شراكة واشنطن وتل ابيب في ارتكاب الجرائم في الشرق الأوسط أصبحت معروفة

حجم الخط

بقلم بسام ابو شريف 

 

التفكير السياسي المنطقي والجدلي لا يمكن ان يحلل الوضع الراهن دون ان يربط ما يدور على الأرض في أكثر من منطقة وبلد في الشرق الأوسط في وقت واحد وعلى مايسترو واحد.

ولا يمكن لأي محلل منطقي ومتتبع للتفاصيل سواء المعروفة والمعلنة او تلك قد تقرأ من خلال ما ينشر في النيويورك تايمز او الواشنطن بوست او الصحف الإسرائيلية ، لا يمكن الا ان يرى ان الولايات المتحدة بقيادة البيت الأبيض الراهن والتي ترفع شعار الدبلوماسية هي طريق حل الأزمات … هي نفسها التي تشن حرباً إرهابية دموية على الأرض في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين.

وهي التي تسعى الى اثارة الفتن والقلاقل والعمليات الارهابية في أكثر من بلد بما في ذلك افغانستان التي هرب منها الامريكان نتيجة هزيمتهم التي تراكمت على مدى عشرين عام من القتال.

قبل ان نبدأ بالحديث عما جرى في بيروت ، علينا ان نتذكر وان كانت الاحداث اليومية أصبحت تقرأ وكأنه أخبار عادية علينا ان نتذكر ماذا يجري في فلسطين وكيف يتصرف الحكم العنصري وجيش الاحتلال العنصري تجاه شعب بأكمله وتجاه أهل القدس والقدس والخليل ونابلس وكل قرية فلسطينية في الشمال او الوسط او الجنوب من الضفة الغربية.

وكذلك علينا ان نتذكر الحصار المفروض على قطاع غزة ومختلف انواع الضغوط التي تمارس على فصائل المقاومة في قطاع غزة لإرغامها على الموافقة على شروط غير مقبولة مقابل نتف من فتحات في جدار الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة.

ففي فلسطين ، لا شك ان اي متتبع لما يدور على الأرض وما يرتكب من جرائم ضد الفلسطينيين سواء كانوا أسرى في السجون او اسرى في المناطق التي تدار وتحاصر من قبل قوات الاحتلال ان يرى ويلمس التصاعد الرهيب في العمليات الدموية التي ترتكبها قوات الاحتلال سواء اطلق عليها اسم مستوطن او لقب جندي.

واذا أخذنا مثالاً على ذلك ، بيتا، وجبل صبيح او بيت دجن او كفر قدوم ، نجد ان الخسائر التي الحقت بصفوف المدنيين العزل خسائر كبيرة جداً بسبب اطلاق جيش الاحتلال والمستوطنين النيران الحية على المواطنين الذي يدافعون عن أرضهم وشجرهم وكرامتهم.

وكذلك نرى ان عدد الجرحى والمصابين ارتفع ارتفاعاً هائلاً وكذلك استمرار العدو الاسرائيلي في اقتحام قطاع غزة من مناطق عدة والاغارة عليها متى يريد وعند ما يجد هدفاً ثميناً يضربه لعرقلة نمو المقاومة.

تزامناً مع ذلك قامت الولايات المتحدة واسرائيل وعبر المفاوضات الاخيرة التي جرت بين قيادات عسكرية وسياسية امريكية وقيادات عسكرية وسياسية اسرائيلية ، قام العدو الاسرائيلي بالاغارة على سوريا ، كان أخرها الغارة على تدمر التي شكلت نقلة نوعية في الإرهاب والتعاون الامريكي الإسرائيلي الرجعي العربي لضرب سوريا جيشاً وشعباً ومقاومة.

لكن ما جرى في سوريا ليس الغارة على تدمر فقط، والتي استخدم فيها بوضوح وبشكل مكشوف قاعدة التنف التي اقيمت على الارض الاردنية في منطقة محاذية وقريبة من سوريا والعراق في الوقت نفسه.

كانت تلك الغارة استخدمت فيها اسرائيل تقنيات الولايات المتحدة لترتكب مجزرة كبيرة بصفوف قوات الجيش العربي السوري وقوات حلفاء سوريا المتمركزين في تلك المنطقة قرب تدمر.

لقد انزلت تلك الغارة خسائر كبيرة في الأرواح بصفوف المقاومين والمجاهدين السوريين وحلفائهم.

واستخدمت فيها تقنيات أمريكية متقدمة للتشويش على رادارات روسيا وسوريا المنصوبة على الارض السورية.

