أبو مرزوق: إبرام تهدئة طويلة الأمد لم يُطرح خلال حوارات القاهرة ووعود مصرية بتسريع الإعمار

موسى ابو مرزوق
حجم الخط

بيروت - وكالة خبر

ذكر عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، أن فكرة إبرام تهدئة طويلة الأمد بين حركته والاحتلال لم تُطرح خلال حوارات وفد الحركة مع المسؤولين المصريين في القاهرة، الأسبوع الماضي.

وقال في تصريح صحفي لوكالة "الأناضول"، اليوم الخميس: إن "الحركة مستمرة في معركة كسر الحصار عن قطاع غزة"، مشيراً إلى أن "الأوضاع المعيشية لسكان قطاع غزة يجب أن تُعالج، والحصار الظالم يجب أن يُكسر".

ونفى أبو مرزوق حدوث "اختراق حقيقي" على صعيد عقد اتفاق للتهدئة، عازياً ذلك إلى "تعنّت الاحتلال وصلفه"، لكنه كشف عن وعود مصرية بـ "تسريع عملية إعادة إعمار غزة".

وتطرق أبو مرزوق إلى صفقة التبادل مع الاحتلال، رافضًا تقديم تفاصيل حول مجريات المفاوضات التي تجري بوساطة مصرية، ملقيا باللائمة على الاحتلال، في تعثرها، وأوضح أن الاحتلال بادر بـ"خطوة" في ملف التبادل (لم يوضحها) لكنها "غير كافية ولا تعطي انطباعا بالجدية".

كما أشار إلى طبيعة الملفات التي ناقشها وفد قيادة حماس في القاهرة، موضحًا أنه ناقش ملف الوحدة الوطنية الفلسطينية، وسبل الخروج من الأزمة الحالية، وشروط نجاح أفكار إنهاء الانقسام الداخلي.

ووصف أبو مرزوق لقاء حركته مع وزير المخابرات المصرية عباس كامل بـ "المثمر"، وقال إنه تطرق إلى قضايا ثنائية بين الحركة ومصر، والتعاون في "المسائل المشتركة"، وأوضاع قطاع غزة.

وأضاف: "جرى فتح نقاش موسّع وتبادل للآراء حول سبل الخروج من المأزق الفلسطيني، ونقاش المتغيرات السياسية في المنطقة وعلى المستوى الدولي، وانعكاسها على القضية الفلسطينية".

وتابع أن الحركة شددت خلال المباحثات، على أن "مدينة القدس هي قلب الصراع والمساس بها وبالمقدسات خط أحمر لا تهاون فيه، وسنقاوم ذلك بقوة مهما كلف ذلك من ثمن".

وفيما يتعلق بعلاقة الحركة مع مصر، قال إن حركته ستعمل على تطوير العلاقة مع مصر بما "يخدم شعبنا وقضيتنا، ويخدم الأشقاء في مصر والشعب المصري".

كما أشار إلى الصعيد الداخلي للحركة حماس، مبينًا أن عدة اجتماعات عقدها المكتب السياسي لحماس في القاهرة، في استهلال عمله للدورة الحالية الممتدة لأربعة أعوام، كما وأوضح أن الاجتماع الدخلي لقيادة حماس، بحث جُملة من الملفات، شملت التطورات السياسية والميدانية في مدينة القدس، وحصار قطاع غزّة، والانقسام الفلسطيني، إلى جانب ملف الأسرى في السجون الإسرائيلية، وأوضاع الفلسطينيين في لبنان".

وتقدم أبو مرزوق بالشكر إلى مصر على استضافة اجتماعات قيادة حماس التي وصفها بـ "الإيجابية"، لافتاً إلى "صعوبة إجراء هكذا لقاءات نظراً لظروف الحركة وانتشارها داخل فلسطين وخارجها".

وحول مباحثات تثبيت التهدئة في غزة، شدّد أبو مرزوق أن حركته "لن تقبل بمماطلات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يخطئ في مراهنته على عامل الوقت"، مضيفًا: "لا يوجد تهدئة بلا مقابل، ويجب أن يكون معلومًا أن مقاومة الاحتلال هدفها إزالته، ولن نتوقف إلا بعد إنجاز هذا الهدف".

وكشف أن "قاطرة إعادة إعمار غزة ستنطلق بسرعة أكبر، وقد تلقينا وعودًا مصرية بتذليل العقبات أمام جهود الإعمار ككل، وتسريعها"، متابعًا: "اتفقنا (مع مصر) على مسائل عدة مُتعلقة بعملية إعادة الاعمار، منها إنشاء ثلاث مدن سكنية جديدة في غزة".

وأشار إلى وجود مخططات لتطوير شوارع ومفترقات رئيسية في القطاع، ومشاريع أخرى سيتم إدخال المواد اللازمة لها عبر معبر رفح، موضحًا أنه من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة "البدء بمشاريع دولة قطر الشقيقة، بقيمة 50 مليون دولار".

