عن مستوطنة تُدعى إسرائيل

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 

 




عندما يصرخ رئيس الحكومة: "نفقد الدولة"، ويعلن وزير العدل: "نوجد في حرب"، وعندما يتعلق هذان التصريحان بعدد عمليات القتل في المجتمع العربي وعجز الدولة في كبح الجريمة العنيفة التي أدت الى قتل مئة مواطن عربي قبل انتهاء السنة، بقي علينا فقط أن نضحك. لا توجد دولة يهودية، مثل دولة إسرائيل، في طريقها للضياع.
الدولة اليهودية حية وتتنفس يومياً قتل العرب، وتنكل بممتلكاتهم، وتقوم بالسطو المنهجي على أراضيهم، وتمس بحقوق الإنسان، وتقوم ميليشيات مسلحة مستقلة بإدارة مناطق بقوة الذراع، كل ذلك برعاية الدولة وحمايتها. هذه الدولة اليهودية تتقوى فقط. لا أحد أعلن الحرب على هذه الميليشيات، ورجال الشرطة لا يمكنهم الدخول الى بيوتها، فهم لا يحتاجون الى شراء السلاح بسرية أو تهريبه من معسكرات الجيش، كل ذلك يتم ضمن موافقة وصلاحيات.
وزير ومفتش عام للشرطة، ورئيس الأركان، أو رئيس "الشاباك" لا يمكنهم الحلم بأن يساعدهم حتى جيران المشاغبين في جهودهم، ويقدمون شهادات في الشرطة أو يبادرون الى نشاطات اجتماعية من اجل وقف أعمال الشغب. ومثلما يحبون أن يصفعوا العرب، هذه ثقافة، ثقافة السلب.
اذا كان في الجزء الغربي للدولة اليهودية يخاف رؤساء الجمهور العرب على حياتهم أو نسيج حياتهم اذا قاموا بخرق مؤامرة الصمت، فإنه في الجزء الشرقي للدولة لا يوجد للقيادة ما تخاف منه. فهي جزء لا ينفصل عن العصابة. العفو، عندما يحتدم النقاش في إسرائيل حول إشراك "الشاباك" في تعقب المجرمين في إسرائيل، والمقالات المتقدة تطالب بوقف هذه الخطوة الغبية خوفا من المس بحقوق الإنسان والديمقراطية بشكل عام، فإن الخوف الحقيقي هو أن يمس هذا القرار ايضا المواطنين اليهود في إسرائيل. من المؤسف أنه لا يمكن سن قانون يسمح لـ"الشاباك" بالعمل في المجتمع العربي فقط؛ لأنه عندها سيتلاشى الخوف سيتحول الى ثرثرة معتادة حول التمييز.
هذا الصمت، الذي تملّك قيادة المستوطنين عند سماع هذا الاقتراح، مسلّ وغير مفاجئ، حيث يمكن ايضا أن يمس بحرية عنفهم وزعرنتهم ايضا. أي أنه حسب الاقتراح هم ايضا يتوقع أن يتعرضوا لزيارات مفاجئة لرجال شرطة ومسؤولي "شاباك" وجنود يبحثون في بيوتهم عن "أدلة" على تنفيذ جرائم. في نهاية المطاف أيضا توجد عندهم آلاف قطع السلاح، منها المرخص ومنها غير المرخص، حتى في جواريرهم بالتأكيد توجد خطط عمل وصور وأفلام فيديو قصيرة ومذكرات وأقراص صلبة. يبدو أن هذه هي اللحظة التي فيها كان يجب على "زعران التلال" والقتلة في المجتمع العربي أن يشكلوا معا تحالف إخوة من اجل شن نضال لا هوادة فيه ضد نوايا الحكومة الخبيثة. هنا لم يسمع أي صوت من جبال الخليل أو من "المناطق" القفراء في "السامرة" ضد هذا الاقتراح. تعرف الميليشيات اليهودية جيدا بأنه حتى لو كان القانون الذي سيتم سنه يتمتع بالمساواة، فإنه في النهاية سيساوي مكانة العرب واليهود الذين يعيشون في الدولة التابعة لها والتي تسمى إسرائيل. هي نفسها ستكون في حل منه. واذا اخطأ شخص في الشرطة أو في "الشاباك" وفكر أنه من، الآن، سيكون بالإمكان العمل بنجاعة اكبر ضد من يطلقون النار على الفلسطينيين، أو أن يقتلع حقولهم ويضرب أولادهم، فهم سيعرفون كيفية التوضيح له أين يمر خط الحدود بين دولة إسرائيل ودولة اليهود، كما يقول شعار "ما يحدث في إسرائيل يبقى في إسرائيل".
عندما يعتقد نفتالي بينيت أننا "نفقد الدولة" بسبب المئة عربي الذين قتلوا فإنه هو نفسه يقوم برسم خط الحدود بين الدولتين. النقطة العمياء التي يعاني منها تمنعه من رؤية أن الدولة قد ضاعت. ليس لأنه لا يمكنها العثور على القتلة أو اجتثاث "أعمال الشغب" العنيفة في الجنوب، وليس لأن يد "الشاباك" مقيدة، بل لأن دولة إسرائيل عادت لتكون مستوطنة، هذه المرة بسيطرة الدولة العظمى للمستوطنين الذين استقروا في الحكومة وفي الكنيست وفي المحكمة العليا. هم يسمحون لها، بسخاء منهم، بالانشغال بالأمن الداخلي فقط.

عن "هآرتس"