سفينة إسرائيل المهتزّة ستواصل الإبحار

حجم الخط

بقلم: آنا برسكي

 

 


الخميس الماضي في ذروة ماراثون التصويتات على ميزانية الكنيست، جرى في مجلس الشيوخ الأميركي تصويت آخر، مهم بقدر لا يقل بالنسبة لإسرائيل، وهو تعيين توم نايدس، سفير أميركيا في إسرائيل. انتظر نايدس بصبر نصف سنة، 'لى أن اقر التعيين.
صدفة رمزية تنقل إلى الحكومة في القدس رسالة واضحة وحادة: كل المسائل السياسية موضع الخلاف لم تنس ولم تلغ. انتظرت إدارة بايدن بصبر إلى أن تقر الميزانية في إسرائيل وتستقر الأرضية تحت أقدام بينيت، لبيد وشركائهما، قبل أن يبدؤوا بالحديث في المواضيع.
فضلا عن قرار الانتظار حتى إقرار الميزانية، احتاج الأميركيون للوقت كي يبلوروا فريقا يقف أمام الحكومة الإسرائيلية. ليس في كل يوم يسافر رئيس الوزراء بينيت إلى واشنطن كي يتحدث مع بايدن عن القنصلية في شرق القدس، وعن المواضيع الفلسطينية، وعن النووي الإيراني.
هناك حاجة لأحد ما يعالج المواضيع الإسرائيلية عن كثب وبشكل متواصل. وبالفعل، تلقى توم نايدس الإذن النهائي وسيبدأ بتنظيم رحلته إلى إسرائيل.
سيستغرقه وقت للتكيف وللدخول إلى بواطن الأمور، ولكن ليس وقتا كثيرا. نايدس، رجل مجرب وذو معرفة جمة، يعرف أنه في الطريق للدخول إلى حارة معقدة. الفلسطينيون ينتظرون وصوله كي يطالبوا بفتح القنصلية التي أغلقها ترامب، كريه أنفسهم. وهم غير مستعدين ليسمعوا عن حلول وسط مثل ذاك الذي أطلق، مؤخرا، كبالون اختبار من جانب مسؤولين كبار في الحكومة الإسرائيلية: ليس قنصلية في شرق القدس بل مكتب للشؤون القنصلية في أراضي السلطة، في رام الله مثلا.
ليس فقط موضوع القنصلية سيطرح على جدول الأعمال. خطط البناء في المنطقة E1، ولا سيما في عطروت، ستثير غير قليل من الخلافات. ليس فقط بين حكومة بينيت وإدارة بايدن، بل أيضا داخل الحكومة نفسها.
ومن المتوقع أن يجرى اليوم (أمس) نقاش حول الاعتراضات على خطة البناء في المنطقة التي تسمى  مفسيرت ادوميم – 12 كيلومترا بين القدس ومعاليه أدوميم، حيث ستبنى وحدات سكن عديدة، إذا ما اجتاز المشروع العوائق الكثيرة.
بالنسبة للجناح اليميني في الحكومة فإن هذا عصفور الروح. اسألوا وزراء "أمل جديد"، "يمينا"، ورئيس الوزراء نفسه. من ناحيتهم، مفسيرت ادوميم يجب أن تقوم، مثل المشروع في عطروت أيضا. ولكن في الجناح اليساري من الحكومة يفكرون بشكل مختلف. فمؤخرا فقط قالت رئيسة "العمل"، وزيرة المواصلات، ميراف ميخائيلي: "لسنوات عديدة جدا كانت إسرائيل دولة يهودا والسامرة. حان الوقت لتعود لتكون دولة النقب والجليل".
فهل بعد إقرار الميزانية ستشتعل الخلافات بين أجنحة الحكومة والأرض التي استقرت لتوها تبدأ بالاهتزاز؟ ليس بهذه السرعة. فالثقة التي يعطيها ناخبو اليسار لمنتخبيهم لا تزال واسعة وقوية. فالفرح لدخول اليسار إلى الائتلاف بعد سنوات جيل في صحراء المعارضة لم يتبدد بعد. ووجود بنيامين نتنياهو في المعارضة، بعيدا عن المنزل في بلفور، يفرح ناخبي اليسار أكثر مما يثير أعصاب اليمينيين في الحكومة. اغلب الظن سيبقى هذا الوضع أيضا ربما حتى التناوب بين بينيت ولبيد. ولكن حتى إذا ما بقي، فان السكينة، الراحة والاستقرار لن تميز الائتلاف والحكومة.
السفينة المهتزة ستواصل الإبحار، الاهتزاز، والإبحار إلى الامام. حتى متى؟ من الصعب أن نعرف. الإمكانيات عديدة: حتى الانتخابات التالية، حتى التناوب أو حتى ما بعد التناوب.

عن "معاريف"