ممارسات الاحتلال أوصلتنا الى نقطة اللاعودة منذ فترة طويلة سواء بالاستيطان والتهويد بالقدس ومشاريع القوانين العنصرية التي يحاولون تمريرها بالكنيست واعتبار ارض فلسطين، سواء بالداخل أو بالضفة، هي ملك للشعب اليهودي فقط، وهم بذلك ينكرون حتى حق الفلسطينيين داخل حدود 1948.
وقول الرئاسة بأن استمرار اسرائيل بإقامة المستوطنات سيدفع بالأمور الى نقطة اللاعودة، فيه تجاهل كبير للواقع والمخططات، وقد تجاوزت اسرائيل كل ما نريده أو نسعى الى تحقيقه وصارت فكرة اقامة الدولة الفلسطينية مجرد واحد من الأمنيات والتطلعات الوطنية التي قاتل شعبنا من اجلها وقدم الكثير الكثير من التضحيات والمعاناة في سبيل تحقيقها حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم من واقع استيطاني وتهويدي بلا حدود وبلا رادع، بل ان التطبيع العربي مع الاحتلال يتزايد وتتسع المشاريع المشتركة.
لقد سمعنا عن اجتماعات خلال أيام للجان الفلسطينية المختلفة برئاسة الرئيس أبو مازن لبحث التطورات والتحديات، ولا يتوقع أحد حسب تقديري، الخروج بأية نتائج عملية سوى الاستنكار والرفض والادانة التي اعتدنا سماعها منذ عشرات السنين، وكان رد الاحتلال عليها بإقامة المعابد اليهودية بالمستوطنات لكي تكون إزالتها تحت أية ظروف، من الأمور المستحيلة.
ان المطلوب مراجعة جادة وعملية لكيفية مواجهة هذه التحديات، وقد قلنا وقال الكثيرون، ان اول خطوة يجب تحقيقها بسرعة، هي استعادة الوحدة الوطنية والخروج من النفق المظلم والقاتل لهذا الانقسام، ثم العمل على كل المستويات الدولية لكي نحاول جدياً، الضغط على هذا الاحتلال الذي لا يفهم سوى لغة القوة، خاصة ونحن نرى تجاوباً وتفهماً من أوروبا لأوضاعنا ومطالبة اتحادات مختلفة بالاعتراف بدولة فلسطين.
لم نعد بحاجة الى أية اجتماعات لا تتعامل مع الواقع والتحديات بكل الجدية اللازمة، وبكل بساطة عدم انفاق الأموال على مصاريف ونفقات مثل هذه الاجتماعات.
أي منطق يبرر تفجير دور العبادة؟
لقد مرت المنطقة وغيرها بأعمال قتل للأبرياء لا يمكن فهمها أو ايجاد تفسير لعقلية الذين يقومون بها، وآخر هذه العمليات وليس أخيرها بالتأكيد، هو تفجير مسجد في أفغانستان وسقوط عشرات القتلى والجرحى من المصلين الذين هم، حسب وكالات الانباء، من الشيعة، ان اي اختلاف بين هذا الطرف أو ذلك لا يبرر مثل هذه الاعمال التي لا تؤدي الى القتل فقط، ولكن الى تعميق الكراهية والانقسامات وتهيئة الاجواء لعمليات اخرى مشابهة، وتشريد ملايين المواطنين وبينهم الاطفال والصغار بالتأكيد، وتخريب أوطان واغلاق الابواب أمام أي تطور بالمستقبل، ويتساءل العقلاء: لماذا لا يتم الحوار بين الاطراف المختلفة ولماذا لا يتم الاتفاق والتفاهم على قواسم مشتركة وتجنب العنف واسالة الدماء ؟؟.
لقد قال مفكرون كثيرون، وهم على حق، ان البداية تكون بالتعليم ومحاربة العقليات التي تعمل على تعميق مفاهيم الكراهية وان هذا الطرف هو الاول والآخر يجب ان ينتهي، وتشهد بلاد كثيرة ممارسات كهذه من خلال المنابر والفضائيات والاجتماعات المغلقة وتشجيع التطرف والفكر الاحادي الذي يرفض الآخر.
لقد مرت دول أخرى غير الدول الحالية بممارسات وعقليات كهذه التي نعاني منها، ولكنها تطورت وقفزت فوق هذه العقلية وعلى المجتمعات الاخرى ان تتعلم وتتجنب هذه المفاهيم المدمرة.
ملاحظة أخيرة حول الأسرى
حين أستمع لأخبار عن هذا الأسير أو ذاك، وانه دخل عامه العشرين أو ما يقارب ذلك، داخل الأسر، أشعر بالألم الشديد والمعاناة الكبيرة التي يتحملها هؤلاء الصامدون داخل الجدران المغلقة، ولا سيما ان ادارة سجون الاحتلال تمارس ضغوطاً مختلفة ولا محدودة ضد هؤلاء الصامدين، خاصة بعد محاولة التحرر التي قام بها عدد من الأسرى ثم أعيد اعتقالهم.
ان الاسير المناضل والجبار الصامد، كايد الفسفوس يواصل اضرابه منذ اكثر من ٩٠ يوماً، رفضاً للاعتقال الاداري، مع عدد آخر من الأسرى، وقد ادى الاضراب الى انتكاسات صحية خطيرة.
ان الكلمات تقف عاجزة عن التعبير عن عمق التقدير والاحترام لهؤلاء الصابرين ولأهلهم وعائلاتهم، ويجب ان يقف الجميع معهم ومساندتهم بكل الوسائل الممكنة!!.