بقلم: سميح خلف

إيران .. مرحلة التحول.. إلى أين؟!

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

ترجمة نتائج الانتخابات الايرانية بفوز ابراهيم رئيسي في الثالث من اغسطس 2021 بفوزه ب 62 مقعدا في مجلس الشوري وهو المؤسسة الفعلية التي تمثل السلطة التشريعية والبت في قضايا الدولة بعد مرشد الدولة الاسلامية خامنئي ، تلك الدولة في انتخاباتها الثالثة عشر الرئاسية و التي فاز فيها ابراهيم رئيسي و التي تعمل بولاية الفقيه حيث اعلى سلطة في البلاد و اعلى تشريع للمرشد خامنئي ولكن تلك الانتخابات اتت برحيل الرئيس السابق حسن روحاني الذي وصف بالاعتدال بعد رئاسة احمدي نجاد الذي كان اكثر تطرفا في سياسته الداخلية والخارجية وان كانت شهدت بعض الخلافات مع بعض المتشددين في الدولة ، ولكن ما نسطيع القول به ان هناك سياسة عامة و استراتيجية للدولة بقيادة المرشد لا يمكن ان يتخطاها اي رئيس قادم والفكرة في الرئيس او وجود الرئيس تأتي بوضع هيكل لسلطة تنفيذية يمتلك فيها الرئيس الصلاحيات بديلا عن مسمى رئيس الوزراء ، فالرئيس الايران له صلاحيات وسلطات تشغيلية في الوزارات و المؤسسات الاخرى و تحديد كيفية توظيف سفراء ايران في الخارج ولكن هناك حقيبة الخارجية التي تخضع لمقاييس اخرى ورؤية المرشد و مجلس الشورى ايضا .

لا نريد ان نبحر كثيرا في وضع تفصيلات للنظام السياسي الايراني والدولة الاسلامية بعد الثورة الاسلامية عام 1979 و ما شهدته من احداث وصراعات مع مجاهدي خلق المدعومة امريكيا و الحرب العراقية الايرانية ووجودها في منطقة المتغيرات الكبرى في افغانستان و حركة الاهواز التي تطالب بالاستقلال كأرض عربية ولكن في خضم ذلك اعتقد في اخر الستينات احتلت ايران ثلاث جزر تابعة للاماراتالعربية طنب الصغرى و الكبرى وابو موسى ولكن ايران تجاوزت تلك الاطماع الاقليمية الى ماهو ابعد من ذلك في مناطق اخرى في الوطن العربي علما ان ايران تحتوي على العديد من المذاهب والطوائف التي تعود لاصول تركمانية و كردستانية وخورسان و جيلان و يصل تعدادهم تقريبا 10 ملايين من مجمل 80 مليون مواطن ايراني .

وصف ابراهيم رئيسي بإفرازات الجناح المتطرف والاكثر تطرفا والذي سيدير الجبهة الداخلية ضد المعارضة العلمانية التي تطالب بالحريات داخل ايران والتي قامت بعدة انشطة و مظاهرات في الداخل الايراني ولكن من المهم ان نذكر هنا ان ايران التي تعاني من الحصار و القرارات الامريكية الصارمة تعاني من ازمة اقتصادية داخلية لا تتناسب مع مسؤولياتها الداخلية في ادارة الدولة ونفوذها خارج ايران و مسؤولياتها نحو اذرعها في المنطقة العربية والتي وصفها اكثر من مسؤول ايراني بأن ايران تمتلك 4 عواصم عربية .

الاتفاق النووي 5+1 مع امريكا واوروبا والذي سمح لايران بتخصيب اليورانيوم بنسبة محددة لا تساعد على انتاج قنبلة نووية والذي لغاه الرئيس الامريكي السابق ترامب وبرغم هذه الازمة الاقتصادية الكبرى نحو التزاماتها في العراق والفصائل الموالية ولبنان و حزب الله وسوريا واليمن ومساندتهاالفعالة لأجنحة المقاومة الفلسطينية في غزة و التي لا تقتصر فقط على حماس والجهاد الاسلامي بل لفصائل اخرى مسلحة قد يكون بعضها يساري و بعضها قومي وكذلك الامر دعم فصائل المقاومة المتواجدة في دمشق .

