لـــبـــنــان التــهــديـــد الأخــطــر رغــــم الأزمـــات

حجم الخط

بقلم: ليلاخ شوفال



التهديد العسكري الأخطر للعام 2021 وأغلب الظن للأعوام القادمة أيضا هو التهديد من لبنان.
بين إسرائيل و»حزب الله» ردع متبادل، وتقدر محافل الأمن في إسرائيل بأن احتمال التدهور بين الطرفين آخذ في التعاظم كنتيجة لأحداث تكتيكية، من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد.
يعيش لبنان هذه الأيام ذروة إحدى الأزمات الأخطر التي شهدها – أزمة اقتصادية، سياسية، حزبية، طائفية، اجتماعية وصحية.
يتصرف «حزب الله»، العضو في حكومة لبنان، عملياً كتنظيم مستقل لا يأخذ على عاتقه مسؤولية ما يجري في الدولة، ويحتفظ بقوات مقاتلة ووسائل قتالية خاصة به، ويواصل تلقي التمويل الإيراني.
صحيح أن الأزمة لا تتجاوز التنظيم الإرهابي تماماً ولكن رغم مصاعبه الاقتصادية والانتقاد الداخلي ضده يواصل الحفاظ على قوته العسكرية وتطويرها.
الرأي السائد في جهاز الأمن الإسرائيلي هو أن الأزمة في لبنان قد تكون عاملا يلجم «حزب الله» عن استخدام القوة ولكن تجربة الماضي تفيد بأن الأزمات الداخلية من شأنها بالذات في بعض الأحيان أن تشجع على المواجهة لأجل خلق إحساس من التضامن وتوجيه النار نحو عدو خارجي.
خلق الأمين العام لـ»حزب الله»، حسن نصر الله، في السنوات الأخيرة لغة المعادلات، والتي يكمن المنطق الخفي فيها في عبارة «الدم بالدم» وفي إطارها هدد بأن يرد على كل هجوم إسرائيلي في الأراضي اللبنانية، بل أعلن نصر الله لاحقا أنه سيرد على كل إصابة لنشطائه في الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سورية.
ولإثبات إرادته، في تموز 2020 قُتل نشيط من «حزب الله» في هجوم نسب لإسرائيل في منطقة دمشق وهدد نصر الله بالثأر لموته.
في إسرائيل تعاطوا مع ذلك بجدية، ووجد الجيش الإسرائيلي نفسه في أكثر من مئة يوم من التأهب. رغم محاولاته، لم ينجح «حزب الله» في تنفيذ عملية.

«إسرائيل منعت التصعيد»
التخوف من نشوء آلية تصعيد تعاظم في السنة الأخيرة بعد أن أطلقت في عدة مناسبات، ولا سيما منذ حملة «حارس الأسوار» وفي أثنائها صواريخ من لبنان إلى إسرائيل.
وتتحمل المسؤولية عن معظم هذه الأحداث منظمات فلسطينية، من منطقة مخيمات اللاجئين حول مدينة صور.
وقعت الحالة الأخطر في بداية آب، حين أطلقت منظمات فلسطينية ثلاثة صواريخ من لبنان، ورد الجيش الإسرائيلي بنار المدفعية نحو لبنان، ولاحقا في غارة لطائرات قتالية نحو الطريق المؤدي إلى تلة عيشية في لبنان.
بعد يومين من ذلك نصب «حزب الله» نفسه كـ»درع لبنان» وأطلق رداً على ذلك 19 صاروخاً نحو إسرائيل، العدد الأعلى منذ حرب لبنان الثانية.
وانطلاقا من الرغبة في الامتناع عن آلية تصعيد اختارت إسرائيل ألا ترد مرة أخرى بوساطة طائرات قتالية بل الاكتفاء بإطلاق عشرات القذائف المدفعية. منع القرار الإسرائيلي التدهور الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة أو لعدة أيام قتالية.

