انقلاب السودان العسكري وإتفاق ابراهام التطبيعي

التقاط.PNG
حجم الخط

بقلم:محمد النوباني

 

في معرض تعقيبه على الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عبد الفتاح البرهان امس الإثنين أعلن المبعوث الامريكي إلى السودان والقرن الافريقي جيفري فيلتمان بأن وقف الانتقال السلمي للسلطة في السودان وعرقلة عملية الإنتقال إلى الديموقراطية في الخرطوم سوف تؤثر على المساعدات التي تقدمها الادارة الامريكية لهذا البلد.
وعلى الرغم من ان اسرائيل لم تعقب بشكل رسمي على الإنقلاب إلا ان ثمة مؤشرات تؤكد بأنها مغتبطة لوقوعه ومؤيده له.
فقد إنتقدت صحيفة “يسرائيل هيوم” الاسرائيلية في عددها الصادر امس على لسان مصدر إسرائيلي مطلع موقف المبعوث الامريكي إلى القرن الافريقي من الانقلاب ولا سيما تهديده بوقف المساعدات للخرطوم.
واشارت إستناداً إلى المصدر الاسرائيلي المسؤول إلى أن الجناح العسكري في السلطة السودانية برئاسة عبد الفتاح البرهان يؤيد تسريع وتيرة التطبيع مع إسرائيل بموجب اتفاق ابراهام الذي كانت السودان إحدى الدول العربية الاربع التي وقعت عليه في حين ان الجناح المدني ممثلاً برئيس الوزراء عبد الله حمدوك يعارض ذلك.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هناك خلاف بين امريكا واسرائيل حول انقلاب السودان؟ أم ان الأمر لا يعدو كونه توزيع ادوار لغاية في نفس يعقوب؟!
من يعرف حكام أمريكا على حقيقتهم،وحقيقة سياستهم إزاء العالم العربي تحديداً، يعرف بانهم يعتبرون الديموقراطية الحقة في الوطن العربي، بما في ذلك في السودان تهديداً إستراتيجياً لمصالحهم ومصالح إسرائيل في المنطقة.
ولكي افسر اكثر فإن قيام انظمة حكم ديموقراطية على انقاض انظمة الإستبداد العربية تعني تهيئة أهم الشروط الضرورية لنهضة العرب وتطورهم وتمكينهم من تحرير ارضهم المغتصبة في فلسطين والجولان وحتى في السودان. بمعنى آخر فبما أن التحولات الديموقراطية في البلدان العربية تشكل تهديداً إستراتيجيا لأهم ثابتين في السياسة الامريكية إزاء المنطقة وهما نهب وسرقة الثروات العربية من جهة وأمن ومستقبل إسرائيل من جهة اخرى.
ولذلك فإن امريكا لا تؤيدها إلا لفظاً ولضرورات الإستهلاك الإعلامي عند الضرورة.
ولنفس هذا السبب فقد كانت امريكا ولا زالت تدعم النظم العربية المتخلفة والتي لم تشهد في تاريخها عملية انتخابية واحدة حتى لناد رياضي او لجمعية خيرية ومقابل ذلك تحارب بكل ما آوتيت من قوة كل التجارب النهضوية العربية وتستخدم القوة العسكرية الفتاكة لوأدها .
فوجود طغم عسكرية ونخب سياسية مستبدة في حكم الشعوب العربية يعني بقاء فلسطين تحت الاحتلال وبقاء بلداننا العربية متخلفة وتابعة للغرب ومدافعة عن إسرائيل في حين أن قيام انظمة حكم ديموقراطية يعني إنهاء التبعية والتخلف وولوج طريق التطور والنهوض وتحرير الارض والإنسان وهذا ما يرفضه الاعداء بكل قوة.
عود على بدء فإن ما يبدو من خلاف بين امريكا وإسرائيل حول الانقلاب العسكري في السودان، حيث تدعي واشنطن بانها تعارضه فيما تعلن إسرائيل بأنها تؤيده، ما هو إلا توزيع ادوار لاحتواء ثورة الشعب السوداني على حكم العسكر وفرض إتفاق ابراهام التطبيعي على الشعب السوداني وقواه الوطنية والتقدمية بدعم من انظمة التطبيع العربية.
ولذلك فإن عيون القوى التقدمية والديموقراطية السودانية يجب ان تظل مفتوحه على تحركات الاعداء لأن هدفهم المركزي هو منع ثورة الشعب السوداني من الذهاب إلى نهايتها المظفرة وآجهاضها وهي في منتصف الطريق كما حصل في مرات سابقة.
فالدفاع بدل مواصلة الهجوم هو مقتل للثورة وانتصار مبين لأعدائها.