هارتس : الــعــلاقـــات الإســرائيلـيـة - الأميركــيــة: الأســبــوع الأســوأ

حجم الخط

بقلم: طال ليف- رام


طُرحت، الأسبوع الماضي، تساؤلات بشأن السلوك المتعرج للحكومة الإسرائيلية حيال الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. فمنذ أداء الحكومة اليمين، كان الأسبوع الماضي هو الأسوأ على المستوى السياسي الاستراتيجي، وهو ما ينعكس أيضاً على قضايا أمنية واسعة تحتاج إليها إسرائيل في علاقتها مع الأميركيين.
وفي المنظومة السياسية الدولية المعقدة، التي تعمل إسرائيل وسطها، لا يوجد إجماع بين معظم وزراء الحكومة. وجاء إعلان تصنيف ست منظمات مدنية فلسطينية كمنظمات "إرهابية" تنتمي إلى الجبهة الشعبية نتيجة عمل تحضيري قام به جهاز "الشاباك". ومع ذلك ففي المعركة الدبلوماسية الدولية لا يكفي أن تكون فقط على حق.
إن الحكمة السياسية تقتضي عدم التخلي عن مبادئ محاربة الإرهاب بسبب الخوف من ضغط دولي، لكن هذا لا يعني عدم القيام بحملة حكيمة والتنسيق بين وزرات الحكومة وإجراء حديث مسبق مع الأميركيين. كان يتعين على وزارات الدفاع والعدل والخارجية وعلى المقربين من رئيس الحكومة أن يفهموا ذلك مسبقاً، وأن يشيروا إلى العقبات التي يمكن أن تثيرها خطوة كهذه لدى المجتمع الدولي وفي الولايات المتحدة تحديداً، وبناء على ذلك يتم انتهاج سياسة مدروسة تشمل حملة لإعداد الأرضية اللازمة....
وكان من الأجدر إعلام واشنطن مسبقاً بالخطوة، بدلاً من إرسال مندوب "الشاباك" على عجل إلى واشنطن لتقديم المواد التي جُمعت ضد منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والتي تربطهم بأعمال "إرهابية". كما كان يجب توقع الانتقاد الأميركي مسبقاً، وبالتالي إجراء نقاشات واتخاذ قرارات ملائمة، لا سيما وأن جو بايدن والإدارة الديمقراطية يختلفان بصورة جوهرية عن إدارة الجمهوريين خلال حكم ترامب، إذ كان الدعم الأميركي في المسائل السياسية يأتي على الدوام تلقائياً.
وفي حين تسعى إدارة بايدن للعودة إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في كل ما يتعلق باتخاذ قرارات حاسمة تجاه المجتمع الدولي، تصرفت إسرائيل مثل فيل في دكان من الخزف ...
منعاً لأي شك يجب على إسرائيل المحافظة على الاستقلالية في اتخاذ قراراتها، وأحياناً أيضاَ في قضايا لا يوجد اتفاق في وجهات النظر حيالها بين الدولتين. لكن في المواجهات مع الولايات المتحدة يجب أن نختار إدارة حكيمة للمخاطر وتجنبها بقدر الممكن، وخصوصاً في هذه الفترة حيث المشكلة المركزية لإسرائيل في مواجهة الأميركيين لها علاقة بمناقشة الاتفاق النووي القادم وكبح الإيرانيين. ولهذا فإن تعرض إسرائيل للإدانة الرسمية الأميركية مرتين خلال أسبوع واحد بشأن منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والبناء في الضفة الغربية من شأنه أن يلقي بظلاله على العلاقات بين الدولتين.
في الأسبوع الماضي أجرت فرقة غزة تمريناً دفاعياً كبيراً لدراسة سيناريوهات متعددة رداً على هجمات كبيرة من القطاع. وكانت إحدى فرضيات التمرين محاولة "حماس" القيام بهجمات كبيرة واقتحام أراضي إسرائيل من خلال الأنفاق، أو من خلال السيارات المفخخة والعبوات الضخمة ومحاولات تسلل ليلية.
في الجيش يقولون إن المقصود ليس سيناريوهات وهمية، ففي "حماس" يدركون أنهم إلى جانب إطلاق الصواريخ يجب إعداد بدائل عملانية للأنفاق التي دُمرت بصورة كبيرة في العملية العسكرية الأخيرة. وكجزء من الدروس التي استخلصتها "حماس" من عملية "حارس الأسوار" ضرورة العمل على تحسين قدراتها أيضاً في الساحتين البحرية والجوية، ومن خلال إطلاق الصواريخ المضادة للطائرات وفي المجال السيبراني.
في مقابل الاستعداد لعملية عسكرية مقبلة في غزة، تلاحظ إسرائيل حالياً أن "حماس" تعمل لكبح الأوضاع على الأرض بسبب رغبتها في إعادة إعمار غزة وتحسين علاقاتها مع مصر واستغلال الوقت لتحسين قدراتها العسكرية. وبناء على ذلك لا تتوقع إسرائيل أن تبادر "حماس" إلى تصعيد في غزة في المستقبل القريب إلاّ في حال وقوع حادث معين يمكن أن يؤدي إلى تدهور الأوضاع.
أمّا الطرف الذي يمكن أن يشعل النار فهو تنظيم "الجهاد الإسلامي"، الذي لا يتحمل مسؤوليات في السلطة في القطاع وينتهج خطاً أكثر "صقورية". والتقدير في وزارة الدفاع أن ناشطي "الجهاد" يعدون خططاً عديدة للقيام بهجمات ضد قوات الجيش الإسرائيلي بالقرب من السياج الحدودي، عندما تتزايد فرص التدهور في حال حدوث احتكاكات لها علاقة بالأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية.
وعلى الرغم من ضبط النفس النسبي الذي تمارسه "حماس" من الصعب وصف الوضع الأمني في منطقة الجنوب بالمستقر. في إسرائيل لا توجد رؤية حالياً لإمكان حدوث انعطافة مهمة في اتجاه تسوية واسعة في غزة، ولا يلوح في الأفق أي تقدم في مسألة الأسرى والمفقودين. ومع ذلك تُعتبر زيادة عدد العمال الفلسطينيين بعشرة آلاف خطوة مهمة جداً، وهي تترافق مع تسهيلات اقتصادية ومساعدة مصرية لإعادة إعمار القطاع، والتوصل إلى آلية تضمن تحويل المال القطري إلى قادة "حماس". هذه الخطوات يمكن أن تضمن عدة أشهر من الهدوء في القطاع.

عن "هآرتس"