نتنـيــاهــــو يخـــتـــار رئيـســـاً ذا أفـــــق ضـــيّــــق لـ"المــوســاد"

يوسى كوهين
حجم الخط

ؤالقادم. «يوسي الجميل»، هكذا يسمونه داخل المنظمة، شخص مهندم مثل عارضة أزياء من المستوى الاول، شعره مرتب بدقة، بدلات جديدة، وأحذية ايطالية، وكريم يدين.

الحقيقة هي أنه اذا كان هناك من يناسب شخصية جيمس بوند في «الموساد» فانه هو. «في خدمة سعادتها»، حسب ايان فلمنغ.

منذ زمن لم يكن لدينا رئيس «موساد» تمثيلي كهذا. مصدر سياسي عمل معه في السنوات الاخيرة قال الجملة التالية: «بعد لقاء معه، اذكر جيدا رائحة الافترشيف، لكنني أجد صعوبة في تذكر جوهر أقواله». كوهين كثير السحر، كان يشغل المتعاونين في «الموساد»، لكن أفقه ضيق وتعرّقه محدود.

أراد نتنياهو رئيس «موساد» كهذا بالضبط: يعرف ما يريد أسياده، ويكون مسلحا بأدوات دقيقة تقيس مزاج القائد، والا يكون مغامرا زيادة عن اللزوم. رئيس حكومتنا شخص حذر، ورؤساء «موساد» شجعان زيادة عن اللزوم قد يورطونه. بيبي يحب ألا يتورط. فقد تورط بما فيه الكفاية (خالد مشعل مثلا).

سوف يعرف يوسي كوهين بالضبط ما الذي يريده الرئيس، ويبذل قصارى جهده لتوفير ذلك. هناك من يعتقد أن البضاعة قد احضرت، على شاكلة تلك الاستشارة التي قدمها يوسي كوهين كرئيس لهيئة الامن القومي حول صيغة الغاز. هذه الاستشارة مكنت من اجراء حوار حول الصيغة في الكابنيت كحوار سياسي امني. ما رأيناه، أول من أمس، هو عمليا دفع ثمن تلك البضاعة.

في هذه المرحلة لا يعدو الحديث عن كونه نظرية مؤامرة. لو أجرى نتنياهو فعليا فحصا معمقا لاكتشف ان كوهين حاول وهو شاب التجند لـ»الشاباك» لكنه رفض ولم يقبل. وحسب المعلومات التي وصلت اليّ فان من وقع على الرفض كان الاخصائي النفسي في هيئة التجنيد لـ»الشاباك».

قد يكون هذا عنوانا لطيفا: رئيس «الموساد» لم يقبل لـ»الشاباك». ولكن هذا ليس على صلة بالموضوع. اجهزة التصنيف «الموسادية» لا تكتشف دائما الصواب.

حيث صعد كوهين في «الموساد» مثل النيزك ولا سبب يدفع الى التشكيك بقدراته. ومع ذلك، ومن حوارات كثيرة مع جهات عملت معه، يوجد انطباع بأن الحديث يدور عن شخص لا يحمل حلما اقليميا او قدرات عقلية خاصة، وانما مشغل جواسيس لديه الدهاء الطبيعي، وهو شخص يعرف بناء العلاقات ورفعها، وله قدرات تكتيكية لا بأس بها، لكن بدون عمود فقري قوي او مواقف واضحة يحارب من اجلها.

في نهاية المطاف تعيين معقول. بالضبط ما يبحث عنه نتنياهو. ونتمنى لهم ولنا النجاح. حول ما حدث وراء الكواليس لا توجد معلومات بعد. القليل من الصبر، وسيتبين كل شيء.

لماذا تأخر نتنياهو أكثر من نصف ساعة في الاعلان؟ صحيح ان نصف ساعة لدى نتنياهو ليست تأخيرا، ولكن من جهة اخرى يعرف رئيس الحكومة أن الحديث يدور عن بث حي في التلفاز وفرص كهذه لا يحب تفويتها. الامر الاكثر اهمية: لماذا قرر نتنياهو ان يعلن عن منصب رئيس «الموساد» في التلفاز؟ هنا الاجابة واضحة: انها مرحلة اخرى في تغيير طريقة الحكم في اسرائيل، من ديمقراطية برلمانية الى طريقة اماراتية.

رئيس «الموساد» وظيفة سرية وحساسة ويملؤها المجهول. وهكذا يجب أن يبقى. وخلال سنوات الدولة كان اسم رئيس «الموساد» ممنوعا من النشر.

رئيس حكومة كان يستطيع أن يكتفي ببلاغ متواضع للاعلام انه قرر تعيين «س» للوظيفة. لكن نتنياهو هو رئيس حكومة معقول.

يجب أن يخلق توقعات، واحضار طواقم البث امام العلم اليتيم، واثارة الانفعال، واصطناع «منافسة» يكون فيها الحكم الاخير والوحيد (بالاضافة اليها طبعا) ان يضعنا جميعا كل 3 مع بعض وعندها يظهر، مع البلور والصلاحيات والقيادة الطبيعية، وقول عدة كلمات حول الوضع، وامتداح «الشاباك» والاعلان من سيكون رئيس «الموساد». تسفيكا هدار فقط كان غائبا مساء أول من أمس.

كلمة أخيرة حول موضوع لا يمكن تجاوزه: قبة حديدية. 3 من 4 من رؤساء الاجهزة الامنية الاساسية لدولة اسرائيل هم متدينون. يورم كوهين رئيس «الشاباك» وروي ألشيخ المفتش العام للشرطة يلبسان الكبة، يوسي كوهين متدين بدون كبة، خريج معهد ورجل مؤمن. قائد الاركان فقط غادي آيزنكوت يمثل الجمهور العلماني، وافترض انه ستقال كلمات كثيرة عن ذلك وستندلع مجموعة من الاشتباكات.

في هذه المرحلة اقترح عدم الانفعال من هذا. لابسو الكبات يصلون الى المواقع الرفيعة لأنهم هناك. متجندون متطوعون ومتقدمون ومضحون ومندمجون. لا يمكن قول شيء بحقهم.

من يريد أن يكون موجودا في موقع اتخاذ القرار يجب أن يكون هناك. هم هناك. الآن أنا لا ألاحظ ان يورم كوهين، رئيس «الشاباك»، يختلف عن سابقيه، وبخصوص روني ألشيخ أسمع فقط كلمات جيدة ويوسي كوهي بحاجة الى فرصة ليثبت نفسه. كل اولئك الذين يشعرون بالتهديد من وجود الكبات المنسوجة في مواقع التأثير الاساسية على حياتنا يفعلون ذلك على عاتقهم الشخصي. هكذا هو الحال في الديمقراطية. والشعور بالتهديد لا حاجة له بالضبط مثل ولولة الطرف الثاني (وبالذات اليمين والصهيونية المتدينة) حول أنه لا يوجد تأثير في وسائل الاعلام.

عن «معاريف»