إسرائيل تكثّف هجماتها في سورية: روسيا لا تكترث

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 



القصف الجوي، الذي نسب لإسرائيل في سورية، قبل أيام، هو العملية السابعة من نوعها خلال شهر تقريباً. حسب تقارير وسائل الإعلام الأجنبية في المنطقة، فقد هوجم مصنع لإنتاج الصواريخ في مدينة منطقة حمص في شمال سورية وأهداف أخرى في منطقة مدينة طرطوس في شمال غرب سورية.
وقال مصدر روسي رفيع في سورية، بعد الهجوم، إن إسرائيل أطلقت ثمانية صواريخ على منشآت للجيش السوري في محافظة حمص، اعترضت منظومات الدفاع الجوي في سورية ستة منها. لم يتضمن الإعلان الروسي إدانة لإسرائيل بسبب الهجوم. وقد سبق ذلك عدة هجمات لإحباط تهريب السلاح الى جانب عملية على طول الحدود في هضبة الجولان.
مثلما نشر هنا، الشهر الماضي، فانه حقا يبدو أن هناك ارتفاعا في نطاق الهجمات في سورية، في اطار ما يسمى "المعركة بين حربين". يوجد لإسرائيل أهداف رئيسية في سورية، منها احباط تهريب السلاح لـ "حزب الله" من إيران عبر الاراضي السورية والمس بمصالح إيرانية اخرى مثل قواعد المليشيات الشيعية في عمق سورية وبنشطاء محليين يعملون لصالح إيران و"حزب الله" قرب الحدود في هضبة الجولان.
ازدياد عدد الهجمات ربما هو ينبع ايضا من تلاقي المصالح. على الاقل حدث هجومان في الظهيرة في النهار ويبدو أنهما أضرا بمحاولة تهريب سلاح، من خلال استغلال فرصة ضيقة للعمل. يدل هذا على وجود معلومات استخبارية دقيقة تمكن من المس الدقيق في فترة زمنية معطاة. إضافة الى ذلك، ربما أنه من الأسهل تركيز الهجمات في المناخ الحالي قبل حلول الشتاء والغيوم التي تمس بفعالية القصف جوا. وزير الدفاع، بني غانتس، قال، أول من أمس، في خطاب ألقاه في احتفال تدشين مصنع جديد لـ "رفائيل" في شلومي إن "إسرائيل لن تسمح لحزب الله بالتسلح بسلاح يمس بتفوقنا في الجو وامتدادات اخرى لإيران".
على الصعيد الاستراتيجي يبدو أن روسيا، بعد اكثر من اسبوعين على قمة بوتين – بينيت في سوتشي، غير قلقة بشكل خاص من قصف إسرائيل لاهداف إيرانية. وحقيقة أن عدد من الهجمات الأخيرة تم قرب القوات الروسية نسبيا في منطقة حمص وبشكل خاص في منطقة طرطوس، يمكن أن تدل على أخذ إسرائيل مسبقا في الحسبان أمن الجنود الروس. أول من أمس قبل منتصف الليل نشرت وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" نقلا عن الأدميرال الروسي، فادين كوليت، أنه في هجوم إسرائيل شاركت ست طائرات اف15 أطلقت ثمانية صواريخ على منشآت للجيش السوري. وحسب قوله فإن أنظمة الدفاع الجوي التي زودتها روسيا لنظام الاسد نجحت في اعتراض ستة من هذه الصواريخ.
يعكس الإعلان الروسي حقيقة أن الأمر يتعلق بهجوم استثنائي في حجمه في منطقة حساسة، لكن أيضاً في هذه الحالة فان موسكو امتنعت عن إدانة مباشرة لأعمال إسرائيل في سورية. ورغم أنهم في إسرائيل يبالغون بقوة رغبة نظام الأسد في التحرر من احتضان إيران، إلا أنه من المشكوك فيه اذا كانت الهجمات تقلق اكثر من اللزوم السلطات في دمشق.
الجهة التي هي تقريبا غير موجودة في الصورة هي الولايات المتحدة. ففي نهاية تشرين الاول هاجمت مليشيات شيعية، تحصل على التوجيهات من إيران، القاعدة الأميركية في التنف في شرق سورية بوساطة الطائرات المسيرة. وفي هذا الأسبوع في هجوم مشابه نسب أيضاً لإيران تم قصف رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، الذي يتبنى خطا مستقلا عن إيران. في هاتين الحادثتين فان الأميركيين اكتفوا في هذه الأثناء بالإدانة. في الوقت الذي تستعرض فيه إسرائيل قوتها في سورية، ينبع جزء منها بالتأكيد من الإحباط بسبب عدم قدرتها على التأثير على المفاوضات النووية بين إيران والدول العظمى، فانه توجد للأميركيين مشكلات ملحة اكثر.
دولة اخرى تنتظر ما سيصدر عن الولايات المتحدة هي مصر. يتطلع الرئيس عبد الفتاح السيسي الى مساعدة اوسع من ادارة بايدن، وهو قلق من انتقاد الحزب الديمقراطي لخروقات حقوق الانسان من قبل نظامه. يبدو أن هذا هو السبب الرئيسي الذي يدفع مصر الآن الى الجهر بعلاقاتها الوثيقة التي تقيمها منذ سنوات مع إسرائيل. تعبيرات التقارب العلني مع إسرائيل يمكن أن تساعد في زيادة أسهم القاهرة في واشنطن. الاحد الماضي عقد في شبه جزيرة سيناء اللقاء الدوري للجنة المشتركة بين الجيش الإسرائيلي والجيش المصري. ضم الوفد الإسرائيلي جنرالين، رئيس قسم العمليات في هيئة الأركان، عوديد بسيوك، ورئيس شعبة الاستراتيجية، طل كلمان. بصورة استثنائية وافقت مصر على نشر صورة رسمية للقاء. في المحادثات نفسها تقرر أن تسمح إسرائيل لمصر بتعزيز قواتها في رفح مع خرق (متفق عليه) للملحق العسكري في اتفاق السلام بين الدولتين.
تعزيز القوات المصرية يمكن أن يخدم هدفين. الاول، المساعدة في الصراع ضد امتداد "داعش" في سيناء (الذي يقلق مصر). الثاني، أمل إسرائيل في تعزيز معين للمراقبة المصرية لما يحدث في قطاع غزة. تنشغل مصر في جهود وساطة محمومة بين إسرائيل و"حماس" في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار في القطاع. وفي الوقت ذاته هي تسمح بتدفق كبير للبضائع المهربة التي تشمل أيضا مواد بناء ثنائية الاستخدام، تمنع إسرائيل دخولها الى القطاع من أراضيها.

