هارتس : إسرائيل محبطة لعجزها عن التأثيرعلى الموقف الأميركي تجاه إيران

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 





من غير الواضح حتى الآن إلى أي درجة تساعد النشاطات الفعلية لإسرائيل في إبعاد إيران عن أهدافها الاستراتيجية، لكن هنا يعرفون بالتأكيد كيف يتحدثون. لا يمر يوم تقريبا دون تصريح لشخصيات إسرائيلية رفيعة ضد النظام الإيراني. المحصول اليومي تضمن، أول من أمس، مقابلة أجراها رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، مع صحيفة "التايمز" اللندنية.
وبصورة نادرة أكثر مقابلة مع رئيس شعبة الاستراتيجية في هيئة الأركان، الجنرال طال كلمان، مع صحيفة "الأيام" البحرينية.
بينيت، الذي كرس معظم المقابلة لمراجعات وإشارات (مهمة) لأزمة المناخ ووباء "كورونا"، كرر رسائل بالية جدا حول الموضوع الإيراني. وقد وعد بأن يعمل "كل ما يجب فعله" من اجل منعها من الوصول إلى السلاح النووي. أعلن كالمان أن إسرائيل تؤمن بحل دبلوماسي للازمة النووية، وأنه في ظل غياب هذا الحل ستسعى إلى عملية عسكرية دولية. كالمان هو من الضباط المتزنين والأقوياء في قيادة الجيش الإسرائيلي، لكن من غير الواضح ما شأن الجنرال العسكري، الذي يرتدي الزي العسكري، بالإعلان عن السياسات، وأيضا ما شأنه بجبهة دولية فعالة ضد إيران تبدو في هذه الأثناء حلما بعيدا.
على أي حال، هذه التصريحات لم تغير الكثير، مثلما لم تغير صورة القاذفة الأميركية التي طارت في سماء الشرق الأوسط مصحوبة (بشكل منفصل) بطائرات إسرائيلية ومصرية لم تدخل الخوف إلى القلوب في طهران.
حتى أن هذه الطلعة الجوية سبقتها محادثات مكثفة بين الأميركيين وحلفائهم الذين سعوا إلى استكمال خطوة يمكن أن تردع النظام في إيران. اختارت إدارة بايدن في نهاية المطاف الاحتمالية الأضيق التي كانت أمامها.
إلى جانب التصريحات يبدو أن إسرائيل أيضا نشطة بشكل خاص في هذه الفترة. قبل أيام نشر عن هجوم رابع في الشهر الماضي في منطقة دمشق. وقبل ذلك كان هناك هجوم سايبر شوش بشكل كبير مدة يومين على تزويد الوقود في إيران. هذان الهجومان نسبا في وسائل الإعلام الأجنبية لإسرائيل. وجه القصف في سورية، كما يبدو، ضد إرسالية سلاح دقيق من إيران لـ"حزب الله". ومن الأرجح أن اختيار القصف في النهار هو أمر نادر استهدف إحباط الإرسالية بصورة مستعجلة.
يضاف هجوم السايبر إلى عملية مشابهة شوشت حركة السفن في ميناء بندر عباس في أيار الماضي. ومثلما في قضية الهجمات البحرية فانه يثير التساؤلات. هل هذه العمليات توجد لها نتائج فعلية، وهل إسرائيل رغم تفوقها الواضح في مجال السايبر لا تعرض نفسها لهجمات مضادة لأنه لا يوجد أي إمكانية لفرش بطانية دفاعية على كل موقع يمكن أن يثير اهتمام إيران؟ من المثير للاهتمام أن الهجمات في البحر تقلصت مؤخرا بعد عدة نشاطات انتقام من إيران.
يبدو أنه سيكون لهذه العمليات على الأكثر تأثير استراتيجي ضعيف. والمس بجودة حياة المواطنين في إيران لا يضعضع سيطرة النظام الذي صمد تحت ضغط العقوبات التي كانت الولايات المتحدة قد فرضتها خلال سنوات كثيرة. والمعركة بين حربين في سورية تقلل من كمية السلاح المهرب لـ"حزب الله" وتمس بتمركز إيران في المنطقة، لكن ليس بأي شكل من الأشكال هي تنهي هاتين الظاهرتين.
انفعال إسرائيل يعكس بشكل كبير إحباطها. في القيادة الأمنية اعترفوا أن تأثير إسرائيل على موقف الولايات المتحدة في المفاوضات حول الموضوع النووي هو تأثير ضعيف، وأن إدارة بايدن ستكون مسرورة بالتوقيع على اتفاق جديد يشبه سابقه، إذا وافقت إيران فقط على العودة إلى المفاوضات الجدية. تتسبب إسرائيل بأضرار محلية وتنفس عن الغضب بالسايبر وفي السماء (على فرض هذه حقا هي هجمات إسرائيلية)، لكن في هذه الأثناء هي لا تؤدي الى أي تغيير استراتيجي في الواقع الاقليمي.
العملية الأساسية المهمة التي تحدث في هذه الأثناء هي استمرار عملية انسحاب أميركا من وسط آسيا (الانسحاب الكامل من أفغانستان) ومن الشرق الأوسط (تقليص التدخل هناك). يواصل الرئيس بايدن بذلك مقاربة سلفه، دونالد ترامب. تقرأ إيران الخارطة بشكل جيد، كما سيشهد التقارب بينها وبين الصين وجهود المصالحة التي تبذلها مع دول الخليج السنية.
تنجح إسرائيل في لدغ إيران واحيانا إيلامها. ولكن حتى هذه الأثناء ليس اكثر من ذلك. السؤال المهم الذي سيقف امامها فيما بعد هو هل يجب عليها أن تحاول وأن تخرب المشروع النووي؟ مؤخرا يتم التحدث مرة أخرى عن استعدادات عسكرية لهجوم جوي على مواقع إيرانية. وفعليا، حسب التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الأجنبية، فإن النجاحات الرئيسة التي تم تسجيلها حتى الآن كانت في هجمات سايبر على المشروع النووي أو في عمليات تخريب سرية.

