منذ حوالى أسبوعين يصطدم عشرات رجال الشرطة بمئات الشبان الفلسطينيين في ساحة باب العامود، في مواجهات هي الأصعب منذ عملية "حارس الأسوار" في أيار الماضي. خلافاً لموجات عنف سابقة في شرق القدس، في هذه المرة يصعب تحديد ذريعة لاندلاع الأحداث. صحيح أنه في هذه المرة أيضاً يوجد توتر متزايد حول صلاة اليهود في الحرم، والتهديد بإخلاء العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح ما زال قائماً، لكن الفلسطينيين يذكرون بالتحديد حدثاً مختلفاً كلياً، تسبب بكل هذه الأحداث، شاب أصولي ابن 16، وهو ناشط يميني معروف في شرق القدس، احتفل بعيد ميلاده في ساحة باب العامود.
يدور هذا الشاب على كل نقاط المواجهات، ويوثق وينشر ويحتج على ضعف إسرائيل، كما يبدو، أمام الفلسطينيين. قبل أسبوعين احتفل بعيد ميلاده في ساحة باب العامود مع أعلام إسرائيل هو وعدد من أصدقائه، وهو الحدث الذي تدهور ووصل إلى تبادل الشتائم والتدافع مع الشباب الفلسطينيين. الشرطة قامت بإبعاده مدة 15 يوماً عن المنطقة، لكن في الأيام التالية جاء تقريباً في كل مساء شباب يهود من أجل استفزاز الفلسطينيين الذين يأتون إلى الساحة.
من الناحية الأخرى في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية دعوا دائماً للوصول إلى المكان للدفاع عن منطقة باب العامود من اليهود. في كل مساء تجمع هناك عشرات، بل مئات الشباب، وتستخدم الشرطة كالعادة القوة لتفريقهم، حتى لو يسبق ذلك رشق للحجارة أو عنف من قبل الفلسطينيين.
حقيقة أن "أعمال الشغب" هذه يمكن أن تبدأ بحفل عيد ميلاد تدل على الحساسية الكبيرة لدى الفلسطينيين في القدس للتهديدات، الحقيقية أو الوهمية، من قبل الإسرائيليين. حياة نحو 40 في المئة من سكان العاصمة في إسرائيل، الذين هم ليسوا مواطنين لأي دولة في العالم، مليئة بالكثير جداً من الشعور بالإهانة والخوف، حيث إن كل شيء يعتبر خطراً يجب عليهم حماية أنفسهم منه.
يندلع العنف على الأغلب فقط بعد أن يقرر رجال الشرطة تفريق التجمعات بالقوة. بعد ذلك تظهر تهديدات أخرى. أعمال سلطة الطبيعة والحدائق وسلطة تطوير القدس، التي كشفت هياكل عظمية لمسلمين دفنوا قرب البلدة القديمة، خلقت موجة جديدة لتجنيد الفلسطينيين. مؤخراً قام المسلمون بإحياء ذكرى المولد النبوي وتجمع مئات الأشخاص في الساحة للاحتفال. في ظل هذه المناسبة ووجود عدد كبير من الأشخاص زاد العنف المتبادل بين الشباب ورجال الشرطة.
الصور وأفلام الفيديو القصيرة لرجال شرطة وهم يضربون بالعصي ويدفعون دون استفزاز ويعتقلون بصورة عنيفة، صبت الزيت على النار. إحدى خصائص موجة العنف هذه هي عودة الهراوات.
مثلما في أحداث رمضان الماضي في أيار، أيضاً عيد المولد النبوي تم تخريبه كلياً في ظل العقوبة البيئية والجماعية لسيارة رش المياه العادمة وإطلاق قنابل الصوت. دائماً هربت عائلات تضم نساء وأولاداً من رعب هذا السلاح.
يبدو أن الرائحة الكريهة أصبحت جزءاً من ساحة باب العامود الفاخرة. الساحة هي الفضاء الأكثر أهمية للروح الفلسطينية في القدس، في المرتبة الثانية بعد المسجد الأقصى. هي ليست مجرد باب الدخول الأهم إلى البلدة القديمة والحرم، بل هي أيضاً القلب الاجتماعي والاقتصادي النابض لشرق القدس، وهي مكان رمزي لا مثيل له.
إغلاق الدرج من قبل الشرطة في مساء اليوم الأول من رمضان كان حجر الدومينو الأول الذي أدى في نهاية المطاف إلى إطلاق الصواريخ والعملية في قطاع غزة والعنف في المدن المختلطة. بقي فقط الأمل بأن تتوقف الأحداث في هذه المرة داخل حدود ساحة باب العامود.
عن "هآرتس"