عمليات سرية ضد «حزب الله»
لدى «حزب الله» اليوم أكثر من 70 ألف صاروخ لمديات مختلفة. ولا يتضمن العدد قذائف الراجمات، التي يوجد لدى «حزب الله» منها بضع عشرات الآلاف.
بعض الصواريخ مزودة بأجهزة تجعلها دقيقة لدرجة أمتار قليلة عن الهدف، ما يقلق جدا جهاز الأمن الإسرائيلي.
في إسرائيل يقدرون بأن لدى «حزب الله» نحو مئة صاروخ دقيق، أو أكثر بقليل، كما توجد أيضا قدرة أولية جدا على إنتاج صناعي لمثل هذه الصواريخ. والخوف في جهاز الأمن هو أنه إذا نجح مشروع دقة الصواريخ لدى «حزب الله»، فإن ميزان القوى بين التنظيم الشيعي من لبنان وبين إسرائيل قد يتغير.
في القيادة السياسية الأمنية يدور جدال فيما إذا كان تهديد الصواريخ الدقيقة من لبنان خطيرا بما يكفي ويبرر «ضربة مانعة» من جانب إسرائيل.
صحيح حتى الآن أنهم في جهاز الأمن يعتقدون أن التهديد لم يتجاوز بعد المستوى الذي يبرر ضربة مانعة.
وكما يذكر، على مدى السنين اختارت إسرائيل ألا تعمل ضد تعاظم قوة أعدائها كي لا تخاطر بحرب، إلا في حالتين شاذتين جداً: الهجوم على المفاعل العراقي في 1981 والهجوم على المفاعل السوري في 2007. وبالتالي، حتى هذا الوقت يتلخص الجواب الصهيوني على مشروع دقة الصواريخ لدى «حزب الله» في عمليات سرية ومصنفة وبالكشف العلني للمشروع لغرض إحباطه.

ينبغي تعزيز القوات البرية
إلى تهديد الصواريخ المدفعية الدقيقة لدى «حزب الله» ينبغي بالطبع أن يضاف أيضا الطائرات غير المأهولة، الصواريخ المتطورة المضادة للدروع، الصواريخ الجوالة، وبالتأكيد التهديد البري من لبنان.
إن التهديد البري المهم يأتي من جهة الوحدة العليا لدى «حزب الله» «قوات الرضوان» التي تعد بضعة آلاف من مقاتلي الكوماندو ممن جمعوا تجربة عملياتية في الحرب الأهلية في سورية.
أدت التجربة المتراكمة إلى تغيير فكري في التنظيم الإرهابي، مثلما وجد الأمر تعبيره أيضا في خطابات نصر الله التي يستخدم فيها مصطلح «احتلال الجليل»، وفي هذا الإطار يتدرب «حزب الله» لهجوم مفاجئ في أراضي إسرائيل، في أثنائه، إذا ما نشبت حرب بين إسرائيل و»حزب الله»، فإنه يخطط لتتوغل قواته في أراضي إسرائيل، تسيطر على استحكامات أو على بلدات قريبة من الحدود، وبذلك تحقق أيضا إنجازا واضحا في الرعب وفي الوقت ذاته تشوش على المناورة البرية لقوات الجيش الإسرائيلي في لبنان.
في الرد على ذلك، تعمل قيادة المنطقة الشمالية على سلسلة اشغال هندسية لتحسين البنى التحتية على طول الحدود بشكل يجعل من الصعب على «قوات الرضوان» التسلل إلى إسرائيل. كما أنه بعد سنوات من إخطار قيادة الشمال من أن الجدار بين الدولتين يتفكك، أقرت مؤخراً ميزانية لبناء عائق ذي مغزى أكبر على طول قسم من الحدود.
فضلاً عن ذلك، تستعد إسرائيل منذ سنين لمعركة في لبنان انطلاقا من الفهم بأن هذا هو التهديد الأساس في الدائرة الأولى.
في شعبة الاستخبارات توجد ترسانة كبيرة من الأهداف في لبنان، سواء لـ»حزب الله» أم لدولة لبنان، انطلاقا من الفهم بأن للبنان مسؤولية الدولة على الأعمال التي تجري في أراضيها.
ومع ذلك، رغم الاستعدادات المكثفة للجيش الإسرائيلي، لا شك بأن المعركة في لبنان، التي يمكن أن تكون أيضا «حرب الشمال الأولى»، إذا ما انتقلت المواجهة إلى الأراضي السورية أيضا، لن تكون مشابهة لحرب لبنان الثانية أو حتى للمعارك الأخيرة في غزة.
سيتحدى مقاتلو «القبة الحديدية»، الذين من المحتمل أن يكونوا مطالبين بأن يحموا أساسا المواقع الاستراتيجية والحيوية وبقدر أقل أن يحموا السكان، الصواريخ وقذائف الراجمات التي لدى «حزب الله».
الطريقة الوحيدة لدى الجيش الإسرائيلي بالتصدي للتهديد من الشمال سيتكون من خلال عملية سريعة وعدوانية جداً، ولهذا الغرض خيراً يفعل الجيش إذا ما عزز بشكل كبير وفوري قواته البرية، التي وضعها ليس لامعا، بأقل تقدير.

عن «إسرائيل اليوم»