دونالد ترامب : التطرف يقترب من البيت الأبيض

thumb (36)
حجم الخط

 

 

نادرا من نجح أحد الحزبين الأميركيين الرئيسيين اللذين يتناوبان على رئاسة الولايات المتحدة، من الظفر بالرئاسة ثلاث ولايات متعاقبة، ورغم أن الدستور الأميركي لا يبيح للرئيس المحددة مدة ولايته بأربع سنوات الترشح لأكثر من ولاية ثانية، أي أن كل رؤساء الولايات المتحدة، يمكثون في البيت الأبيض مدة أربع سنوات قابلة لإضافة أربع سنوات أخرى، إذا ما فاز الرئيس مجددا بترشيح حزبه لانتخابات ثانية، قد يفوز بها، أو لا، لكن يمكن لأحد الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي، أن يتحفظ بالمنصب لأكثر من ولايتين من خلال مرشح آخر.
حدث هذا، حين نجح جورج بوش الأب في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، وكان نائبا لرونالد ريغان خلال ولايتين بين عامي 1980 - 1988، في الفوز بولاية جمهوري ثالثة على التوالي حتى العام 1992، لكنه فشل في البقاء لولاية ثانية له، رابعة للحزب على التوالي أمام المرشح الديمقراطي بيل كلينتون. 
المهم أنه بالاستناد للموروث الانتخابي الأميركي، يمكن القول، إنه بعد ولايتي جورج بوش الابن خلال عامي 2000 - 2008، وولايتي باراك أوباما ما بين عامي 2008 - 2016، بان المرشح الجمهوري أوفر حظا للفوز بالرئاسة من خصمه الديمقراطي، أيا يكن المرشحان، ورغم أن دخان ابيض المتنافسين على الجانبين لم يتبين بعد، حيث ما زال هناك نحو العام، إلا أن هيلاري كلينتون تظهر كأبرز المرشحين عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري.
وإذا كانت كلينتون معروفة خاصة في الشرق الأوسط منذ أكثر من عقدين، حيث كانت أولا سيدة البيت الأبيض الأولى كزوجة لبيل كلينتون، راعي اتفاقات أوسلو، ومن ثم كوزير لخارجية باراك أوباما في ولايته الأولى، ما بين عامي 2008 - 2012، فان المقارنة بين السياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال عهدي جورج بوش الابن وباراك أوباما، وقبلها المقارنة بين سياسة البيت الأبيض تجاه الملف الفلسطيني بين عهدي كلينتون وبوش / الابن تظهر وجود فروقات واضحة بين الجمهوريين والديمقراطيين.
خلافا لما أظهره بيل كلينتون من اهتمام بالمفاوضات الفلسطينية / الإسرائيلية حيث بدأ عهده برعاية اتفاقات أوسلو العام 1993، وختمها ببذل جهد مضنٍ أيام كامب ديفيد العام 2000، لم يبد جورج بوش الابن اهتماما يذكر بذلك الملف، الذي شهد مواجهة فلسطينية / إسرائيلية، بلغت ذروتها في تنفيذ ما سمته إسرائيل عملية السور الواقي العام 2002، وعادت فيه قوات الاحتلال لمدن وقرى الضفة الغربية، وداست عبر جنازير دباباتها، مناطق ولاية السلطة بحجة الأمن، وعطلت بالتالي منذ تلك الأيام، العمل باتفاقات أوسلو في كل تفاصيلها ومعظم بنودها. 
كذلك خاض جورج بوش الابن حربين إقليميتين ضد دولتين مسلمتين هما: أفغانستان والعراق وقام باحتلالهما، حيث ما زالت القوات الأميركية حتى اللحظة هناك.
حاول باراك أوباما أن يعدل مسار السياسة الخارجية، بعد أن حرفه الجمهوريون كثيرا، ضد العرب في فلسطين وضد المسلمين في العراق وأفغانستان، فكان أن بدأ عهده بخطابه الشهير في جامعة القاهرة للتصالح مع العالم العربي / الإسلامي.
لكن لم يتقدم أوباما كثيرا، خاصة في ولايته الثانية، حيث يبدو أنه أصيب بالإحباط جراء الفشل الذي أحاط بجهوده في الملف الفلسطيني / الإسرائيلي، ثم في عدم قدرته على إظهار سياسة واضحة فيما وصف بالربيع العربي، وبالأخص في الملف الذي ظل مفتوحا لمدة أطول، ونقصد به الملف السوري.
إزاء ما يظهر على أنه ضعف أميركي في مواجهة الروس وحلفائهم في المنطقة، خاصة بعد ما ظهر على أنه تفوق روسي في ملفي أوكرانيا وسورية، واستنادا لمزاج الناخب الأميركي، الذي يرى ان بلاده بدأت "الانسحاب" من قيادة العالم بالخروج التدريجي من الشرق الأوسط، فان فوز المرشح الجمهوري قد يعني عودة الصقرية والتنمر للسياسة الخارجية الأميركية في المنطقة، وحيث إن ترامب هو حتى اللحظة ابرز مرشحي الجمهوريين فان تصريحاته العنصرية البغيضة التي يبدأ بها دعايته الانتخابية والتي لم يستوعبها لا البيت الأبيض ولا الحكومة البريطانية ولا حتى رئيس بلدية "سانت بترسبرغ" بولاية فلوريدا ريك كريزمن.
طالب المرشح الجمهوري تاجر العقارات الملياردير بمنع دخول المسلمين الولايات المتحدة، كما انه ينوي زيارة المسجد الأقصى نهاية كانون الأول الحالي، بما يبدو أنه يحضر نفسه كرئيس محتمل للولايات المتحدة بمواصلة الحرب المفتوحة على كل العالم الإسلامي، والشد على يد المستوطنين والمتطرفين اليهود لهدم المسجد الأقصى ومن يدري فربما - في عهده - يعترف البيت الأبيض بالقدس "الموحدة" كعاصمة لإسرائيل