نظام الأسد يستقر
أحد المستفيدين الرئيسيين من المقاربة الأميركية الجديدة هو نظام الأسد في سورية، الذي يعيد إحكام قبضته بالتدريج على الدولة. مع دعم روسيا وإيران وعدم اهتمام الولايات المتحدة فان الرئيس بشار الأسد أصبح يخاف بدرجة اقل على استقرار نظامه. التغيير يتم الشعور به أيضا في علاقة الدول السنية مع النظام في المنطقة. عدد منها عاد إلى عقد الصفقات معه، وبعضها يتحدث مرة أخرى بشكل علني مع رؤساء النظام في دمشق.
بمساعدة روسيا يبدو أن الأسد يتغلب حتى الآن على التمرد الذي تجدد في درعا في جنوب غربي سورية. هذا أمر رمزي في أساسه؛ لأن درعا هي المدينة التي اندلعت فيها الانتفاضة التي تدهورت إلى حرب أهلية في بداية العام 2011. في جهاز الأمن يقدرون أن الأسد يسعى إلى تسريع مشروع إعادة إعمار الدولة، رغم أن التغلب على أضرار الحرب يمكن أن يمتد لعشرات السنين. إسرائيل لا تقلق في هذه الأثناء من تسلح الجيش السوري باستثناء تسلحه بمنظومة مضادة للطائرات. الجيش السوري غارق في قمع التمرد وفي الحفاظ على النظام وليس بالاحتكاك المبادر إليه مع إسرائيل.
استمرار الهجمات الجوية المنسوبة لإسرائيل، حتى بعد قمة بوتين – بينيت في روسيا، في نهاية الشهر الماضي، يدل مرة أخرى على أن موسكو غير قلقة من الاحتكاك بين إسرائيل وإيران في سورية. وطالما أن إسرائيل لا تمس المصالح العسكرية لروسيا هناك فإن بوتين يغض النظر عما يحدث.

عن "هآرتس"