هآرتس- الجيش الاسرائيلي شريك المستوطنين في عرقلة قطف الزيتون

حجم الخط

هآرتس – بقلم عميره هاس

محمد الخطيب، من قرية بلعين، يستغل كل مناسبة من من اجل التحدث مع الجنود بالعبرية. حتى بعد أن يقوموا بضربه ويرمونه على الارض ويعتقلونه، وحتى بعد أن يضع احد الجنود قدمه بصلافة على ظهره مثلما حدث في يوم الاثنين الماضي على اراضي سلفيت. “أنا احب التحدث مع الجنود الشباب، والشرح لهم عن الاحتلال. ماذا يعني احتلال؟ هم يسألون ويقولون: أنتم الفلسطينيون يمكنكم فعل ما تريدونه. وأنا اجيبهم: “ألا تصدقون عندما اقول لكم بأنه محظور على الفلسطيني البناء على ارضه؟ ابحثوا في الانترنت. لا تصدقوا ضباطكم”. هذا ما قاله لـ “هآرتس” بعد يومين من اعتقاله الذي كان اقصر من المعتاد لاسباب سيتم تفصيلها فيما بعد.

الخطيب نسي كم هو عدد المرات التي اعتقل فيها في السابق بسبب نشاطه في اللجان الشعبية لمقاومة جدار الفصل. سبب اعتقاله هذه المرة هو قطف الزيتون. في ارجاء الضفة الغربية تخرج في هذه الايام مجموعات من المتطوعين للمساعدة في قطف الزيتون في المناطق الكثيرة المهيأة لاعمال عنف من جانب الاسرائيليين الذين يعيشون في البؤر الاستيطانية. بين 3 تشرين الاول وحتى أمس اعتدى اسرائيليون 18 مرة من يقطفون الزيتون في الضفة عن طريق مهاجمة مباشرة للمزارعين أو تخريب الاشجار أو سرقة المحصول. من بين المتطوعين مجموعة “فزعة” التي تم تشكيلها قبل سنة تقريبا وكان الخطب من بين المبادرين لتشكيلها. هذه المجموعة تريد احياء تقليد التطوع والمساعدة المتبادلة التي ميزت المجتمع الفلسطيني في السبعينيات والثمانينيات.

اذا لم يحاول المستوطنون مباشرة التشويش على قطف الزيتون فان الجيش الذي يمنع القيام به، مثلما حدث في يوم الاثنين الماضي في حقل في تلة الراس في سلفيت التي تقع شمال مستوطنة اريئيل. قبل اكثر من سنة اقيمت هناك بؤرة غير قانونية وغير مرخصة باسم نوف آفي، ومنذ ذلك الحين اصحاب حقول الزيتون يرون ارضهم فقط من بعيد. الآن حيث نضجت ثمار الزيتون فان المتطوعين تمت دعوتهم للانضمام للمزارعين على فرض أن عددهم الكبير سيحميهم من العنف، ومعا يمكنهم انهاء قطف الزيتون بسرعة قبل أن تتم سرقة الزيتون.

عندما وصل المتطوعون في الساعة الثامنة والنصف صباحا تفاجأوا من وجود “جنود بعدد هستيري في المكان”، كما قال للصحيفة الناشط الاسرائيلي غيل هامرشيلك. الجنود ايضا مدوا شريط بين عدة اوتاد دقوها في الارض. كان ملصق بالشريط عدد من الاوراق كتب عليها بالانجليزية والعربية “منطقة عسكرية مغلقة”. هذه طريقة للجيش من اجل اغلاق منطقة لمنع الفلسطينيين من دخولها. ولكن حسب اقوال النشطاء فان الجنود لم يعرضوا عليهم في المكان أمر موقع بشأن منطقة عسكرية مغلقة، “هذا الامر تم عرضه في اليوم التالي في المحكمة”. في كل الاحوال النشطاء حرصوا على البقاء خارج المنطقة المشار اليها بأنها منطقة مغلقة وقرروا السير نحو الحقل عن طريق التفافي. حتى ذلك لم يسمح لهم به الجنود.

