نتابع بعض الفتاوى العجيبة، مع إعادة التأكيد على أن مصدريها لا يمثلون بالضرورة الإسلام الصحيح، العقلاني المتنور، وإنما يمثلون أحد تجليات ما يدعونها بالصحوة الدينية المتأثرة بالخطاب الوهابي.. لنتابع..
في الصومال أصدرت حركة «الشباب المجاهدين» فتوى بتحريم الأكلة الرمضانية الشهيرة «السمبوسة»؛ بحجة أنها تحتوي أضلاعاً مسيحية تُشبه أضلاع الثالوث المُقدس المسيحي، بحسب صحيفة «الاتحاد». ولا أستغرب هنا أن تصدر فتوى تحرم أكل «القطايف» بعد انتهاء شهر رمضان.
في غزة أصدرت حكومة «حماس» قراراً بمنع النساء من شرب النرجيلة في الأماكن العامة، ومنع محلات الملابس من عرض الدمى البلاستيكية (المانيكان) لأنها تتعارض مع ثقافة المجتمع «الإسلامية»، حسب رأي «حماس».
وفي مصر، أجاز الداعية المصري محمد الزغبي بمقطع فيديو نشره على «يوتيوب» أكل لحوم الجن، مشيراً في فتواه إلى أن الجن يتشكّل في صورة الإبل والماشية. وفي إطار الفتاوى السياسية، قال نائب رئيس حزب النور السلفي محمد عبد الهادي: إن نجاح حزبه في الانتخابات البرلمانية ورد في القرآن الكريم. وأفتى الشيخ عمرو سطوحى رئيس لجنة الدعوة الإسلامية بالأزهر بحرمة تزويج المسلمة لأحد أبناء أعضاء الحزب الوطني المنحل في مصر.
وفتوى تحريم اقتناء حيوان أنثى في بيت الرجل، أو حيوان ذكر في بيت المرأة، إذا كان كل منهما يعيش بمفرده، ولا يجوز للرجل أن يسبح في مسبح نزلت فيه نساء عاريات قبله. لا يحل للمرأة أن تلبس حذاء بكعب عال إلا لزوجها فقط. فيما أفتت شيخة سورية تدعى أمّ أنس بأن المقاعد والأرائك حرام ومن أخطر المفاسد، بحجة أنها تجعل الجالس عليها يسترخي ويفتح ساقيه، ما يثير فيه الشهوة، كما أنها تسمح للجان بمعاشرة المرأة.
وفي فتوى للشيخ ابن عثيمين أجاب عن سؤال فتاة رأت في منامها شاباً يحتضنها بقوة، وكيف تكفّر عن إثمها لأنها ابتسمت في الحلم، فقال: «الذي احتضنك في المنام هو الشيطان نفسه، أما ابتسامتك فتعني رضاك عما حدث، لذا يجب التوقف تماماً عن النوم لئلا يظهر الشيطان مرة أخرى، وتتطور الأحضان والقبلات إلى ما لا تحمد عقباه، وقد سمعت أحد المشايخ الأفاضل يقول: إن الزنى في المنام قد يؤدي إلى حمل المرأة سفاحاً، خاصة إذا كان نومها عميقاً». وشيخ آخر أفتى بأن على كابتن الطائرة المسلم أن يتجنب الطيران فوق بلاد الكفار، وإذا كان مُضطراً فعليه أن يحاول الطيران فوق تجمعات المسلمين (حتى يكون الطيران شرعياً).
أحد المتصلين بقناة دينية قال: بينما كنت أطل من نافذة بيتنا، رأيت عرساً أمام المنزل، تنبعث منه الأغاني والموسيقى والمعزوفات، فهل يجب أن أتوضأ مرة أخرى؟ فأجابه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ: إن الموسيقى هي مزامير الشيطان، فإذا كانت تنبعث من كمان أو عود أو جيتار فمن الأفضل إعادة الوضوء، أما لو كانت من طبلة تشبه الدف، والعرس على مسافة خمسين متراً، فلا حرج في الصلاة بنفس الوضوء السابق.
