جنازة "الفتى أنس".. رسالة غضب وجرس إنذار للحاكم بأمره!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 منذ أيام وخبر استشهاد فلسطينيين غرقا في المياه التركية، تمثل حدثا بارزا لم تنته بالعثور عليهم، ولن تنتهي بتشييعهم في بقايا الوطن أو حيث رحلوا.

يوم الأحد 14 نوفمبر 2021، وصل الشاب أنس أبو رجيلة، أحد شهداء "الموت غرقا"، الى بلدته "خزاعة" شرق خانيونس لينهي رحلة حياه في ترابها، فكانت المفاجأة في وداعه الأخير، عندما خرج آلاف من سكان المنطقة والمحافظة في جنازة ربما هي الأكبر منذ عشرات السنين، التي تشهدها البلدة الريفية.

بالتأكيد، المشاركة بالجنازة ثم العزاء، جانب اجتماعي – إنساني وتقليدي في فلسطين، كما غيرها، ولكنها تكتسب معان مختلفة مع الشهداء، إلا أن جنازة أنس" أصبحت علامة فارقة بالمشاركين الذين يفوق عددهم ربما عدد سكان البلدة ذاتها، تعبيرا التعاطف الإنساني، ممزوج برسائل غضب غير عادية لولي الأمر في بقايا الوطن، شماله وجنوبه.

"أنس" ليس الأول الذي اختار الهروب من الكارثة الإنسانية التي يعيشها اهل قطاع غزة، منذ وقعت حماس في "مصيدة انقلابية" رسمتها دوائر التآمر على القضية الوطنية، فأصابها العمى السياسي بخطف القطاع لتقيم سلطتها دون ان تدرك مخاطر ذلك.

منذ الانقلاب 14 يونيو 2007، يعيش قطاع غزة حالة إنسانية غير مسبوقة، حصار متعدد الأشكال أوصل أهل القطاع الى حالة من الفقر والإفقار، عدا "فئة ضآلة" وجدت في الحصار سلما لتراكم الثروة، وفتحت بابا جديدا من أشكال الفساد واستغلال مآسي الحصار، دون حساب.

الهجرة هربا عبر قوارب بدائية، هي شكل من اشكال استغلال ذلك الحصار لإثراء البعض، عبر مصير من يبحثون عن فرصة ربما تنقذهم مما وصل اليه حال الأهل فقرا ونكسات حياتية متعددة، يعلمون أن خيار الهجرة بقوارب بدائية لن تكون "سالكة" أبدا، لكن الحصار لم يترك لهم خيار غير الخيار، الموت حيا فقرا أو الموت غرقا مع إمكانية أن تعيش.

"جنازة أنس"، ليس جانبا للتعاضد الاجتماعي فحسب، بل هي أحد رسائل الغضب الصارخة جدا، بأن استمرار الحال على ما هو عليه لن يدوم، وأن الغضب المخزون لن يبقى طويلا، وأن الحاكم بأمره واجبه أن يجد حلا للكارثة الإنسانية، وليس الهروب منها تحت يافطات مختلفة، خاصة في ظل ما يعلمه الناس ويرونه من "تراكم ثروة فساد"، دون حسيب أو رقيب.

"جنازة أنس"، رسالة إنذار شعبية الى قيادة حماس وحكومتها في قطاع غزة، ان الاختباء خلق ستار "المقاومة"، لن يكون جدارا واقيا لانفجار شعبي قد يحدث في كل لحظة، ما لم تعيد النظر كليا في سلوكها العام، حكما وممارسة وسياسية، وقبلها توزيع الممكن الاقتصادي وفق الحاجة الإنسانية، وليس وفق "الحاجة الحزبية"، تحت شعار "أولى بك فأولى"

"جنازة أنس"، إنذار لأن الحكم القائم عليه توفير حياة إنسانية لسكان قطاع غزة، وليس الهروب نحو القاء اللوم على الغير، فمن لا يستطيع إدارة حكم وتوفير حد أدنى من البعد الإنساني، عليه التقاعد من الحكم، عندها سيصبح الأمر مسؤولية كلية للسلطة الفلسطينية وحكومتها، التي تختبئ وراء خطف حماس لقطاع غزة.

"جنازة أنس"، لن تصبح خبرا من ماض...فقد زرعت بذرة رفض لواقع من القهر والافقار..ولن تغلق بالحديد والنار...فمن يختار الموت غرقا قد يختار الموت برصاص، مستظلا بمقولة الصحابي الأبرز أبو ذر الغفاري، "عجبت لمن لا يجد قوت يومه لا يخرج شاهرا سيفه"...دون البحث هل قالها ام نقلها عن الإمام علي بن أبي طالب.

"جنازة أنس"..جرس إنذار مبكر وتشييع لحالة الخوف المخزون نحو حياة إنسانية لا أكثر!

ملاحظة: عيب ان تقف حركة فتح وفصائل منظمة التحرير صامتة أمام "سفالات سياسية" بعض كتبة حمساويين ضد الخالد و"وثيقة الاستقلال"...الحقد والكراهية للوطنية الفلسطينية لا يجب السكوت عليه!

تنويه خاص: مش غلط أبدا أن تقوم "الرسمية الفلسطينية" بتدقيق منيح فيما يحدث من تطورات حولها...مصالحات شمال ويمين..هي أولى أن تترك بعضا من "حقد" أصابها بعجز عام وأصاب القضية بانكسار عام..وتشوف المطلوب!