هارتس : لـن تـقـوم دولـة فـلـسـطـيـنـيـة، نـقـطـة!

حجم الخط

بقلم: روغل الفر


في كل ما يقال عن الاحتلال من غير المهم أي حكومة تدير اسرائيل. فهو في جميع الاحوال مستمر. استمر تحت حكم رابين وتحت حكم بيريس وتحت حكم شامير وحكم بيغن وتحت حكم نتنياهو واستمر تحت حكم باراك وتحت حكم بينيت – لابيد. الاحتلال استمر دون صلة بهوية الحكومة وناخبيها ومن يقفون على رأسها. واستمر ايضا عندما كان يبدو أنه يترأسها شخص اعلن عن رغبته في السلام مع الفلسطينيين وعندما يعلن رئيس الحكومة على رؤوس الأشهاد بأنه سيمنع اقامة دولة فلسطينية بكل ثمن.
لذلك، يجب الانتباه الى أن اعلان الحكومة عن منظمات مجتمع مدني في الضفة الغربية بأنها منظمات ارهابية يتساوق مع برامجها للبناء في الضفة بصورة تؤكد عملية قتل خيار الدولتين، الذي مات أصلا. وعندما اعلن نفتالي بينيت بأنه لن تكون مفاوضات مع الفلسطينيين ولن تكون دولة فلسطينية.
اذا اخذنا في الحسبان أن الاحتلال والمستوطنات و"الابرتهايد" هي سياسة جميع حكومات اسرائيل في الـ 54 سنة الاخيرة فإنه لا مناص من الاستنتاج بأن هذا ببساطة هو سياسة اسرائيل. سياسة شعب اسرائيل. من يعارضون الاحتلال هم قلة ويتضاءلون وعاجزون سياسية. من المهم مواصلة النضال ضد الاحتلال. هذا واجب اخلاقي. ومن المهم، الآن، ايضا الصراخ ضد العملية التي يقودها بني غانتس ضد منظمات المجتمع المدني في الضفة، والعمل على الغائها. ولكن يجب أيضا رؤية الصورة الكبيرة وهي أن الاحتلال قد نجح ومشروع الاستيطان نجح و"الابرتهايد" نجح. هذه حقائق ثابتة. لن تكون دولة فلسطينية. نقطة.
اذاً، ما الذي سيحدث؟ هذا غير معروف في الوقت الحالي. ربما دولة ثنائية القومية وربما فيدرالية وربما كونفيدرالية. في كل هذه النماذج استمرار لـ"الابرتهايد"، السيطرة الكولونيالية العنيفة على شعب آخر، هي الخيار الرائد. يبدو أنه ليس للجمهور في اسرائيل، الذي اختار الاحتلال ويريد الاحتلال وهو معني بأن يضع على رأسه حكومات تستمر فيه وليكن ما يكون، أي محفز أو أي مصلحة في انهاء الاحتلال، لا ايديولوجيا أو اقتصاديا أو اخلاقيا أو عمليا. ولأن اسرائيل تتميز وتتفوق بالاحتلال فمن غير المتوقع أن محفز كهذا سيظهر من جهة الفلسطينيين، على شكل انتفاضة شعبية ضد الاحتلال. الفلسطينيون هزموا، احيانا بأيدي انفسهم وعلى الاغلب بأيدي اسرائيل. ولكن الخلاصة هي أنهم غير قادرين على محاربة الاحتلال. وفي الاصل اذا بدؤوا بانتفاضة دموية اخرى ستؤلم حقا مواطني اسرائيل فإن الاحتلال سيظهر فقط لهؤلاء المواطنين بأنه اكثر تبريرا ويقتضيه الواقع وهو حيوي من اجل البقاء.
لا يوجد للفلسطينيين أي سبيل لاقناع المحتلين بالكف عن الاحتلال. لا بالقوة ولا بالعقل. هذا يمكن أن يفعله فقط العالم، الولايات المتحدة واوروبا وروسيا والصين. ولكن هل سيتحد العالم حقا من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي؟. في الوقت الحالي لا. فإسرائيل دولة قوية جدا ولها علاقات امنية واستخبارية واقتصادية متشعبة وعميقة مع جميع الدول التي تستطيع اجبارها على تحرير الفلسطينيين، أو، للاسف، جعل مواطنيها يفكرون بجدية بجدوى استمرار الاحتلال. بما في ذلك الدول العربية. في الولايات المتحدة وفي اوروبا هناك تيارات سياسية مهمة ومصممة على وقف الاحتلال، لكن في الوقت الحالي هي اضعف من أن تؤثر على الواقع.
لذلك، ايضا عندما ستقام الدولة ثنائية القومية أو الكونفيدرالية أو ما لن يكون فإن "الابرتهايد" والكولونيالية يتوقع أن يستمرا. هذا هو التنبؤ المعقول والرصين. يجب النظر اليه مباشرة. الى جانب استمرار مكافحة الاحتلال يجب الاعتراف بفشله، في الحاضر وفي المستقبل. هذا مؤلم جدا ويثير اليأس. وهذا يجعل أي نضال ضد بنيامين نتنياهو باسم حماية "الديمقراطية" مضحكا احيانا، لكن هذا هو الوضع.

عن "هآرتس"