كما وبين أن تلك المشاريع ستتولى إعادة إعمار المباني (من غير الأبراج) بمجموع ألف وحدة سكنية، إلى جانب مبانٍ مُتضررة بشكل بالغ، لافتًا إلى أن مشاريع إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة بفعل الحرب ستتم بدءاً من العام القادم.

وقال أبو مرزوق إن مصر تلعب "دوراً إيجابياً ونشطًا" في سبيل إنجاز صفقة تبادل للأسرى مع الاحتلال، معتبراً أن هذا الدور "موضع ثقة لدى حركته".

ورفض الكشف عن تفاصيل "الخطوة" التي تحدث عنها، واكتفى بالقول إنها غير كافية، ولا تعطي انطباعًا بجدية، مرجحًا أن دوافع تلك الخطوة الإسرائيلية إلى "الضغوط الشعبية الداخلية على حكومة الاحتلال".

وامتنع أبو مرزوق عن تقديم مزيد من التفصيل حول مجريات مفاوضات التبادل، مُكتفياً بالقول إن "الإعلام ليس المكان المناسب" لنقاش الأفكار المقدمة في هذا الملف سواء من مصر أو غيرها من الوسطاء.

وقال إن حركته حريصة على "إتمام صفقة تبادل مشرّفة وفق شروطها"، مضيفًا: "الصفقة التي نريدها إنسانية في المقام الأول، ووطنية لا حزبية، وللمناضلين فيها المكان المناسب".

وتابع: "قدّمنا خارطة طريق تبدأ بمعالجة إنسانية لهذا الملف، لكن الاحتلال يعالج المسألة عن طريق التسريبات الإعلامية، إلا أن ذلك لن يفيد بشيء"، معتبرًا أن ملف التبادل "سيكون مُنجزًا خلال أسابيع معدودة إذا توفرت الإرادة لدى الاحتلال واستجابت لمطالب الحركة".

كما وجه اتهامًا للاحتلال بوضع العوائق أمام إتمام الصفقة، مشدداً أن حركته لن تلين أمام ذلك، ولن تقبل بربط قضية التبادل برفع الحصار عن غزة أو إعادة الإعمار، معلقًا بالقول: "تلك المسائل غير قابلة للنقاش لدينا، الأسرى يقابلهم أسرى".

وقال إن حركته تسعى إلى أن تشمل "الصفقة المنشودة على النساء والأطفال والمرضى وكبار السن من الأسرى، إلى جانب من أمضوا ثلاثين سنة في السجن.

وأشار إلى أن عدد من قادة الفصائل الفلسطينية في السجن سيكونون على رأس قائمة التبادل، ومنهم مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وفؤاد الشوبكي، وحسن سلامة، وعباس السيد، وإبراهيم حامد، وعبد الناصر عيسى، وجمال أبو الهيجا، إلى جانب الأسرى الستة الذين فروا من سجن جلبوع في سبتمبر/أيلول الماضي.

وحول جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلية، نفى أبو مرزوق وجود حراك في هذا الملف.

وقال إن حركته لا تضع شروطا للخروج من المأزق الوطني، و "كل ما نريده هو أن نُلبي تطلعات وطموحات شعبنا، وأن تمتلك حركة فتح (بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس) الإرادة لطي هذه الصفحة المؤلمة".

وأضاف أن رؤية حماس لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني تشمل بنوداً ثلاثة، أوّلها "السعي لإعادة تشكيل قيادة الشعب الفلسطيني وفق الأسس الديمقراطية والوطنية، وإعادة بناء منظمة التحرير بحيث تضم جميع مكونات شعبنا، وصولًا لتشكيل قيادة واحدة مركزية".

أما البند الثاني في رؤية حماس، فيتمثل في "التوافق على استراتيجية وطنية وصياغة برنامج سياسي فلسطيني متوافق عليه"، في حين يتضمن البند الثالث "الاتفاق على رؤية للمقاومة الشاملة وإدارتها لمواجهة المشروع الصهيوني بكل الوسائل".

وقال أبو مرزوق إن حركته بذلت الكثير من الجهد لتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، من خلال جولات الحوار مع حركة فتح طوال السنوات السابقة، مؤكداً "أنها فشلت كلها، والجميع يعلم من أفشلها".

ورأى أنه حتى يُكتب للحوارات النجاح، "يجب أن تكون البداية صحيحة وعملية وغير خاضعة للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية"، مشيرًا إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يضع شروطا "مؤسفة" أمام المصالحة والتقارب مع حماس، من خلال الاستناد إلى "الشرعية الدولية باعتبارها الأساس لبناء العلاقات الداخلية".

وقال إن الرئيس عباس "يعرقل الخروج من المأزق الوطني عبر التركيز على نقاط الخلاف القليلة، في حين أنه يسعى بجد للوصول إلى تفاهم مع رموز التطرف لدى العدو، الذين لن يعترفوا بالدولة الفلسطينية بأي حال من الأحوال، وهو أشبه بالبحث عن السراب".