بعد فوز الرئيس بايدن في الانتخابات الامريكية ربنا قد توافق جزئيا مع بعض سياسات ترامب ولكن الرئيس الامريكي بايدن التزم بسياسة الحزب الديمقراطي الامريكي المناهض لسياسة الحزب الجمهوري ولكن اكمل المسيرة في الانسحاب من افغانستان والعراق وتقليص النفوذ في سوريا و الموقف الحيادي في الصراع بين الحكومة الشرعية في اليمن والتحالف العربي بقيادة السعودية و الحوثيين من طرف اخر واخذ بعض الاجراءات التكتيكية مثل تقليل المساعدات العسكرية للسعودية ودعوة الاطراف الى الحوار السياسي.

بلا شك و بكل العقوبات التي فرضتها امريكا ومازالت قائمة حتى في الحوار والمفاوضات بين ايران وامريكا و الغرب تعترف امريكا بحق ايران كقوة اقليمية مسيطر عليها ضمن اتفاق وعدم وصول ايران لتصنيع قنابل نووية التي اعدت لها صواريخ طويلة وقصيرة المدى ، اعتقد ان الموقف الامريكي ضعيف جدا نتيجة متغيرات دولية كظهور الصين في الصراع الاقتصادي الدولي وجائحة كورونا والديون الداخلية الضخمة في داخل الولايات المتحدة الامريكية .

المباحثات التي تتم الان تحاول ايران ان تخرج منها بأكثر المكاسب بشرطية رفع العقوبات قبل الوصول الى اي اليات للرقابة الدولية وتزيد من قدرة مفاعلاتها النووية على تخصيب انتاج اليورانيوم و الحقيقة التي لا تريد تلك الدول مواجهة العالم بها ان ايران اصبحت قادرة على تصنيع قنبلة نووية وفي شك اصبح كبيرا لدى حلفاء امريكا في المنطقة العربية بأن امريكا قد ترفع حمايتها تدريجيا عن الخليج و مناطق اخرى و كان هناك مؤشرا هاما بانسحاب امريكا المهين لها من افغانستان و مهما كانت التحليلات والتشكيك بنظرية المؤامرة لدور قد تلعبه طالبان ضد ايران ودول اخرى و خلق منطقة صراع جديدة لايران في اذربيجان و افغانستان .

ايران تتصرف ان من حقها التواجد في مناطق الفراغ و اهمها المنطقة العربية التي عجزت انظمتها عن تكوين وتشكيل فضاء عربي قوي متحد مستقل يتبع الاقتصاد الامريكي و ما اشارت له امريكا لحلفاؤها بأن هناك خطر ايرانيا دائما يهدد المنطقة العربية وبالتالي تحديد ممرات التعاون والحماية الى ما يسمى دولة اسرائيل التي دفع بها بها ترامب لعقد معاهدات واتفاقيات تطبيع بين تلك الدول واسرائيل ولم يخرج الرئيس بايدن عن تبني هذه الفكرة وهذا الدفع بالانظمة العربية للاتحاق باتفاقية ابراهام ، فالمحاولات جارية مع عدة دول عربية اخرى و ممارسة ضغوط عليها من اجل ذلك .

ايران تتحرك بثقة كاملة كدولة مؤثرة في المنطقة في حين تتراجع فكرة اسرائيل القوية التي قد تساهم في حماية الفضاء العربي بعد معاركها في غزة واخفاقها في تحقيق اي انجاز عسكري بصرف النظر عن اي نتائج سياسية .