وفي هذه الاثناء كانت قوافل التعزيزات العسكرية تنقل من العراق الى سوريا خصوصاً في المناطق المحيطة بحقول النفط والغاز وتركزت في القواعد الامريكية المقامة في الحسكة.

كذلك شاهدنا بوضوح تشجيع ودفع البيت الأبيض الأمريكي وتل ابيب لبعض قيادات قسد لشن عمليات لضرب القوات التركية عبر الحدود السورية التركية اي ان العمليات تمت على الارض التركية من خلال التسلل من الارض السورية الى الارض التركية.

وقد تكون هذه الخطوات اي السماح ودفع وتشجيع المجموعات المسلحة الكردية من قسد لتوجيه ضربات للجيش التركي عبر الحدود ، قد تكون نوعاً من الضغوط على انقرة ، كي ترضخ لشروط الولايات المتحدة دون نقاش ، وقد تكون جزئاً من المخطط الذي يستهدف تقسيم سوريا واعلان شمال شرق سوريا منفصلاً عن الارض السورية التي اتفق جميع من التقى في سوشي على ان تكون السيادة السورية كاملة على كامل الارض السورية الموحدة.

وفي الوقت نفسه صعدت قوى العدوان على اليمن من غاراتها الجوية حتى بلغت خلال الاربعة الايام الماضية قرابة مئة وعشرين غارة جوية ، استخدمت فيها ذخائر أمريكية لا شك ان بعضها معروف انه محرم دولياً، كل ذلك لمنع قوات الحرية والتقدم والجهاد اليمنية من تحرير مآرب ، كون مآرب هي الثروة الطبيعية اليمنية التي تمكن قوى الثورة وقوى الجهاد والكفاح والمقاومة من الانتصار في معركة تحرير كامل أرض اليمن شمالاً وجنوباً.

ثم جاءت أحداث بيروت لأسباب متعددة ولكنها مترابطة ومنسقة مع ما يجري في فلسطين وسوريا واليمن والعراق.

فبعد انكشاف التزوير الذي مورس في الانتخابات العراقية لعرقلة تصاعد دور الحشد الشعبي العراقي ، مع انكشاف هذا وبدء العد اليدوي مرة أخرى للأصوات هوجمت بيروت.

بيروت هي العاصمة التي شكلت عقبة كئداء في وجه الهيمنة الامريكية التي شكلت مقاومة صلبة ومعلنة وحازمة لكل الإملاءات الامريكية والتي مكنت لبنان رغم الحصار والتجويع ومحاولة ذبح لبنان من الوريد للوريد، تمكنت من حماية لبنان وبقائه واقفاُ على قدميه في مواجه عمليات الحصار هذه.

وشنت واشنطن حرباً حقيقية تبدأ بلعب دورها الخبيث في المفاوضات حول مياه لبنان ومخازن الغاز والنفط اللبنانية التي تستغلها اسرائيل زوراً وبهتاناً واعتداءً.

مروراً بمحاصرة لبنان مصرفياً ومحاصرة لبنان دوائياً ومحاصرة لبنان غذائياً.

وتصرفت سفيرة الولايات المتحدة وكأنها المندوب السامي الذي يصدر تعليماته لجهات سياسية في لبنان ليتحركوا ضد من ؟! ضد المقاومة اللبنانية التي شكلت عقبة كئداء في وجه السيطرة الامريكية على لبنان وغير لبنان ، ولعبت دوراً في التصدي للعدوان على سوريا ولعبت دوراً هاماً في مساندة المقاومة اليمنية والمقاومة الفلسطينية والمقاومة في العراق.

ما جرى في بيروت هو بداية حرب ميدانية على حزب الله ، هو بداية حرب الولايات المتحدة واسرائيل وحلفائهما في لبنان والمنطقة على حزب الله وعلى القوى المجاهدة والمقاومة والتي تلعب دوراً هاماً وحاسماً في مراكمة الانتصارات الصغيرة التي ستؤدي الى خروج الولايات المتحدة نهائياً من الشرق الاوسط ، قواعد عسكرية ونفوذاً سياسياً.

ولا شك لدينا نحن ، ويجب ان لا يكون هنالك شك أيضاً لدى اي محلل منطقي ان الولايات المتحدة واسرائيل لجئتا لحلفائهما على الساحة اللبنانية في محاولة لتفجير تلك الساحة ، تارة كصراع سني شيعي وتارة كصراع اسلامي مسيحي ولكن في نهاية الامر كان يصدر باستمرار كما صدر اليوم كلام عن السفيرة الامريكية يحدد أهداف ومرامي الادارة الامريكية وحليفتها اسرائيل وحلفاءها من الذين يدورون في فلكها من أنظمة العار والتطبيع والخضوع لإسرائيل.

