تونس..سوابق تاريخية تحاصر "الظلامية" فكريا وسياسيا!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور 

أعلن الحبيب بورقيبة الرئيس الأول لتونس بعد الاستقلال "مجلة الأحوال الشخصية" حول حقوق المرأة عام 1956، حيث وضع قواعد المساواة بين الجنسين، ومنع تعدد الزوجات، وحق نسب المولود لامه، وقاطرة التغيير الجذري لم تتوقف.

بعد تغييرات 2011، وبروز "الإسلام السياسي" في ظروف خاصة، ضمن محاولات أمريكية لإعادة صياغة قواعد النظم العربية مستخدمة "الإسلاموية" السياسية (الإخوان ومشتقاتهم)، والإرهابية (داعش وبناتها)، وتونس لم تصب أبدا بردة نحو كسر قواعد التغيير الثوري في مكانة المرأة، رغم محاولة قامت بها "النهضة" الإخوانية عام 2012، بتقديم مشروع "التكامل" وليس "المساواة".

في عام 2014 أقرت تونس ما عرف بقانون بورقيبة لحقوق المرأة ينص على " "المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم".

وفي عام 2017، أعلن الرئيس الباجي قايد السبسي إلغاء قانون يمنع التونسية المسلمة من زواج غير المسلم والذي كان صدر عام 1974، قانون أثار جدلا واسعا، ولكن الرئيس أقره رسميا، وبعد عدة أشهر أصدر السبسي عام 2018، قانون المساواة في الإرث، ما فتح جدلا واسعا ليس في تونس فحسب، بل في غالبية الدولة الإسلامية، حيث اعتبره البعض خروجا عن "نص شرعي"، رد عليهم السبسي قائلا، أن تونس بلد علماني لا يحكم بـ "الشرع".

ومن بين القوانين التي تم إقرارها في زمن السبسي، قانون الحريات والمساواة ثم قانون القضاء على العنف ضد المرأة، ما شكل جدار حماية لا مثيل له في المنطقة العربية، تم تتويج تلك المسيرة باختيار الرئيس التونسي قيس سعيد أول امرأة لتشكيل حكومة كسابقة تاريخية في الدول العربية، أكملها بوجود 8 وزيرات الى جانبها في التشكيلة الجديدة من بين 25 وزيرا، ما يزيد على ثلث عدد الوزراء.

ورغم ذلك فالصيغة الحكومية "الفريدة"، سجلت المنظمات النسوية تحفظا عليها، كونها لا تتوافق وقانون المساواة الذي سبق أن تم في عام 2017، ما يكشف عمق التغيير الثوري الاجتماعي الذي حدث في تونس منذ "قنبلة بورقيبة" الأولى في مجلة الأحوال الشخصية عام 1956.

سجلت تونس، في مجال حقوق المرأة ما يمكن اعتباره انتصارا للحق الإنساني، بعيدا عن التمترس خلف استغلال "الدين" لبقاء التمييز وفرض القهر وتكريس "سيادة الرجل" في الحياة بكل ملامحها، دون الأخذ بتطور قوانين الحياة السياسية – الاجتماعية.

تونس لم تنتظر مؤسسات دولية للتقدم نحو أشكال المساواة، وصنعت هي دون غيرها، قوانينها التي رأتها تحقق العدالة الاجتماعية، انطلاقا من مجلة الحقوق عام 1956، ولذا لم تقف أي قوة أمام قاطرة التغيير في تونس، رغم محاولات "النهضة" الإسلاموية وتحالفها عام 2012، فلم تتمكن من تمرير مشروع التفافي، رغم انها كانت تملك الأغلبية البرلمانية، ما يشير أن قوة التغيير الاجتماعي اصبحت أقوى بكثير من التغيير السياسي

السوابق التونسية، يجب أن تكون رائدة التغيير في المنطقة، بعيدا عن أي "نقاب" يستخدم لتكريس قهر وظلم وتمييز اجتماعي، لحرمان نصف المجتمع من حقوق لا يجب ان تصادر بذرائع "الدين والشريعة"، ودون استجلاب أمثلة من العالم غير العربي، فتونس دون غيرها يجب أن تكون النموذج المستخدم للعمل من أجل حرية المرأة وفرض حقوق المساواة بالمعنى العام والشمولي.

تونس..سوابق تاريخية تشكل قاطرة التغيير الاجتماعي – الثقافي المرتقب، بدونه لا يمكن أبدا الحديث عن حرية وطن وبلد وإنسان...فمقياس حرية الأوطان والإنسان تقاس بحرية المرأة لا غيرها!

ملاحظة: مفرح نتائج انتخابات العراق..نتائج أعلنت أنه لن يصبح "فارسيا" أي كانت حالته...أرض الرافدين تستعيد كثيرا من روحها العروبية التي ضلت طريقها تحت ضغط تحالف فارسي أمريكي!

تنويه خاص: لو كان الأمر مستقيما، يجب وقف عضو تنفيذية منظمة التحرير التميمي فورا عن مهامه بعد تصريحاته الإذاعية المعيبة..الأدهى أنه رئيس دائرة "حقوق الإنسان" في المنظمة...هيك نماذج أدوات كراهية للممثل الشرعي..المؤامرة تنبت من "أهل البيت" يا رئيس!