الخطيب قال: “لم اتوقع أن يغلقوا المنطقة. صحيح أنه يوجد في الاعلى مستوطن سيطر على التلة، لكن نحن جئنا للدفاع عن شيء قانوني، مثل قطف الزيتون، امام شيء غير قانوني هو عنف المستوطنين. اذا كان الجيش حقا يهتم بأمن هذا المستوطن فلماذا لا يضعون عشرات الجنود حول المباني غير القانونية في البؤرة الاستيطانية؟ لماذا يمنعون قطف الزيتون؟ كل ذلك هو قرار من القائد العسكري. قبل يوم قطفنا الزيتون في حقول بيتا. لذلك دخلنا الى البؤرة الاستيطانية “افيتار”. كان من المؤلم رؤية بيوتها، لكننا جئنا لمساعدة المزارعين وليس للتظاهر. الجيش لم يزعجنا ولم تكن هناك أي مشاكل. القرار حول هل سيكون الوضع هاديء أم لا هو قرار القائد العسكري. نحن جئنا لقطف الزيتون ونحن غير معنيين بالاحتكاك. هذا ليس استفزاز، لكننا نرفض أن ننسق مسبقا مع الجيش من اجل الوصول الى حقل خاص، فقط بسبب أن مستوطن سيطر على ارض فلسطينية. بسبب هذه البؤرة الاستيطانية الواحدة، طوال السنة ارض الحقل لم تتم حراثتها وهي مليئة بالاشواك”.

الخطيب وصل الى المكان بشكل متأخر. وحسب قوله هو لو يتمكن من رؤية الشريط الذي يشير الى “منطقة عسكرية مغلقة”. لقد شاهد الجنود وهم يمنعون الوصول الى الحقل، وبعد ذلك رافق النشطاء الآخرون. الخطيب الذي درس القانون قال خلال اعتقاله: “احد الضباط قال لي بأنه اذا كان هناك امر اغلاق فهذا يعني أنها ارض اسرائيلية. هو لا يعرف أبدا القانون. ما هذا المنطق؟ المستوطن هو غير القانوني، وأنا قانوني، وأنت تأتي وتقول بأنني أنا الذي اخالف القانون”.

رغم أن النشطاء ابتعدوا عن الجنود، قال الخطيب، إلا أن الجنود اقتربوا وبدأوا بدفعنا. أنا تناقشت مع الضابط وقلت له: لماذا تدفعني؟ من حقي أن اقطف الزيتون. سمعت ضابط صغير يقول للقائد: أنا أريد أن اعتقل اثنين. هل تسمح لي؟ القائد اجاب: أسمح لك. قلت لهم: هل تريد الاعتقال. ماذا أنا فعلت؟ قال: أنت معتقل. رفعت يداي وجاء النشطاء وخلصوني من هناك. عندها انقض علي عدد من الجنود، ربما خمسة جنود أو ستة، وضربوني. ولكن في نفس اللحظة لم أنتبه. فقط بعد ذلك في المعتقل لاحظت أنني اجد صعوبة في تحريك رقبتي. وقد رموني ووجهي الى الارض واحد الجنود داس بقوة على ظهري.

المصورة متان غولان تولد لديها الانطباع بأن الرائد الذي يظهر في الصورة يركض نحو الجندي الذي داس بقدمه. لم يكن راضيا عما حدث. بالتالي، عندما وصل تم رفع قدمه عن ظهر الخطيب. في هذه المرحلة الجنود قاموا بالقاء قنابل الصوت نحو النشطاء.

في رده لـ “هآرتس”، المتحدث باسم الجيش تمسك بالادعاء بأنه “كان هناك خرق عنيف للنظام في منطقة حفات نوف آفي (غير القانونية) وأن المتطوعين خرقوا أمر “منطقة عسكرية مغلقة”، الذي عرض امامهم، وعملوا بصورة عنيفة ضد قوات الجيش الاسرائيلي. كما كتب في الرد: “القوت ردت بوسائل تفريق المظاهرات واعتقلت ثلاثة مشبوهين. احدهم تصرف بصورة عنيفة مع الجنود وقام باعمال شغب اثناء اعتقاله وحتى أنه حاول الهرب من القوة. في اعقاب ذلك اضطر الجنود الى استخدام القوة الجسدية من اجل استكمال اعتقاله. سلوك الجندي (الذي داس على ظهر الخطيب) غير مقبول”.

الساعة كانت العاشرة صباحا عندما كبل الجنود أيدي الخطيب وراء ظهره، وقاموا بعصب عينيه وقادوه الى الحقل، قرب البؤرة الاستيطانية. هناك جلس معتقلان اسرائيليان هما هامرشيلك ودافيد شليف. ايضا ايديهم وراء ظهورهم مقيدة، لكن عيونهم كانت مكشوفة. الاثنان اشارا الى الفرق في المعاملة مع المعتقلين، وأحد الجنود قام برفع العصبة عن أعين الخطيب. بعد ساعتين ونصف – ثلاث ساعات، التي احتجزوا فيها وهم مقيدون على الارض، وضع الجنود على اعينهم العصبات واصعدوهم الى الجيب الذي نقلهم الى مركز الشرطة القريب في مستوطنة اريئيل.