فقد قالت سفيرة أمريكا ، قاضي التحقيق خط احمر .

وهذا توجيه لحلفاء الصهيونية في لبنان وحلفاء البيت الأبيض في لبنان للتمسك بذلك القاضي الذي جير كل التحقيقات ولفلف وكذب وميز بحيث تتهم قوى سياسية تقدمية مقاومة بلعب دوراً او بالتسبب بالانفجار في ميناء بيروت، لذلك نرى ان ذلك القاضي رفض الكشف عن ما ادى اليه التحقيق حتى هذه اللحظة وراح يصطاد في الماء العكر ويهاجم بعض الذين لا يجدون في الساحة اللبنانية من يحميهم او يهدد بإسمهم كرئيس الوزراء السابق حسن دياب.

قرر حزب الله وحركة امل والمردة ان يحتجوا على ذلك القاضي ويطالبوا بعزلة عن التحقيق ، وتبين من خلال هذه المسيرة ومن خلال افشال كل الطلبات القانونية المقدمة من أجل عزل ذلك القاضي عن ملف التحقيق ، تبين مدى الاختراق الذي تمكنت منه الولايات المتحدة وحلفائها من الهيمنة على مسارات في القضاء اللبناني أفقدته استقلاليته وموضوعيته وصدقه.

لن ندخل هنا في التفاصيل، فالتفاصيل هنا كلها موجودة لدى الجميع ، فالاعلام لا يخفي شيئاً وينشر ما يقال هنا وما يقال هناك وينشر الارقام التي تنشر هنا وتنشر هناك ، ولكن ما يهمنا هنا ان نقول ، ان ما يجري في فلسطين وسوريا ولبنان واليمن والعراق هي جوانب منسقة في مخطط واحد، يقوده التحالف الامريكي الصهيوني الرجعي العربي ضد محور المقاومة.

مقابل ذلك، لم يعد ممكناً الحديث حول اي شيء اخر سوى ان هذا العدو الذي يشن حرباً ، اي لا ننتظر منه عدواناً لأنه يعتدي فعلاً في كل لحظة على أمتنا العربية وأقطارنا وشعوبنا ومقاومينا.

يبقى ان نقول كم أسلفنا ان على محور المقاومة واجب فوري ومن الضرورة التنفيذ بسرعة مع أخذ الاحتياطات والاراء الحكيمة بعين الاعتبار عند التنفيذ الميداني.

مطلوب من محور المقاومة ان يشن هو هجماته الدفاعية ، يجب ان لا نبقى في موقع وفي ركن تحت راية ، اذا اعتدوا سنرد عليهم، ان الاعتداء قائم في كل لحظة والعدوان مستمر ، والمخطط يتصاعد ويحاولون اثناء انهيار امبراطورية الولايات المتحدة في المشرق ، يحاولون ان يخففوا من خسائرهم بمضاعفة خسائر محور المقاومة وشعب المقاومة وجيوش المقاومة.

ولا شك ان اسرائيل سعيدة بهذا الاتفاق الامريكي الذي ابرم بين قادتها وقادة الولايات المتحدة ، فهي تعيش على دم الشهداء الذين يسقطون بقنابلها وغاراتها ورصاصها ، وهم عزل، كما يجري في فلسطين ، وكما يجري في اوساط الاطفال اليمنيين ، وكما يجري على الارض السورية ، وكما يجري في لبنان ، هم يرتكبون الجرائم ويرقصون حول الضحايا.

جواب المقاومة يجب ان يكون واضحاً، هجوماً دفاعياً لا تهاود فيه ولا هدنة ولا توقف وأصبح معروفاً وان لم يكن لدى البعض ، فليكن معروفاً ان توجيه الضربات الهجومية دفاعاً عن النفس ستكون فاعلة جداً ان هي وجهت الى داخل معسكر الاعداء ، وليس في مياديننا نحن، فالعدو يحاول ان ينقل المعارك الى مياديننا باستمرار وعلينا ان نقول هذه المرة بجرأة وشجاعة وان نقوم بعمل شجاع وجريء وننقل المعركة الى أرض العدو بدلاً من نسمح له ان يستمر في استخدام أرضنا ميداناً لمعاركه وجرائمه وإرهابه.