جاهزية الدولة ارتفعت والتهديدات أيضاً

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 



قُطع شوط طويل منذ التسيب الذي كان في مسألة الجبهة الداخلية في حرب لبنان الثانية، ولا يزال يوجد طريق طويل لا بد من اجتيازه الى أن يكون الوضع مرضياً حقاً.
كانت الحرب في 2006 نداء صحوة، وبهذه النظرة يجب أن نراها هدية. فقد دفعت إسرائيل فيها ثمنا متدنيا نسبيا، وفهمت بأن عليها ان تستيقظ. فالوضعية التي لا يمكن ان تفهم – التي يفر فيها رؤساء المجالس من المدينة ويهجرون مسؤوليتهم عن السكان، ويمتنع الحكم المركزي لأسباب اقتصادية عن الإعلان عن وضع خاص في الجبهة الداخلية ويتصرف الجيش الإسرائيلي وكأن الجبهة الداخلية ليست شأنه وتعمل الوزارات الحكومية بانعدام التنسيق في ظل الاسقاط المتبادل للملفات الواحدة على الاخرى – غيرت الامور بشكل جوهري.
قائمة التغييرات تكاد تكون لا نهائية. كل منظومة الدفاع الجوي اجتازت ثورة: «القبة الحديدية» و»العصا السحرية» تطورتا، وسبق أن أعطت جوابا مهما في أربع جولات قتالية في غزة (وفي عدد لا يحصى من الحالات الاخرى، في كل الجبهات)؛ كما أن مجالات المسؤولية تحددت؛ وبات واضحاً ان رؤساء البلديات والمجالس هم المسؤولون عما يحصل في مدنهم، وكل الجهات الاخرى يفترض أن تدعمهم، في الحياة الطبيعية وفي الطوارئ.
النتيجة هي ان مواطني إسرائيل محميون اكثر على نحو افضل بكثير مما كانوا قبل قبل 15 سنة، واساسا يوجد لهم عنوان واضح. المنظومة البلدية، طواقم النجدة، والطوارئ ومحافل الأمن يعرفون بالضبط ما يفعلونه وكيف يؤدون مهامهم في كل وضعية، من هجمة صواريخ، عبر تسلل «مخربين» وحتى سيناريوهات مدنية في جوهرها مثل الحريق، الهزة الارضية، الثلج الثقيل، وحتى هجمة سايبر.
أمام هذا، يوجد نصف الكأس الفارغ: مثلما اتسع الجواب دراماتيكيا منذ 2006 هكذا اتسع التهديد ايضا. إسرائيل مهددة، اليوم، بأكثر من 100 الف صاروخ ومقذوفة صاروخية من لبنان، وبعشرات آلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية من غزة، وبعدد كبير من الصواريخ والقذائف الصاروخية على انواعها المختلفة من دول ابعد (ايران، العراق واليمن). امام هذا التهديد من الواجب قول الحقيقة للجمهور: ليس للمنظومات القائمة ولن تكون لنا قدرة اعتراض لكل صاروخ وحماية كل مواطن. في حرب شاملة سيكون المواطنون مطالبين بانضباط عال اكثر مما في الماضي؛ وان يتجهزوا بالغذاء وبالماء، وأن يبقوا لفترات زمنية طويلة في المجالات المحصنة. من لا يفعل ذلك يخاطر بحياته.
لكن للدولة أيضا يوجد شوط طويل آخر لتقطعه كي تحسن الدفاع عن المواطنين. انطلقت مؤخراً خطة تحصين البيوت في بلدات الشمال على الدرب بتأخير سنوات طويلة، وسيمر وقت طويل الى أن تستكمل (وحتى عندها ستوفر جوابا جزئيا فقط على التهديد المهم الذي يمثله «حزب الله»، سواء من حيث نار الصواريخ أم من حيث التسلل الى البلدات). وفي غلاف غزة ايضا يوجد عمل غير قليل آخر يتطلب الاهتمام والفرز بمبالغ مالية كبيرة، هي من خارج الميزانية الجارية لجهاز الأمن.
وفوق كل شيء يوجد السؤال الدائم: لماذا توجد المسؤولية العامة للجبهة الداخلية على الجيش الإسرائيلي؟ لقد اقيمت قيادة الجبهة الداخلية في حرب الخليج الاولى، وبطبيعة الاحوال تلقى الجيش الإسرائيلي المسؤولية عنها لأنه لم يكن أي جسم آخر قادراً على أن يقيم منظومة كهذه في زمن قصير كهذا.
لكن منذئذ مرت حتى الآن 30 سنة، وعلى إسرائيل أن تستوضح من نفسها هل من الصحيح ان يوزع الجيش الإسرائيلي اهتمامه بين الهجوم والدفاع، اذا كانت توجد له حقا القدرة والوسائل لمعالجة الجبهة الداخلية، واذا لم يكن صحيحا، نقل الموضوع لعناية وزارة مدنية – الأمن الداخلي هي المرشحة الطبيعية – تكون على اتصال جارٍ مع السلطات ومع السكان، ويفترض أن تقدم لهم جواباً كاملاً في حالة الطوارئ أيضاً.

عن «إسرائيل اليوم»