الشيخ ابن باز قال: إن الأرض هي مركز الكون، وإنها منبسطة ولا يجوز القول بكرويتها، واعتبرها أكبر من كل الكواكب والنجوم، وتقف على قرنَي ثور، وتهتز عندما تعطس الشياطين، أما الشمس فتنزل في المساء إلى قاع البحر فتبتل، وعندما تشرق من الناحية الأخرى تبدأ ضعيفة حتى يجف البلل عنها.
وأيضاً فتوى الشيخ ابن عثيمين في تحريم تعلم اللغة الإنجليزية، وفتوى الشيخ عبد الله بن جبرين في الجهاد ضد الشيعة ووجوب البصق في وجوههم. وفتوى الشيخ علي الخضير في جواز الكذب وشهادة الزور على المخالف لنصرة الدين وأهله، وهي خاصة بالمطاوعة فقط. وفتوى الشيخ ناصر الفهد في تحريم التصفيق. وفتوى الشيخ عبد الله النجدي في تحريم لعب كرة القدم. وفتوى الشيخ سليمان الخراشي في جواز نهب أموال الكفار وانتهاك حرماتهم. وفتوى الشيخ عائض الدوسري في جواز الدسيسة ضد الشيعة وأصحاب الأفكار المنحرفة، لإبعادهم عن التأثير على المسلمين. وفتوى الشيخ حمود الشعيبي في إهدار دم الفنان الكويتي عبد الله الرويشد. وفتوى هيئة كبار العلماء في السعودية بتحريم لعبة البوكيمون (وهي رسوم كرتون للأطفال). وفتوى الشيخ محمد العريفي بوجوب قتل «توم وجيري». وفتوى الشيخ محمد حسان بحرمة قيادة السيارة من قبل المرأة، وبعدم جواز إزالة الشعر الزائد من وجه المرأة ومن حاجبيها. الداعية المتشدد يوسف الأحمد اتهم وزير التربية والتعليم السعودي بإدارة مشروع إفساد الطالبات واختلاطهن بالرجال لأنه يصافحهن ويتصور معهن، وطالب في فتوى أخرى بهدم الكعبة وإعادة بنائها بالشكل الذي يمنع الاختلاط في موسم الحج.
وأغرب الفتاوى أثارها الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بمصر، حيث أفتى بأن «الذين لقوا مصرعهم من جماهير كرة القدم في إستاد بورسعيد ليسوا شهداء، إنما ماتوا في سبيل اللهو المحرم شرعاً»، مؤكداً أن «كرة القدم حرام شرعاً، وأنها لعبة دخيلة على المسلمين ومستقاة من الغرب»، مضيفاً: «إن الرياضات الثلاث الوحيدة التي أحلها الإسلام هي: الرماية والسباحة وركوب الخيل»، وكان الشحات قد أثار جدلاً في وقت سابق بتصريحاته بوجوب تغطية التماثيل الأثرية.
إذا كانت مثل هذه الفتاوى تصدر ونحن نعيش في عصر العلم والتكنولوجيا، فماذا لو كنا نعيش في العصور الوسطى؟! وإذا كانت قد صدرت في عصر حكومات علمانية، فكيف ستكون الفتاوى القادمة في عصر سيطرة الفكر السياسي الجهادي والأحزاب السلفية؟! يُخشى أنه بعد تسلّم السلفيين للسلطة، أن يتم تحريم ما لا يخطر على بالنا اليوم، كالماء والهواء والكهرباء؛ لأن القاعدة عند أغلبهم أن كل شيء محرّم، والشاذ هو الحلال.
مع يقيننا أن علماء الإسلام المتنورين (الذين نحترمهم) لا يقرّون بهذه الفتاوى، ويطرحون مثلنا نفس السؤال: لماذا التركيز على توافه الأمور، وإهمال القضايا المصيرية، كقضايا الجهل والأمية والمرض والفقر والبطالة والتخلف والفساد والقمع وانعدام العدالة الاجتماعية وغيرها؟!