نحتاج .. مؤتمر ثامن لا يصبح مسماراً أخيراً في نعش فتح

iIVKw.jpeg
حجم الخط

بقلم د. طلال الشريف

 

 

 الدعوة لمؤتمر عام ثامن لحركة فتح فكرة جوهرية لعلاج الحالة المرضية التي تهدد مصير ومسيرة حركة فتح المنعكسة دائما على مصير ومسيرة النضال الوطني والقضية الفلسطينية منذ تربع هذه الحركة على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ومنها إلى قيادة السلطة الوطنية.

بعد أن لم تنجح حركة فتح في تحقيق برنامجها الذي أقرته المنظمة ودافعت عنه كوادرها التنظيمية ما أصاب المنظمة بعطل كبير وأصاب السلطة بفشل أكبر .

حاجة فتح لتجديد نفسها لإستعادة قوتها إن أرادت مواصلة دورها القيادي السابق وتجديد برنامجها يتطلب أن تستعيد وحدتها التنظيمية والقيادية لأنه بهذه الحالة الآنية المترهلة قد لا يحسن قادتها إستغلال فرصتها الأخيرة وهو المؤتمر الثامن لتوحيد الحركة.

قد يجد الفتحاويون أن فتح بعد هذا المؤتمر قد تشظت أكثر بكثير مما عانت منه في الأعوام السابقة ليصبح لكل عضو لجنة مركزية حالية وبعض من قيادات المجلس الثوري الحالي جسماً وقائمة انتخابية في أي إنتخابات عامة قادمة وهي صيغة أصبحت تميز الحركة وخروج أو إخراج قياداتها التي حدثت قبيل إلغاء عملية الانتخابات التشريعية والرئاسية في إبريل من هذا العام 2021 وحينها لن تعود عقارب ساعة فتح للوراء بل ستتشظى الحركة لقوائم إنتخابية عديدة بلا عودة لما كان يأمله الفتحاويون المٌخرَجين بوحدة تلك القوائم بعد الإنتخابات وهي ظاهرة وضحت تماما للعيان بوجود قائمة فتح والتيار الاصلاحي وناصر القدوة وعدم تحالف أيا منها مع الأخرى بأن الفتحاويين أبعد مما توقع أو تمناه الكثيرين للتوحد قبل الانتخابات، فما بالك بعد أي عملية انتخابية.

تعود بنا هذه الصورة لحركة فتح تماما كما حدث ويحدث في حزبي العمل والليكود لأن تطور العمل السياسي في العقود الأخيرة أخذ ينحو نحو الخروج من الحزبين الكبيرين وتصغير تلك الأحزاب الكبيرة غير الديمقراطية وهو السبيل لممارسة حق جماعات مختلفة لا تحصل على حقوقها في إطار الحزب الكبير وأصبحت صيغة تحالفات لأجسام أصغر هي الموضة دون الإنضواء تحت راية الحزب القديم وهي حالة صحية جدا لمواجهة الشللية وجماعات المصالح التي انفردت طويلا بالسيطرة داخل تلك الاحزاب العريضة المنافية للديمقراطية والتي اكتشفت مؤخرا بأنها الطريقة الوحيدة لمواجهة ديكتاتورية القيادة المزمنة والحرس القديم في تلك الأحزاب.

أنا لا أتوقع أن تنجح قيادة فتح في هذه البيئة الجديدة والمستحدثة لدى الساسيين المعاصرين من إستعادة وحدة فتح في مؤتمرها الثامن المزمع عقده قريباً بل سيشكل هذا المؤتمر الثامن المسمار الأخير في نعش الحركة لتؤول لمصير حزب العمل الإسرائيلي أو حتى حزب الليكود على أفضل تقدير، حزبا قعيدا على كرسي متحرك كحزب العمل، أو حزبا يعرج كحزب الليكود يبحث كلاهما عمن يتحالف معه من أحزاب صغيرة أصبحت حاملا لإستمرار وجود هذين الحزبين اللذين كانا كبيرين قبل ظاهرة الخروج لقياداتها لتشكيل قوائم مستقلة تتحول لأحزاب جديدة بعيداً عن الحزب القديم.

فتح بعد المؤتمر الثامن على الأغلب لن تعود لوحدتها بل ستصبح عشرين حزباّ جديداً إلا إذا كما قلنا في مقال سابق أن هناك محاولات من العرب والروس لإعادة وحدة فتح ورجوع أو دعوة محمد دحلان وناصر القدوة ومروان البرغوثي لصفوف فتح ومشاركتهم ومواليهم في المؤتمر الثامن لتوحيد الحركة وهو المأمول رغم صعوبة ذلك .. دعونا نرى فنتائج المؤتمر سنقرؤها ويقرؤها الجمهور قبل المؤتمر بالتأكيد وليس بعده من خلال ظهور أسماء من توجه لهم الدعوات لحضور المؤتمر الثامن.