معادلة كلية خنزير.. يا للهول

69db5a5b872bb7ce4f09d917d4df6665.jpg
حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

أعلن مؤخرا عن نجاح اول عملية زراعة كلية حيوان في انسان ، بعد عقود من الدرس والبحث والتحليل والتجريب ، ما يمكن ان يفتح طاقة الامل للملايين ممن ينتظرون دورهم في الزراعة والذي قد يصل في امريكا الى نحو خمس سنين، فما بالكم في الصومال.

المشكلة هذه المرة مع قوى الدين، ان الكلية الحيوانية تعود للخنزير، ولهذا بدأت بعض الاصوات المسؤولة في العالمين العربي والاسلامي بلفظ الفكرة جملة وتفصيلا، رغم ان جسم الامرأة الامريكية الذي زرعت فيه الكلية لم يلفظها بل “بدت و ظائف هذه الكلية طبيعية الى حد بعيد” وفق الجراح المسؤول روبرت مونتغمري.

نفهم ان الديانات بالمجمل، ترفض الجديد والتجديد، من باب ان ليس بالامكان افضل مما كان ، ولهذا ناهضت معظم الاختراعات في مطالعها وبداياتها ، لكنها عادت وقبلت بها وأقدمت عليها، بما في ذلك السيارة والطائرة والراديو والتلفزيون والصعود إلى القمر، حتى المصباح الكهربائي الذي حين قدم لكنيسة باريسية، نهاية القرن الثامن عشر ، قالوا انه نبت شيطاني . فهل هناك اليوم من كنيسة في العالم لا تستخدم الكهرباء (باستثناء دير مار سابا في العبيدية).

المسألة هذه المرة ليست مع الكلية بحد ذاتها، بل مع صاحبها الذي ورد تحريمه في القرآن الكريم. ولكن من قال ان تحريم أكله ينسحب على زراعة اعضائه في الاجسام المريضة، لو كان الامر يتعلق بشرب حليبه ، لكان القياس جائزا او قريبا، ثم اين ذهبت القاعدة الشرعية المتعلقة بالضرورات التي تبح المحظورات.


في خمسينيات القرن الماضي افتى الازهر القاهري بتحريم زراعة الاعضاء من انسان الى انسان، في تخريج غريب وعجيب؛ ان اعضاءك يا مؤمن هي ليست لك كي تتبرع بها، بل هي لله، وهي عندك أمانة، لا بد ان تردها الى صاحبها. لكن فات الازهر الشريف انذاك انك حين تتبرع بها لأخيك الانسان انما تتبرع لمن خلقه الله ايضا، الخنزير ايضا هو ممن خلقهم الله، وهو الذي جعل اعضاءه وجيناته وكروسوماته متقاربة من الانسان، ومن يدري لربما لهذا السبب حرّم أكله، بمعنى انه منع ذبحه كما تذبح الاغنام والانعام والابقار وبقية المحللات. و حتى يستطيع الطب ايجاد حيوان بديل، فسيقدم المحتاجون على الزراعة، بغض النظر عن دينهم ومعتقداتهم، كما حصل من قبل مع الانسولين قبل ان يتم استخلاصه من البقر ومن البشر على حد سواء.

انها دعوة لعلماء الدين، ان يتريثوا في اطلاق فتاواهم بالتحريم والتحليل على هواهم، وان ينزلوا بعض الشيء من عليائهم
من انهم وكلاء الله على الارض، وان ينظروا الى العلم نظرة اخرى، والى العلماء “الذين يرفعهم الله درجات” وعدّهم نبي الاسلام “ورثة الانبياء”، فيتعظوا من قرن طويل مثقل بالاختراعات والصناعات والاكتشافات العظيمة، كلها تقريبا كانت قد حرّمت، ولهذا لم نشارك ولا بأي شكل من الاشكال في صياغتها، بل في اقبال منقطع النظير على استهلاكها.