شحنة سلبية زائدة

على الأجندة وفي الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة تقف قضية شركة "ان.اس.أو". في جهاز الأمن أملوا في أن سلسلة محادثات بين وزير الدفاع، بني غانتس، وشخصيات رفيعة في حكومة فرنسا ستخفف غضبهم على استخدام برنامج السايبر "بيغاسوس" من إنتاج هذه الشركة من قبل المخابرات المغربية لمراقبة شخصيات فرنسية. الانطباع الذي تولد هو أن وعود إسرائيل هدّأت بشكل قليل الفرنسيين، لكن بعد ذلك جاءت الخطوة الشديدة للأميركيين، الذين فرضوا عقوبات مباشرة على الشركة بذريعة أنها "سعت الى تقويض الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة".
وأضيف الى هذه الخطوة الأميركية في هذه الأثناء النشر عن أن "بيغاسوس" استخدم ايضا للاختراق ومراقبة هواتف محمولة لنشطاء في ثلاث منظمات فلسطينية من بين الست، التي أخرجتها إسرائيل مؤخرا خارج القانون بذريعة أنها مرتبطة بنشاطات "إرهابية" للجبهة الشعبية. وتولد الانطباع بأن صبر إدارة بايدن قد نفد تجاه عمليات إسرائيل التي كانت تمر من تحت الرادار في فترة إدارة ترامب.
ينبع الانتقاد المتزايد في واشنطن لإسرائيل من مواقف مرتبطة ببعضها. الأول، التحفظ من الخطوات المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي لـ "المناطق". والثاني، الانتقاد المتزايد لخرق حقوق الإنسان بشكل عام واختراقات سايبر، بشكل خاص، من قبل دول ومنظمات. في "نيويورك تايمز" نشر، أول من أمس، أن إسرائيل ستستخدم مراكز ضغط لها في الإدارة بهدف إلغاء العقوبات التي فرضت على الشركة. ومن غير المؤكد أن هذا هو موقف جميع الجهات ذات الصلة. يبدو أنهم في وزارة الدفاع على الأقل غير متحمسين لاستمرار جهود الدعم والحماية لشركة "ان.اس.أو".
هذا الموقف يمكن أن يكون إشكالياً لأنه أصبح من الواضح، الآن، أن منظومة إسرائيل في عهد الإدارة السابقة استخدمت على الأغلب كوسيطة بين أنظمة مشكوك فيها وبين الشركة، قبل أن تشتري هذه الأنظمة منتجات الشركة وخدماتها. حتى الآن عدد من الجهات ذات العلاقة بالأمر تقترب من التوصل الى استنتاج بأنه قد حان الوقت لتقليص العلاقة الرسمية مع الشركة، التي اقترنت باسمها ونشاطاتها الآن شحنة سلبية زائدة في نظر دول وحكومات كثيرة، بقدر الإمكان.

عن "هآرتس"