هآرتس – التقارب بين ايران والسعودية يفكك التحالف المناويء لايران

حجم الخط

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل 

 

لقد كانت لوزير الخارجية الايراني، حسين امير عبد اللهيان، بشرى في هذا الاسبوع. في نهاية زيارته لسوريا ومصر وروسيا اعلن بأن “المحادثات بين السعودية وايران تتقدم في الاتجاه الصحيح”. المتحدث باسمه، سعيد خطيب زادة، كان سخيا اكثر عندما فسر بأن “المحادثات بين الدولتين تستمر بدون تشويش. وهما تناقشان العلاقات فيما بينهما وعلاقتهما مع دول المنطقة، لا سيما مع دول الخليج والحرب في اليمن”، قال واضاف بأن “الدولتين وقعتا على عدد من الاتفاقات”.

المصادر الدبلوماسية التي تحدثت مع مراسلين عرب توقعت أنه قريبا سيعاد فتح قنصليات في الدولتين، وأن اتفاق على التطبيع الكامل وفتح سفارات يتوقع أن يتم التوقيع عليه بعد بضعة اسابيع.

اذا انتهت حقا المفاوضات بين المملكة السعودية والجمهورية الاسلامية باتفاق وتطبيع فهذا سيكون فصل الختام للتحالف المناويء لايران الذي علقت عليه اسرائيل آمال كثيرة، وحتى أنها اعتبرت نفسها عضوة غير رسمية فيه، الى درجة أن هذا القاسم المشترك بينها وبين السعودية بعث الأمل بأن المملكة ستستأنف علاقاتها مع اسرائيل. العلاقات بين السعودية وايران يمكن أن ترفع الحواجز امام قنوات الاتصال ما بين جميع الدول العربية وبين ايران، والدليل على ذلك يمكن ايجاده في اقوال وزير الخارجية الاردني، ايمن الصفدي، الذي قال في مكالمة هاتفية مع نظيره الايراني في هذا الاسبوع إن “علاقات جيدة مع ايران هي مصلحة مهمة للاردن”.

اللقاءات بين السعودية وايران بدأت بصورة سرية في شهر نيسان الماضي. وحتى الآن تم عقد ثلاث جولات للمحادثات التي كان آخرها في نهاية ايلول، بعد أن تم تعيين الرئيس الايراني، ابراهيم رئيسي، في منصب الرئيس. جولة اخرى يتوقع عقدها في الايام القريبة القادمة. حتى اثناء حملته الانتخابية وبتوجيه من الزعيم الاعلى، علي خامنئي، اعلن رئيسي بأن مركز سياسته الخارجية سيكون اعادة ترميم العلاقات بين ايران والدول المجاورة، لا سيما السعودية.

في نفس الوقت، في خطابه في الجمعية العمومية للامم المتحدة في الشهر الماضي اعلن ملك السعودية، سلمان، بأن دولته تتطلع الى علاقات جيدة مع ايران. هذه العلاقات تم قطعها في العام 2016 بعد أن قام متظاهرون بمهاجمة السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مدينة مشهد كرد على اعدام مفتي شيعي في السعودية وهو نمر النمر. العلاقات تدهورت كلما تطورت الحرب في اليمن بين قوات الحكومة بدعم من السعودية ودولة اتحاد الامارات وبين الحوثيين الذين يحظون بالدعم والتمويل والتدريب من ايران. 

إن تطلع السعودية لانهاء الحرب بانتصار حاسم خلال بضعة اسابيع تحطم امام الصمود القوي للحوثيين الذين استولوا على اجزاء كبيرة من الدولة، بما في ذلك العاصمة صنعاء. السعودية التي بادرت الى الحرب كجزء من استراتيجية مناوئة لايران وجدت نفسها خلال اربع سنوات على مسار تصادم، ليس فقط امام الحوثيين الذين بدأوا باطلاق الصواريخ على اهداف استراتيجية سعودية، بل ايضا امام الكونغرس الامريكي الذي طلب أن يتم فرض على السعودية وقف الحرب التي قتل فيها اكثر من 100 ألف شخص وتحولت الى الكارثة الانسانية الاكبر، حسب السكرتير العام للامم المتحدة. الرئيس ترامب، الذي حتى الآن دعم السعودية، اضطر في نهاية ولايته الى التراجع امام الكونغرس وطلب منها اجراء مفاوضات مباشرة مع الحوثيين. 