ايران تتحرك من خلال صراع حوثي سعودي عربي اثبت فيه الحوثيين جدارة في الميدان و انهم قادرين على استخدام اسلحة تكنولوجية بعيدة المدى قد تصيب عمق فلسطين المحتلة كذلك الامر مع فصائل عراقية موالية لايران التي اجبرت القوات الامريكية على الرحيل وقصة حزب الله قصة اخرى اكثر واكبر تهديدا لاسرائيل لما تمتلكه من طائرات مسيرة حديثة و صواريخ تقدر بعشرات الالاف ومقاتلين عقائديين ، ففكرة ان اسرائيل ستكون حامية النفوذ الغربي في المنطقة قد انتهت ، وربما اي مواجهة شاملة مع ايران وحلفائها في المنطقة العربية قد تحدث انهيار كامل لما يسمى اسرائيل في ظل محددات دولية وقوى اخرى غير امريكية قد تقتل اي جماح امريكي للتدخل في المنطقة بما سيؤدي هذا التدخل الى حرب عالمية وابادة ربما لغالبية العالم ، ولذلك من تفاهم بايدن لتلك المعادلة الصعبة خفضت امريكا من مواقفها كما اعتمدها ترامب لحوار سياسي ولشراكة مستقبلا في المنطقة ترعى مصالح امريكا ومصالح ايران ، طبعا هذا على حساب الامة العربية ومصالحها وربما هناك تفكير من انظمة عربية في الخليج العربي لحوار مع ايران يستبق اي اتفاق بين ايران وامريكا والغرب ، امريكا مازالت على استحياء في محادثات تتم بين اوروبا وايران حول مشروعها النووي والاتفاق النووي السابق ، فالاتفاق السابق كان بين 5+1 اما الحوار الدائر الان بين 4+1 ، ولكن بالتاكيد ان امريكا هي المايسترو لاوروبا وربما من اخطر الرسائل التي وجهتها الادارة الامريكية لبنيامين نتنياهو سابقا بان يكف اللعب مع ايران لانها تعني زوال اسرائيل وكذلك الرسالة هي ذاتها التي وصلت لنفتالي بينيت والتي كانت امريكا سبب في تغير واجهات النظام السياسي الاسرائيلي بهزيمة نتنياهو ، والمؤشر الاخر ان سياسة امريكا هي احتواء فصائل المقاومة في غزة واخراجها من النفوذ الايراني او التبني الايراني لمقاومتها كذلك الحال ربما هناك محاولات عقيمة لتقليص النفوذ الايراني في سوريا واضطرار ايران لسحب عدة الاف من المقاتلين من قواتها في سوريا مما اعتبرته امريكا واسرائيل انجاز فسرته اسرائيل ناتج عن ضرباتها للقواعد الايرانية والازمة الاقتصادية التي تعاني منها ايران نتيجة الحصار الامريكي .

اما في العراق ومن خلال الانتخابات فقد انتجت تلك الانتخابات تراجع انتخابي للفصائل الموالية لايران وصعود قوى سياسية اخرى وصعود الصدر لاكثر من سبعين مقعد في تشكيل البرلمان العراقي وربما القوة الكبرى في تشكيل الوزارة القادمة ، ولكن متغيرات واعتراضات على نتائج الانتخابات من الفصائل الموالية لايران ولا اعتقد اي حكومة تشكل مركزيا ستنهي النفوذ الايراني وخاصة في منطقة الجنوب واذا لم يحدث توافق وطني مع تلك الفصائل ربما ستكون حرب اهلية داخلية لن تستقر بعدها العراق وهذا لا يثني تلك الفصائل من التاثير المباشر في سوريا وربما فلسطين ايضا اذا ما كان هناك عدم توصل لاتفاق متفق عليه بين امريكا وايران فالجميع الان يعمل كل الجهود للتوصل لهذا الاتفاق فبدونه ستبقى المنطقة على فوهة المداخل والصواريخ التي لا يعرف مداها فالكل حريص على الوصول لنتائج مهمة باعتراف دولي بقوة ايران الاقليمية ضمن خطوط عرض وطول تحفظ المصالح الامريكية والغربية ، اما ما يحدث في الساحة اللبنانية وتحرك مسؤول القوات اللبنانية جعجع لتحريك حرب اهلية او شبه حرب اهلية للدفع بتدويل لبنان وتقسيمها وتهديدات حسن نصر الله الاخيرة واشتراطه بتغيير قاضي القضاة في تفجيرات ميناء بيروت يؤهل على ان لبنان ستدخل في مرحلة صعبة اذا لم يلجئ الجميع للتوافق ضمن معادلة وحدة لبنان ، ولذلك ستبقى ايران ونفوذ ايران من خلال حزب الله هو المهدد الرئيسي لركيزة امريكا والغرب في المنطقة اسرائيل ، اذا نحن مقبلين على متغيرات في المنطقة تصنع في دائرة الحوال 4+1 مع ايران ولكن ايران هي قوة اقليمية يعترف بها الغرب والدول الكبرى .