بقلم: سميح خلف

وعد بلفور البريطاني.. وماذا عن بلفور الفلسطيني!

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

اليوم وكأن لاشيء يطفو على الساحة الفلسطينية سوى التخبط والانشغال الحزبي والانشغال الفردي في تعقيدات اضفتها المرحلة على الشعب الفلسطيني وفي اموره الحياتية وفي ظل توقف عجلة الشرعيات وجمودها وتحكمها واستحكاماتها الدكتاتورية في مصير الشعب الذي تحول الى فئتين الفئة الاولى العاطلين عن العمل والفقراء والذين لم يطالهم استثمارات اتفاقية اوسلو ومئات الالاف من الشباب والخريجين الذين ذهب كثير منهم الى عرض البحر في انتظار فكي الحوت والاسماك او من كتب له الحياه ليهجر وطنه امام قسوة الحياه والقهر والفساد المستشري في مؤسسات سلطة زُرعت لتبقى مهيمنة بفسادها السلوكي والسياسي والامني. اما الفئة الثانة فهي فئة الموظفين والمدراء العامين والجنرالات الذين طوقوا بالقروض والبذذخ المقنع وهم مستنفعي فئة رواتب الرباعية تحت مظلة اوسلو وتحول غالبية الطاقات الى قوى عاطلة وبطالة مقنعة وقوى امن منهجيتها واضحة تبتعد كالسماء عن الارض عن مشروع التحرير بل ببرنامج يسمونه برنامج وطني مهد للاستيطان على 60% من اراضي الضفة وتحقق اسرائيل يوميا حلمها فيما يسمى يهودا والسامرا واورشليم بالتعبير العبري، تلك القوى المرتبط مصيرها بالراتب مغلوب على امرهم ولا يستطيعون مجرد ابداء الرأي فيما هو مطروح سياسيا ووطنيا وامنيا.والا قطعت مصادر العيش بالنسبة لهم .

يمر يومه كغيره من الايام على الشعب الفلسطيني، وخلت الادوات الاعلامية والتعبوية عن ذكر هذه المأساه الانسانية التي مازالت مضاعفاتها تتصدر المشهد الفلسطيني، لم يكن بلفور فلسطينيا ولا عربيا بل بريطانيا مستعمرا تحالف معه العرب ضد الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الاولى، وبالتالي كل ما يترتب من قرارات لمستعمر فهو باطل قانونا وعرفا .

غابت الطقوس التي تعود عليها الشعب الفلسطيني من مظاهرات وندوات ودروس تعبوية في المدارس والمعاهد والجامعات، ربما لان لا احد من القوى السياسية قادر على ان يضع برنامج او يصرح بان هنا مازال هناك مشروع تحرير لتحرير فلسطين كل فلسطين.

بل اتت ذكرى وعد بلفور كغيره من سنوات الخنوع تحت مسمى عملية السلام على بقايا وطن مختزل في تجمعات سكانية في الضفة وغزة، وفي ظل عدم ثبوت في الرؤى حتى بالبرنامج المختزل لفلسطين على 18% منها.

بلفور البريطاني لم يكن فلسطينيا ولا عربيا ولذلك وعده لا يشرع وجود ما يسمى اسرائيل، ولكن هناك من شرعنها فلسطينيا وعربيا، واستغلالا لمنظمة التحرير وحركة تحرر لشرعنة وجودها ببرنامج سياسي يتحدثون عنه انه وطني يعطي اسرائيل حق الوجود على غالبية فلسطين واصفين دولة الاحتلال بالدولة الجارة والصديقة المطلوب حفظ امنها واقامة العلاقات الاقتصادية والامنية معها ، اتذكر كلمة عباس في الجمعية العامة عندما قال""" لم اتي الى هنا لنزع الشرعية عن اسرائيل بل جئت الى هنا للاعتراف بدولة فلسطين على 18% من فلسطين"" أي اقرار بالجغرافيا الامنية والسياسية لما يسمى اسرائيل، اتذكر قوله لا انتفاضة ولا مقاومة في الضفة مازلت حيا"" اتذكر في هذه المناسبة وهو مفتخرا بقوله"" ابان العدوان على غزة والذي استمر اكثر من 50 يوما بانه لا طلقة خرجت من الضفة،

اما عربيا فايضا المبادرة العربية هي بمثابة وعد بلفور والمناخات السياسية الفلسطينية والعربية المسؤلة والرسمية مازالت هي اشد وطأة على الشعب الفلسطيني، مما يؤسف له وعلى المستوى الرسمي الفلسطيني والعربي او على المستوى الشعبي اهملت هذه الذكرى الهامة والماساوية وربما اكثر احساسا فيها هم اللاجؤن في المخيمالت الفلسطينية في الضفة وغزة والشتات التي تعاني من القهر ونقص الخدمات وتضيق الخناق عليها لكي لا تصبح مؤهلة لمقاومة الاحتلال وتحرير ارضها اتذكر هنا  تصريح لعضو اللجنة المركزية محمد دحلان لتناوله هذه الذكرى منفردا في تصريح خاص يتناول فيه هذا الوعد المشؤوم حيث قال::""( لم يشهد التاريخ جريمة بحق الإنسانية أبشع من وعد بلفور ، ذلك الوعد المشؤوم الذي تجسد في رسالة من 60 كلمة فقط ، وجهها وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر جيمس بلفور في الثاني من نوفمبر 1917، و باسم الحكومة البريطانية إلى المنظمة الصهيونية العالمية، و ذلك من خلال المصرفي و السياسي اليهودي البريطاني ليونيل دي روتشيلد.

ستون كلمة أطلقت العنان لمخططات الصهيونية العالمية و حلفائها المستعمرين لإبادة و تهجير شعب كامل، و تحويل فلسطين إلى أرض خالية من البشر بهدف إنشاء كيان قومي و جغرافي لليهود ، و خاصة اليهود الذين لم تعد أوروبا ترغب في وجودهم بسبب الكراهية المكرسة لدى طبقات حكام أوربا .

صحيح قد مر 104 سنة على تلك الجريمة البشعة، لكنها ليست من الجرائم التي قد تسقط أو تتراجع حدتها الدامية بمرور الوقت، و ربما على العكس تماماً، فكلما حلت الذكرى المشؤمة احتدم الصراع أكثر، وأصبح شعبنا الفلسطيني أكثر عزيمة وإصرارا على انتزاع أرضه مجددا، خاصة في ظل فشل عملية السلام، و العجز الدولي في فرض القانون على اسرائيل و إلزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية."""")

من ينسى تاريخه لا حاضر له ولا مستقبل له وفي ظل قيادة تتهاوى يوما بعد يوم لتكرر ماساة التفاوض من جديد تحت سقف محدد وغير محدد اعترف في هذا السلوك قادة العدو بان المفاوضات ما هي الا استهلاك زمني لتنفيذ برامج الاستيطان اما غزة فواقعها يتحدث عنها من فقر وبطالة وحصار وبعد معركة طويلة مع الاحتلال اثبت فيها المقاتل الفلسطيني جدارته في مواجهة التكنولوجيا الاسرائيلية واحبط فيما بعد بهبوط المطلب والتوجه السياسي الذي لعبت فيه الظروف الذاتية والاقليمية قدرا كبيرا في هذا الحال