اثناء وجودهم في غرفة الاعتقال سمعوا شرطي وهو يتحدث مع الجندي الوحيد الذي بقي من بين الذين اعتقلوهم. لقد تولد لديهم الانطباع بأن الشرطي يوجهه كيف يبني شهادة داعمة للاعتقال. الخطيب قال إنه اقترب من الباب وسمع الشرطي يشرح للجندي أن خرق منطقة عسكرية مغلقة (كما يبدو) ليس ذريعة كافية للاعتقال. لذلك، يجب الاشارة الى أن المعتقل الفلسطيني هاجم الجنود. حسب قوله، الجندي قال إنه لم يهاجم، بل ازعج. والشرطي شرح له بأن هذا غير كاف. هامرشيلك قال إنه سمع الشرطي يسأل: “هل سحب بندقيتك؟” كاشارة لما يجدر أن يظهر في الشهادة. مع ذلك، الشرطة واصلت اجراءات الاعتقال. ومن المتحدثة باسم منطقة شاي في الشرطة لم نحصل على أي رد. 

في اريئيل تفرقوا، الاسرائيليون تم نقلهم الى سجن هداريم والخطيب الى معتقل في معسكر حوارة في جنوب نابلس. تصريحاته لم تجد في أنه لم يدخل الى المنطقة العسكرية المغلقة ولم يهاجم أي جندي. القانون في اسرائيل يلزم بتقديم المشبوهين امام قاض خلال 24 ساعة منذ لحظة الاعتقال. التشريع العسكري في الضفة الغربية يسمح باحتجاز المشبوه الفلسطيني في الاعتقال حتى 96 ساعة بدون مثوله امام قاض. فعليا، الشرطة عرضت على هامرشيلك وشليف في اريئيل أن يتم اطلاق سراحهما مقابل اقامة جبرية وابعاد، لكنهما رفضا ذلك. هما لم يرتكبا أي مخالفة، قالا. هما عرفا أنه سيتم في الغد احضارهما امام قاض وكانا يعرفان بأنه سيتم اطلاق سراحهما. هامرشيلك قال للقاضي بأنهما لم يعرفا هل وكيف سيؤثر رفضهما على اطلاق سراح الخطيب.

رفضهما التحرر فورا سهل على محاميتهم، رهام نصرة من مكتب ميخال فومرنتس، تحرير الخطيب ايضا قبل انتهاء الـ 96 ساعة. في يوم الاثنين بعد الظهر سارعت الى تقديم طلب لاطلاق سراح الخطيب الفوري، الامر الذي يلزم سكرتاريا المحكمة العسكرية بتحديد جلسة. هذا ليس أمر سهل: من كثرة المعتقلين، المحامون في الضفة تكيفوا بفترة الحد الادنى من ايام الاعتقال الاربعة، وبشكل عام لا يحاولون اطلاق سراحهم قبل ذلك. 

يوم الثلاثاء تم احضار الاسرائيليان امام المحكمة في بيتح تكفا. الشرطة طلبت تمديد اعتقال هامرشيلك وابعاد شليف عن الحقل مدة 15 يوم من اجل “استكمال التحقيق”. نصرة عرضت فيلم يثبت رواية المعتقلين. لو كان لدى الجنود افلام تثبت العكس فان الشرطة كانت ستكون سعيدة برؤيتها. القاضية ليئات هارتسيون استنتجت ان الشرطة يمكنها “استكمال التحقيق” حتى اذا تم اطلاق سراح الاثنين. نصرة ارسلت على الفور المحضر للمحكمة العسكرية في سالم في شمال الضفة وسارعت بالسفر الى هناك وطلبت عقد جلسة على الفور لمناقشة اطلاق سراح الخطيب. في الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر اتخذ قرار بأن الجلسة ستعقد في الساعة الخامسة إلا ربع بعد الظهر. 

الخطيب بقي في منشأة الاعتقال في حوارة، وشارك في الجلسة بواسطة مكالمة فيديو. القاضي، المقدم سمزار شغوغ، استنتج أنه يوجد “اشتباه معقول بأن المتهم دفع الجنود وحاول الدخول الى منطقة عسكرية مغلقة”. مع ذلك اطلق سراحه بكفالة ذاتية بمبلغ ألف شيكل. في الساعة السادسة والنصف مساء يوم الثلاثاء اطلق سراح الخطيب. في يوم الجمعة والسبت الماضيين انضم الخطيب الى قاطفي الزيتون في قرية بورين