"المـــوســــاد".. الـعـلامـــة الإســـرائـيـلـيـة المـمـيّزة

screen-shot-2015-12-07-at-10-29-36-pm-png-62904495915155011
حجم الخط



يستدعى عاملو «الموساد» في اـلاستخبارات والمهام الخاصة الى التجمع في المقر قرب تل أبيب، مرتين الى ثلاث مرات في السنة. ويعتبر هذا بشكل عام لقاء مع رئيس الوزراء، الذي يحيي العاملين بمناسبة السنة الجديدة، وأحيانا ايضا احتفالا بيوبيل ما.
لا يوجد في البلاد مكان يمكن فيه لكل عاملي «الموساد» أن يجتمعوا تحت سقف واحد. وعليه، فان الكثير من العاملين يتجمعون في الطوابق المختلفة من المقر، ويقف المحيي أو المحيون على الدرج. الصف الاول يمكنه أن يراه. اما الصفوف الاخيرة فبالكاد يمكنهم ان يسمعوا التحية، التي تمجد دوما السرية والمساهمة الكبرى التي يعرف عنها القلة فقط.
أكتب هنا «عاملون» وليس «مقاتلون» كما كان يود رجال «الموساد» جدا أن يسموا. هكذا يسمون أنفسهم، غير أن المقاتلين لا يصلون الى هذه المناسبات. فهم يتواجدون في بلدان المعمورة المختلفة ويقومون بمهامهم. كما أنهم لن يأتوا الى الاجتماع التالي الذي سيعقد عندما سيحل يوسي كوهن محل تمير باردو في رئاسة «الموساد».
ان الاحتشاد الكبير في المقر هو ايضا علامة طريق لـلكثير من «المحليين» والقليل من «الاجانب» الذين يدعون الى الاحتفالات المختلفة. وهو علامة طريق، ضمن امور اخرى، لان «الموساد» يسير مع الزمن ولم يعد مثلما كان، خيرا كان أم شرا، وبالاساس خيرا. فمن يحلم في الليالي عن «الموساد» يرَ في عيني روحه اناسا غامضين بسترات مطر غامقة، بياقات عالية، يحتسون الوسكي بكميات تجارية في نواد مظلمة يملأوها دخان السيجار باهظ الثمن، ويتلصصون كل الوقت خلف الظهر ليروا اذا كان احد ما يلاحقهم. نوع من الجيمس بوندنيين. 
ثمة ايضا كهؤلاء، ولكن الحقيقة هي أن «الموساد» نما وترعرع الى حجوم هائلة في ضوء الاحتياجات المتزايدة في الواقع الحالي. فدولة اسرائيل محوطة بالاعداء، بمنظمات الارهاب، وبمن يتظاهرون كاصدقاء. ونحن ملزمون بان نكون مطلعين على كل شيء. كل العالم يطأطئ رأسه امام انجازاتنا في مجال الاستخبارات، باستثناء وكالات الاستخبارات المركزية في الولايات المتحدة – واحيانا هي ايضا. «الموساد» اليوم يكاد يكون العلامة التجارية الاسرائيلية الابرز.    
رؤساء الوزراء، المسؤولون عن «الموساد»، قصيرو النفس بشكل عام. فهم غير مستعدين ليقبلوا أو يفهموا بانه رغم الصورة فان «الموساد» ليس كلي القدرة، وثمة شيء ما لا يعرفه رجاله. ففي «الموساد» ملزمون بان يعرفوا كل ما يحصل في كل مكان في العالم. ومعرفة أمس لا تساوي قرشا اليوم عندما تكون حركة المجريات حول العالم لا تهدأ. فالعالم يغرق في محيط من المعلومات، وهناك حاجة لخبرات غير قليلة لفهم ما يحصل والربط بين الانواع المختلفة من المعلومات.
لقد خلع «الموساد» وارتدى اشكالا مختلفة على مدى السنين. فلم يعد رجاله ينبشون في سلات مهملات السفارات، ولا يكسرون الخزنات. فقد انتهى موسم المفكات والمفاتيح المنسوخة. والكثير من رجاله يقاتلون في ساحة السايبر الجديدة من خلال وسائل متقدمة للغاية. قسم مهم من الحرب انتقلت الى ساحة اخرى حين تحاول الحواسيب الكبرى حمايتنا ممن يحيكون ضدنا المؤامرات. صحيح أنه لا يزال هناك من يسيرون في الازقة المظلمة للقاء المصادر، مزودين بآذان طويلة وعيون ثاقبة للقرن الـ 21، ولكن لا يقل عن ذلك الحرب الدائرة ايضا في الغرف المليئة بأضواء النيون. في مجال القتال هذا كان «ن» النائب الحالي لرئيس «الموساد» له ميزة كبرى. وكان القتال الالكتروني ولد من أجله.
ولكن عندما يكون أمام رئيس الوزراء مرشحان مناسبان على الاقل، فاننا ملزمون بان نثق بتفكره في أن يعرف كيف يختار الرجل المناسب. من هذه الناحية وليس منها فقط، يستحق «الرئيس» الجديد، يوسي كوهن، مباركة الطريق. في الحالة التي أمامنا فانه حتى القول الممجوج «نجاحه هو نجاحنا» لا يبعث على ابتسامة صفراء. هذا صحيح في ضوء الظهيرة.

عن «يديعوت»