عبر الاعتماد على ثنائية "الاستثمار والتصدير" تعمل الجزائر على إخراج اقتصاد البلاد من دائرة المحروقات، مع تطبيق سياسة اقتصادية قائمة على دعم المنتجات الوطنية الموجهة للتصدير، خاصة في إفريقيا، وهي القارة التي تتسابق نحوها كل الاقتصادات الصاعدة.
وفي هذا السياق، تحتضن الجزائر "مؤتمر الجزائر للاستثمار"، وهو مؤتمر اقتصادي ترعاه عدة وزارات، شهد حضور ما لا يقل عن 600 مشارك، ما بين متعاملين اقتصاديين من القطاعين العام والخاص، إضافة إلى مستثمرين أجانب.
وحسب مصادر شاركت في المؤتمر، فإن أبرز مقترحات المشاركين ركزت على ضرورة تعديل بعض القوانين، والحرص على استقرارها، والاستثمار في بعض المجالات ذات المردودية المهمة، وأيضا العمل على ترقية قطاع الرقمنة.
ومن بين التصريحات اللافتة من "مؤتمر الجزائر للاستثمار"، ما ذكره وزير التجارة وترقية الصادرات، كمال رزيق، الذي أوضح أنه تم تسطير "برنامج ثري" عامي 2022-2023، تشارك من خلاله الجزائر في أكثر من 50 معرضا دوليا، مبرزا أن "حصة الأسد ستكون للأسواق الإفريقية".
كسب معركة "الثقة"
وتتجه الحكومة الجزائرية وفق نظرة استشرافية، نحو وضع استراتيجية جديدة لترقية الاستثمار، من خلال قانون الاستثمار الجديد الذي ينتظر عرضه قريبا على الحكومة، حيث تسعى من خلاله لخلق مناخ أعمال ملائم للمستثمرين.
وكان وزير الصناعة الجزائري، أحمد زغدار، قد أكد مؤخرا أن "القانون يهدف إلى التكفل بالعقبات الموجودة على الأرض عند تطبيق المنظومة القانونية المتعلقة بالاستثمار".
وحسب مدير المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير، محمد بوطالبي، في حديثه، فإن "الاقتصاد الجزائري يبحث اليوم عن فرص جديدة لتدارك ما فاته، ويأتي هذا المؤتمر كمحطة تحمل ديناميكية مفيدة للترويج لفرص الاستثمار في البلاد".
وحسب خبراء، فإن هناك مجالات واسعة بخصوص ترقية الاستثمار في الجزائر، من السياحة إلى الصيد البحري مرورا بالميدان الصحي والزراعي والميكانيكي والمحروقات. ويرى بوطالبي أنه "من الضروري تحديد معالم واضحة بخصوص آليات جذب وتوجيه الاستثمارات".
وحول ما يجب فعله من قبل السلطات المعنية لتحسين مناخ الأعمال، قال بوطالبي إنه "انطلاقا من مقولة رأس المال جبان.. لا بد من تحرير الاقتصاد، لأن الاقتصاد المفتوح يُبنى على الثقة بين المستثمر والإدارة".
ودعا في السياق ذاته، إلى "ضرورة قراءة الخارطة الاقتصادية الإفريقية من أجل إيجاد أفضل موطئ قدم في القارة، خاصة أنها تحولت اليوم إلى وجهة عالمية تتسابق نحوها عدة دول كبرى".
الزراعة.. التجربة المأمولة
ويعتبر خبراء اقتصاديون أن ظروفا كثيرة تدفع الجزائر للتحول الاقتصادي الموعود، القائم على ثنائية التصدير والاستثمار، في ظل نجاح تجربة القطاع الزراعي، الذي استطاع وفق قراءات مراقبين تحقيق قفزة نوعية، ليبلغ حجم الإنتاج ما يعادل 25 مليار دولار خلال سنة 2020.
وبهذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي، عمر هارون، إن "الاقتصاد الجزائري يعيش منذ سنوات على أمل التنويع، خاصة بعد تراجع أسعار المحروقات ودخول الجزائر في إجراءات لتقليص الإنفاق، خاصة الاستثماري".
واستطرد في حديثه، قائلا إن "ما حققه قطاع الفلاحة من أرقام إيجابية في السنة الأخيرة، جعل الجزائريين، سلطة وشعبا، يشعرون بقدرة حقيقية للخروج من التبعية النفطية".
وحسب الخبير ذاته، فإن الرهان الحقيقي في المرحلة الحالية "يبقى في المحافظة على استقرار أسعار السلع التي يتم تصديرها بشكل مكثف، على غرار الحديد، الذي ارتفعت أسعاره بنحو 100 بالمئة في السوق المحلية".
ويكمن التحدي الرئيسي، وفق هارون، "في إمكانية إرساء أسس لأرضية صلبة للتصدير، دون أن يؤثر ذلك على المستوى الداخلي، خاصة في المواد الغذائية".
ويعلق الخبير الاقتصادي ذاته آمالا على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي يمكنها، في حال توفرت التسهيلات اللازمة لها، أن "تصبح مصدرة للعديد من المنتجات، خاصة لتوفر المادة الأولية واليد العاملة والطاقة بأثمان رخيصة، في انتظار صدور قانون الاستثمار ودخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي يمكن أن تحقق قفزة نوعية في مجال الصادرات".
واختتم حديثه بالقول: "الأوضاع الحالية تؤكد أن الميزان التجاري للجزائر سيكون موجبا وبحوالي 3 إلى 4 مليارات دولار، وهو ما لم يتحقق منذ عدة سنوات".
المصدر: سكاي نيوز عربية