هنية ورؤية حم-اس التائهة بين إعادة "انتاج سلطة أوسلو" و"مقاومة معلقة"!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 بعد اجتماع المكتب السياسي لحركة حماس الأخير في القاهرة أكتوبر 2021، أشارت مصادر الحركة أنها بصدد تقديم رؤية سياسية شاملة تتعلق بالمستقبل الفلسطيني العام.

وجاءت كلمة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس يوم 3 نوفمبر 2021، لتعرض خطوطا عامة، عاشت موضوعيا في "جلباب اللغة والتيه السياسي"، وحضرت الشعارات الكبيرة وغابت الأهداف المحددة، وتنقلت الكلمة من رفض اتفاق أوسلو الى التمسك بما تبقى منه وفق الصيغة الإسرائيلية، بل أعلن أن إعادة انتاج بقاياه يمثل بالنسبة لحركة حماس "عملا مقاوما"، من خلال انتخابات بالمقاس الإسرائيلي.

خطاب هنية، تناول مفاصل المشهد الفلسطيني، من السلطة الى المنظمة، وحاول كيل الاتهامات على الآخرين دون أن يقف دقيقة واحدة، ماذا كان دور حركته في المسار الفلسطيني منذ نشأتها (دون الحديث عن أسباب ذلك وآلية الاستخدام).

تدقيقا في الخطاب الحمساوي الجديد، لن نرى وجود هدف سياسي مباشر، محدد للمرحلة الحالية أو المستقبلية، فمرة يعلن أن الشعب الفلسطيني لا يبحث عن دولة ولا سلطة، ولكنه يريد التحرير والمقاومة، ليصل في نهايته الى البحث عن كيفية تقاسم السلطة ونظام الحكم القائم أي "بقايا سلطة أوسلو"، وبحث كيفية إعادة حكومة حماس بعد انتخابات 2006 الى الضفة الغربية، ويعتبر أن إجراء الانتخابات عملية شرعية وضرورية وكفاحية، دون أن يقول أنها ستقيم سلطة حكم ذاتي أقل كثير مما كانت بين عامي 1994 – و2004، في تناقض فريد.

هنية، واللاهث وراء انتخابات تمدد عمر المرحلة الانتقالية بمواصفات إسرائيلية، تجاهل بشكل مثير للشبهة الوطنية، القرار الأهم الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 2012 رقم 19/ 67 حول دولة فلسطين وعضويتها كدولة مراقب، وبدلا من التمسك بضرورة فك الارتباط بدولة الاحتلال وفقا لقرارات المجلس الوطني والمركزي منذ 2015، وكأنها "رسالة غامضة" الى جهات ما، أنهم الأكثر "قدرة على التكيف" مع القادم السياسي، وأن حماس ترفض فك الارتباط مع دولة الكيان في المرحلة الراهنة.

هنية، اعتبر أن اتفاق أوسلو كان سببه التيه السياسي، وأبعد الشعب الفلسطيني في الخارج عن المشاركة في القضة الوطنية، والحقيقة انه لم يفقد مقود الحقيقة السياسية فقط فيما قال، بل أنه قام بعملية تضليل نادرة في الخطاب العام، وبدلا من نطق الحقيقة المطلقة، أن الانقسام الذي تمثل حماس أحد طرفيه، هو السبب الأبرز في النكبة الكبرى التي يعيشها الشعب الفلسطيني وقضيته، وأن بداية الانكسار الوطني جاء مع موافقة حماس على انتخابات تعميق الارتباط مع دولة العدو القومي 2006، وهي التي شكلت رافعة لتعزيز المشروع التهويدي، بعد مواجهة وطنية كبرى سياسية – عسكرية منذ 2000 حتى 2004، انتهت باستشهاد الخالد المؤسس ياسر عرفات (بعد أيام ذكرى الغياب في 11 نوفمبر)، وقبلها أول تكوين كياني فوق أرض فلسطين في 1994، فيما أطاح طرفي الانقسام بكل ما تحقق قبل تلك الانتخابات التآمرية.

تجاهل النكبة الانقسامية بتلك الطريقة الغريبة، تفتح باب الريبة الوطنية، هل مخطط حماس العمل على الانتقال من انقسام ما الى تقاسم وطيفي جديد، تحت سلطة دولة الكيان بغلاف "مقاوم جدا" يخدم الهدف الجوهري للبعض بإقامة "سلطة مؤقتة" تحت السيادة الإسرائيلية، بتفاهمات جديدة.

ولعل قمة "المسخرة السياسية" عندما تسقط الكلمات دون مكياج ليعلن رئيس حماس، انهم على "استعداد للدخول في مقاومة شعبية في الضفة الغربية تتطور إلى انتفاضة ضد الاحتلال"، عبارة تعلن أن أي عمل في الضفة الغربية يرتبط بمساومة ما تتطلب "تقاسم وظيفي ما"، دونها لن تكون حماس طرفا في أي مواجهة شعبية مع دولة الاحتلال.

وجاء ختام الكلمة ليكشف الحقيقة (ضرورة إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ومشروعنا الوطني عربيا وإسلاميا ودوليا، وهذا يتطلب إعادة صياغة وظيفة السلطة الفلسطينية)، هكذا هي صياغة الوظيفة للسلطة القائمة هو هدف حماس المركزي الآن...وليس العمل على فكها لصالح إعلان دولة تحت الاحتلال قاعدتها قطاع غزة للخلاص من كل ما سبق من اتفاقات...

خطاب هنية يلخص المشهد، المساومة بديلا للمقاومة...والتقاسم الوظيفي في السلطة القائمة بديلا لفك الارتباط مع سلطة العدو، وإعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال.

دون تفاصيل، نصيحة الى حركة حماس وقيادتها، ان تعلن براءتها من الخطاب وتعتبره لا يمثلها وهي كلمة للنسيان، غير ذلك فكل الشكوك الوطنية ستحضر أي كانت التبريرات، بوجود "صياغة ما لمشروع تسويقي سياسي على حساب دولة فلسطين".

ملاحظة: قرار أمريكا بوضع شركة انتاج برامج التجسس الإسرائيلية على القائمة السوداء صفعة خاصة...شكله فضائح الشركة ما عادت تحتمل لهيك صار اللي صار...عفكرة هاي الشركة محبوبة بعض أنظمة العرب!

تنويه خاص: من أطرف ما في النقاش الدائر في إسرائيل، معايرة بعضهم بعضا حول تمويل حماس...بيبي يتهم بينيت أنه يمول حكمها في غزة وبينيت ومنصور الإسلاموي يذكروه أنه من أرسل لها "شنط المال"...معايرة ولا معايرة الضراير في قرية مهجورة..بس الحلو فيها ان الاثنين بدهم حكم حماس!