الاعتقاد أن ذلك سيفتح الباب واسعا لفرض "التطبيع" مسارا ومنهجا، دون ارتباطه بالقضية الفلسطينية، رغم توقيع اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) عام 1993، والذي اغتالته إسرائيل رسميا بانتخاب عدوه الأول اليمين الإرهابي بقيادة نتنياهو 31 مايو 1996.
وتجاهلا لمبادرة السلام العربية المقرة في مارس 2002، وربطت السلام – التطبيع بحل القضية الفلسطينية، وحقيقة أهداف الإقرار في زمن المواجهة الكبرى مع الكيان بقيادة الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات، وتناغما مع خطة بوش يونيو 2002 لتصفية آثار "زمن أبو عمار"، فهي لم تكن ستارا واقيا لمنع التدحرج الرسمي، بل لم تكن ذي صلة بموقف مع الذين كسروا "جدر تلك المبادرة".
ربما تتجه غالبية الدول الرسمية العربية علاقات رسمية مع إسرائيل، في تغييب كلي لطبيعتها العنصرية – الاحتلالية، والقفز عنها، خلافا لما كانت عليه جنوب أفريقيا المعزولة دوليا، بسبب ما هو أقل كثيرا من واقع الكيان الإسرائيلي الجامع كل السمات المتناقضة مع القانون الدولي.
ولكن، هل يمكن لذلك المسار "الشاذ سياسيا وأخلاقيا" أن يقدم الأمن الحقيقي للكيان العنصري – الاحتلالي، في فلسطين التاريخية، فهو يواجه ما يقارب عددا من السكان الأصليين فوق هذه الأرض أكثر من القادمين الجدد، بعيدا عن سماتهم العدوانية، وتلك حقيقة لن تزول أبدا، ما دامت العنصرية هي قاعدة الكيان، والاحتلال مستمر فوق أرض دولة فلسطين، وذلك يمثل "العامود الفقري" الذي لا يمكن كسره أبدا وأن أصيب في حالات ببعض الانحناء.
ولذا لا سلام عام وبالتالي لا أمان عام ومنع لا يمكن أن يكون "تطبيع عام" دون فعل المركزي الفلسطيني...ولعل تجربة ما بعد المواجهة الكبرى وما رافقها من "الخلاص من عهد ياسر عرفات"، وما تلاه من فرض انقسام وصناعة حالة سياسية مشوهة، استخدمت غطاءا للتطبيع المستحدث، لكنها لم تمنح الكيان ما كان تقديره، رغم نجاحه الكبير في فرض مشروع التهويد والاستيطان.
يحق لقادة الكيان أن يفتخروا بالتطبيع، عندما نراهم يسيرون في شوارع الأحياء الشعبية بالقاهرة، وان يجلسوا غير منبوذين على مقاهي حي السيدة والحسين وخان الخليلي، وأن يتجولون وسط العاصمة الأردنية عمان، ويزورون أسواقها الشعبية، كما فعل يوما شمعون بيريز وتسيبي ليفني عندما تجولوا في أسواق قطر وكأنها تل ابيب، عندما نراهم هناك دون أن يتم قذفهم بكل "احذية" أهل الأحياء وزائريه، سنقول "انتصر التطبيع"..وسلاما لقضية الارتباط العروبي الذي كان..وحينها تكون بلادنا ليست بلادنا التي نعرف وعشقنا، وسنمسح من تاريخ الذاكرة ما كتبه فخري البارودي "بلاد العرب أوطاني" نشيدا.
الى حين ذلك ستبقى فرحة "قادة الكيان" بالتطبيع الراهن معلبة ومشوهة وخادعة...رغم كل ما بها من "منغصات" على الروح الإنسانية...
ملاحظة: سماح محكمة احتلالية بـ "صلاة لليهود بصمت" في المسجد الأقصى، إعلان بأن "أول التهويد حنجلة"...لو مرت كما مر فتح نفق دون غضب ووسط جعجعة وبيانات "مقاومة كمبيوترية"..سنرى "الهيكل" قائما ليكون "رمز المدينة" بديلا للمسجد الأقصى...سلاما لروحك أيها الخالد!
تنويه خاص: أن تعارض الرئيس عباس فذها واجب وحق وضرورة ومسايرته على الصح والباطل جريمة...ولكن أن تكون بوقا لتمرير رغبات أمريكا وبني صهيون في دولة الكيان ضده فتلك "أم الجرائم"..ووصف هؤلاء معلوم جدا، شو ما استخدموا ألقابا وصفات!