هل تمنع إسرائيل أمريكا من إعادة فتح القنصلية في القدس؟

d982a2b34f22b4d0cdf1829bbc828c9b.jpg
حجم الخط

بقلم: د. دلال صائب عريقات

 

منذ تتويج بايدن في البيت الأبيض وقدوم وزير خارجيته آنتوني بلينكن للمنطقة ونحن ننتظر تنفيذ وعده بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس.
الإرادة الأمريكية واضحة بنية فتحها والمُعيق الأساسي هو احترام أمريكا لضرورة موافقة إسرائيل لاتخاذ هذه الخطوة.
الهيمنة الاسرائيلية باتت واضحة في العلاقة مع أمريكا حتى أن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد قال للوزير الأمريكي بلينكين خلال لقائهما نهاية الأسبوع إن فتح قنصلية للفلسطينيين في القدس قد يكون له عواقب سياسية كبيرة على الحكومة في إسرائيل، وعبر وزراء آخرون في حكومة بينيت رفضهم لإعادة فتح القنصلية. الرواية الاسرائيلية اليوم تتمحور حول التهديد بفشل او سقوط الحكومة الحالية، وهذا ما لم تسمح به امريكا، الكل ينتظر التصويت على الميزانية وبنفس الوقت تخرج أصوات من الحكومة الاسرائيلية صريحة وجريئة تتحدى أن تعيد أمريكا فتح القنصلية في القدس.
ما أود قوله اليوم وبكل صراحة وجرأة توازي جرأة الاسرائيليين في عدم سماحهم لإدارة بايدن بإعادة فتح القنصلية هو:
أولاً: احتراماً للقانون الدولي و status quo اي الوضع القانوني لمدينة القدس، على أمريكا اتخاذ القرار وتنفيذه دون انتظار موافقة الاسرائيليين، لانها بذلك تحاول تصحيح خطأ استراتيجي ارتكبته إدارة دونالد ترامب والتي بالمناسبة لم تستشر أحدا، ولم تلتفت للحق الفلسطيني ولا لمعارضة ممثلي المجتمع الدولي الذين رفضوا الخطوة صراحة.
ثانياً: الإدارة الأمريكية تظهر لنا وكأنها ملتزمة بألا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، هنا لا بد من التذكير أن الإدارة السابقة لم تكتفِ فقط بالتدخل ولكنها فرضت حقائق على الأرض وغيرت الوضع وانتهكت حقوق الفلسطينيين وخالفت القانون الدولي.
ثالثاً: تمنح الولايات المتحدة الأمريكية اسرائيل 3.8 مليار دولار سنوياً للأسلحة، وغيرها من الأموال التي تأتي بأشكال شتى. إذاً، من السهل على أمريكا استخدام دبلوماسية القسر على الاسرائيليين من خلال المساعدات المالية. لقد هدد الأمريكان مراراً وتكراراً بإيقاف الدعم في حال تعنت الفلسطينيون في أي موقف، ولقد نفذوا تهديداتهم في ظروف مختلفة مثل وقف دعمهم للأونروا، وقف مشاريع تمويل هائلة، انسحابهم من المنظمات الدولية التي تدعم الفلسطينيين! ما الذي يمنع ممول إسرائيل الأول من استخدام صلاحياتها كقوة عُظمى بفتح مكتبها للتمثيل الرسمي تجاه الشعب الفلسطيني في القدس؟
رابعاً: من الضروري لأمريكا أن تُذَكِّرْ إسرائيل أن القنصلية الأمريكية بالقدس وُجِدتْ قبل وجود دولة اسرائيل أصلاً وقبل انعقاد مؤتمر هرتزل الذي قرر إنشاء الدولة الصهيونية، وعليه بايدن لن يأتي بشيء جديد بل سيعيد ترتيب الأوضاع قانونياً وأخلاقياً.
خامساً: كما قامت إدارة بايدن بالتراجع عن قرارات ترامب الكثيرة من المكسيك الى أوروبا وإيران واليمن وأفغانستان، عليها إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس اعترافاً منها ان ما أقدم عليه دونالد ترامب هو مخالف لاتفاقية السلام وبشكل أوضح المادة 7 من اتفاقية 1995، كونها خطوة أحادية الجانب، كما أن الخطوة شكلت انتهاكاً للقانون الدولي واتفاقيات جنيڤ وقرارات مجلس الأمن الدولي التي تحفظ حقوق الفلسطينيين داخل حدود 1967 بما فيها القدس، قرار 242, 253, 267, 298, 476, 478, 2334.
سادساً: بدلاً من استمرار الإدارة الأمريكية بمناشدة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي للامتناع عن خطوات أحادية تقوض حل الدولتين بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، على بايدن أن يعترف بأن ترامب سهّل عملية تهويد القدس وضمها وعمل على تحويل الصراع فيها الى ديني، وهنا مطلوب من بايدن أن يصحح الوضع وأن يلعب دوره كوسيط حقيقي للسلام في المنطقة بوضع موقف أمريكي على الطاولة لمحاولة التقريب من خلال احترام الاتفاقيات والوضع القانوني للقدس.
– دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.