حوار حيوي

عند تتويج جو بايدن كرئيس بدأت السعودية في اعادة النظر في سياستها الاقليمية. على خلفية القطيعة التي نشأت بين بايدن وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على خلفية قتل الصحافي جمال الخاشقجي، الى جانب ضغوط بايدن لمنع بيع السلاح امريكي للسعودية بسبب استخدامه في الحرب في اليمن، في الوقت الذي حرك فيه المفاوضات مع ايران بشأن اتفاق نووي، قرر الملك سلمان القيام بانعطافة في العلاقات مع ايران. محللون في السعودية شرحوا هذه العملية بأن المملكة فهمت أنها لا تستطيع مواصلة الاعتماد على الولايات المتحدة وأنه يجدر بها تنويع شبكة علاقاتها الاستراتيجية، وأن تعيد موضعة نفسها مجددا في الشرق الاوسط.

سلسلة من الاخفاقات السياسية، مثل المحاولة الفاشلة لاقالة رئيس الحكومة اللبناني، سعد الحريري، التي انتهت بفشل ذريع، وعدم قدرتها على التأثير على مجرى الحرب في سوريا وغياب حسم في الحرب في اليمن رغم تفوقها العسكري وانسحاب دولة الامارات من الشراكة في الحرب ورفض الرئيس ترامب في أن يهب لمساعدة السعودية ضد ايران بعد الهجوم على منشآت نفطها، كل ذلك اوضح للسعودية بأن الحوار مع ايران اصبح حيوي من اجل ضمان أن لا تتحول الى ساحة حرب دائمة، التي من شأنها أن تمس برنامج التطوير الاقتصادي الضخم الذي يتطلع اليه إبن سلمان.

كلما زادت فرص المفاوضات حول الاتفاق النووي في أن تنتهي بالتوقيع على اتفاق، فان السعودية ستكون مطالبة ايضا بأن تفحص امام ايران تداعيات ذلك على سوق النفط. واعادة دخول ايران الى ساحة البيع يمكن أن يسلب من السعودية زبائن قدامى وأن يخفض الاسعار ويمس بمصدر الدخل الاساسي للمملكة. ربما أن قلق السعودية مبالغ فيه، لأن الصين يتوقع أن تشتري معظم انتاج النفط الايراني، حسب الاتفاق الاستراتيجي الذي تم التوقيع عليه بينها وبين ايران في شهر آذار الماضي. ولكن لا يوجد للسعودية أي ضمانة على أن ايران لن تسعى الى الاحتفاظ ايضا بزبائن هامين مثل الهند وباكستان وكوريا الجنوبية واليابان. بالنسبة لايران هناك مصلحة كبيرة في استئناف العلاقات مع السعودية، حيث أن هذا الاتفاق سيمنح الاعتراف، حتى لو لم يكن اعتراف رسمي، بمكانتها الخاصة في لبنان وسوريا واليمن والعراق وسيفتح امامها الشرق الاوسط العربي، الذي حتى الآن كان حذرا في معظمه، بضغط امريكي قوي، من اظهار صداقة وتقارب مع ايران.

عمولة بدون بضاعة

يبدو أن التقارب واستئناف العلاقات بين ايران والسعودية هو ضربة شديدة في الجناح الاسرائيلي. ليس فقط أنه بين رئيس الحكومة نفتالي بينيت والرئيس الامريكي جو بايدن يسود عدم اتفاق جوهري حول مسألة المشروع النووي الايراني، والاتفاق النووي الذي تسعى اليه واشنطن، بل ايضا فقاعة التحالف العربي المناويء لايران يمكن أن تتفجر الى شظايا. ولكن من البداية كانت هذه فزاعة اطلق فيها نتنياهو الهواء الساخن. طائرات سعودية لم تكن لتهاجم بشكل متناسق مع اسرائيل ايران بدون مصادقة من الولايات المتحدة، التي سبق واوضحت في ولاية ترامب أن توجهها نحو الدبلوماسية وليس الحرب.

دولة الامارات توصلت قبل سنتين الى اتفاقات تعاون مع ايران، الامر الذي لم يعيقها في التوقيع على اتفاق سلام مع اسرائيل؛ قطر هي شريكة تجارية قديمة مع طهران، وبقية اعضاء التحالف مثل مصر والاردن، كانوا يراقبون عن كثب. الدول العربية، لا سيما السعودية التي ارادت تعزيز مكانتها في واشنطن عن طريق تسويق النضال المشترك ضد ايران، استطاعت في عهد ترامب الاستناد الى وساطة اسرائيل، حتى لو أن الامر لم يحقق نجاح كبير. الآن يتبين لها بأن المعركة ضد ايران لم تعد تجارة مرغوب فيها، وايضا اسرائيل هي وسيط يحصل على العمولة ولكنه لا يستطيع تسليم البضاعة.