اسرائيل اليوم– هذا ايضا فصل في تاريخ الدولة

تنزيل.jpg
حجم الخط

اسرائيل اليوم– بقلم  يوسي بيلين  

 

هذا ليس شأنا عربيا داخليا. المسرحية التي وقعت في الكنيست يوم الاربعاء كانت زائدة تماما. المواجهة بين النواب العرب، والمعارضة الهائلة لتعليم المذبحة في كفر قاسم في المدارس او لتمويل  حكومي  لجمعية تعنى بحفظ ذكرى الحدث – كانت معيبة.

هذا حصل في مثل هذا اليوم قبل 65 سنة. بخلاف بعض الاحداث القاسية التي لم تكشف الا بعد عشرات السنين واصبحت مركز جدال حول المذنبين فيها، كان هنا كل شيء واضح: فتحت حرب سيناء وتقرر فرض حظر تجول كامل في البلدات العربية. ولضمان تنفيذه صدر أمر باطلاق النار على من يخترقه. العرب مواطو اسرائيل ممكن كانوا يعملون خارج القرية وعادوا في المساء دون ان يعلموا بحظر التجول – اطلق جنود الجيش الاسرائيلي الذين فرضوا الحظر النار عليهم. قتل 49 شخصا  بدم بارد، دون أن يكونوا هددوا احدا ودون أن يكون في ايديهم سلاح، بينهم 9 نساء و17 طفل. الجرح في قلب القرية لم يلتئم ابدا، وكان الحديث احدى وصمات العار الرهيبة في تاريخنا. 

كما أسلفنا لم تخفى الفعلة. ففي كانون الاول وقف رئيس الوزراء دافيد بن غوريون في الكنيست وتطرق لـ “فعلة فظيعة تمس بالاسس المقدسة للاخلاق الانسانية المستمدة من توراة اسرائيل”. تشكلت  لجنة تحقيق ادت الى محاكمة وفيها تمسك المتهمون بحجة انهم نفذوا الامر بينما جاءت في قرار المحكمة جملة “علامة مميزة لامر غير قانوني على نحو ظاهر – من الحكم ان يرفرف علم اسود فوق الامر الصادر كعنوان تحذير خطير، يقول “محظور!”… اذا لم تكن العين عمياء والقلب مأطوما او فاسدا – هذا مقياس عدم القانونية اللازم لاجل الغاء واجب طاعة الجندي والقاء المسؤولية الجنائية عن افعاله عليه”.

العقوبات لم تكن سهلة، لكن رئيس الاركان ورئيس الدولة على حد سواء خففا عن المذنبين وجعلا معظم العقوبات عديمة المعنى. بعض من الضباط رفعت مراتبهم في الجيش أيضا. اسرائيل لم تتنكر، لكنها لم تأخذ على عاتقها مسؤولية كاملة عن افعال جنودها. بعض من اصحاب المناصب العليا في الدولة، من اليمين ومن اليسار، زاروا على مدى السنين كفر قاسم، اعربوا التضامن العميق واعتذروا، وبينهم ايضا كاتب هذه السطور. ولا يزال لم تكن هنا خطوة رسمية من الدولة. ان النية لتشريع قانون يلزم باعتذار رسمي من الدولة وتعليم القضية  ليس استفزازا، حتى لو كان استغلتها المعارضة. هذا ليس شأن عربيا داخليا بل شأن اسرائيلي عام، وحان الوقت لان نكون جميعنا شجعان بما يكفي كي نقيم له نصبا. 

يجدر بنا ان نتعلم من مصر. هذا الاسبوع، بعد 40 سنة، قررت مصر الغاء حالة الطواريء التي اعلنت فور الاغتيال المذهل للرئيس  السادات. حالات الطواريء تسمح للحكومات بان تستخدم صلاحيات تكاد تكون غير محدودة، وحتى لو لم تكن تستخدم كل ما هو  يسمح لها بان تفعله – فان مجرد الصلاحية بعمل ذلك خطيرة لكل مجتمع. 

يحتمل أن يكون جديرا للجارة الديمقراطية لمصر ان تتأزر بالجسارة وان تضع حدا لحالة تكون فيها هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في العالم التي تقيم في كل سنواتها حالة طواريء دون صلة بمستوى التهديدات عليها ودون صلة باتفاقات السلام التي وقعت عليها. 

طريقة غانتس. في الانظمة المطلقة تشكل جمعيات القطاع الثالث تهديدا لانها تعمل غير مرة، في مواضيع يوجد فيها نوع من النقد على الحكومات القائمة، سواء في المواضيع الاجتماعية ام في المواضيع السياسية والدينية. وميل هذه الحكومات هو لتضييق مجال عمل هذه الجمعيات او لالغاء مجرد وجودها بدعوى انها تخدم جهات خارجية تسعى الى ضعضعة استقرار الحكم. 

لا اعرف اذا كانت الجمعيات الستة التي قرر بيني غانتس اغلاقها هي حقا تهديد على امن الدولة، ولكن حتى لو كان محقا، فان الطريقة التي فعل فيها هذا تجاه زملائه في الحكومة وتجاه حلفائنا في العالم، تثير الكثير من علامات الاستفهام.