لا قيمة لزيارة "جماعة ميرتس" إلى المقاطعة

الداد-باك.jpg
حجم الخط

بقلم: كرني الداد

 

 


بخلاف زملائي في اليمين، أرفض التأثر ببطاقة المسافر المثابر تل أبيب رام الله – تل أبيب التي أصدرها لأنفسهم جماعة «ميرتس». صحيح أنهم أعضاء حكومة إسرائيل، وصحيح أنهم يمثلونها، وبالتالي يمثلوننا أيضاً، ولكن الموقف منهم ومن أفعالهم يجب أن يكون الموقف من الأطفال الأبرياء والعنيدين، وبالتأكيد ليس كالموقف من شيء ما أخطر من هذا.
في الوقت الذي لم ترَ فيه الولايات المتحدة في الأفق أي مفاوضات سياسية بيننا وبين الفلسطينيين، وحتى الرئيس المصري السيسي يشرح لأبو مازن ببطء وباللغة التي يفهمها بأنه لا يوجد أي احتمال لتنازلات إسرائيلية، وبالتأكيد ليس في جيل عباس، وثمة بضعة أناس يرفضون الاستيعاب بأنه توجد أمور انقضى زمنها. جماعة «ميرتس»، مثلاً. الاسطوانة المشروخة الخاصة بـ «السلام الآن» و «دولتان للشعبين»، التي أدت بنا ذات مرة لمصيبة أوسلو، والتي نأكل ثمارها العفنة كل يوم، لم تعد تُعزف. فقد بعنا جهاز تشغيل الأسطوانات. هل هذه سذاجة؟ عناد؟ بالأساس موقف مثير للشفقة. أبو مازن يفهم هذا، وهذا هو السبب الذي يجعله يريد ذلك. فهو يعرف ان كل بادرة طيبة ناهيك عن الخطوة في اتجاه الحل، تساعده، وتساعده هو فقط. إذ إننا كلنا رأينا ونزفنا وشيعنا أعزاء وأبطالا في طريقهم الأخير بسبب مثل هذه الاتفاقات، وهذا يكفينا. ليست لدينا القوة لاتفاقات سلام شوهاء.
في زيارة ممثلي «ميرتس» الى المقاطعة يتصرفون كالأطفال، يقومون ببعض الاستفزازات، ويشدون الحبل قليلاً، ويحصلون على الانتباه. فماذا في ذلك؟ حقاً، في الواقع، ليس لهذا أي معنى. في أيام أيبي نتان وعرفات كان هذا تجديداً، وقاحة بل حتى خيانة، وكانت لذلك تداعيات. أما اليوم فلقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، هي هراء حقاً.
هل لقاء كهذا «سيحل الجمود والكراهية»، على حد قول النائب علي صلالحة من «ميرتس»؟ مفهوم ان لا، إذ إن الجمود والكراهية لم ينبعا من انعدام الحوار واللقاء، بل من التعليم على الكراهية، من تمويل قتلة اليهود، من نفي الكارثة ومن العمليات. هل يمكن لـ «ميرتس» ان «يمنع المس بحل الدولتين»؟ فات الأوان. المس بهذه الفكرة أصيل بايديولوجيا احد الطرفين في النزاع. ففي اللحظة التي لا يعترف فيها الفلسطينيون بدولة إسرائيل فعن اي دولتين يدور الحديث؟ عندما يلوح أطفال المدرسة الفلسطينية المجاورة بخريطة «بلاد إسرائيل الكاملة» ناقص شعب إسرائيل، يخيل لي أنه طرأ تآكل خفيف في الفكرة. إذاً، هم يسافرون الى رام الله، يتأثرون بالمخاطرة، في الادرينالين، بالنشر، وبالاحترام الزائد. ينزلون من السيارات (المكيفة، والا ما الذي اعتقدتموه. لعلهم يتخيلون بأنهم في لوكسمبورغ، لكن المسؤولين عن أمنهم يعرفون بالضبط اين يتواجدون)، واثقون من أنهم يفعلون شيئاً رائعاً، مخترق للحدود وللطريق، ويخطون بتردد في الدرج الى المقاطعة.
هناك يستقبلون باحترام، ليس لأنهم حقاً يحملون بشرى، بل لأن هذا يبدو جيداً، وسيجلسون ويحتسون القهوة السوداء، يسعلون قليلاً، ويقضمون بأدب البقلاوة (ببساطة رائعة، سيمتدحونها أمام المضيف)، يبتسمون ويروون الواحد للآخر قصتين من ألف ليلة وليلة، على افضل التقاليد العربية. لأن الأولاد يحبون القصص وأبو مازن يحب التقاليد. تقاليد التنازلات الإسرائيلية – عن الأرض، عن القوة، عن السلاح، عن السيطرة، وعن الأمن. هو ببساطة لا يؤمن بأنه لا يزال يوجد أناس مستعدون للسقوط في هذا الفخ.

 عن «إسرائيل اليوم»