السلطان التركي يخوض حرب بقاء

اليكس فيشمان.jpg
حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان



علق سائقان إسرائيليان في فيلم رعب تركي في حرب بقاء سياسية لـ"سلطان مريض". وبالقدر ذاته كان يمكن لهما أن يكونا هولنديين أو أميركيين. ولكن الإسرائيليين هم دوما جذابون بسبب العلاقة بـ"الموساد"، ما يسمح بخلق عناوين رئيسة. وهذا بالضبط ما يريده الرئيس اردوغان. الكثير من العناوين الرئيسة التي تصرف الانتباه عن النقد الجماهيري القاسي الموجه ضده وضد الحزب الحاكم في تركيا وتعزز شعبيته المتآكلة. فخلق أزمات دولية مع دول اخرى – ومن المرغوب فيه الا تكون اسلامية - هو نمط عمل متكرر لديه، هدفه تعزيز مكانته في الاستطلاعات. فقد خلق اردوغان في السنوات الأخيرة ازمات كهذه حيال ألمانيا، روسيا، هولندا، الولايات المتحدة، وحتى حيال الصين. وكان مستعداً ليتعرض لعقوبات أميركية وتهديدات اوروبية على أن يوحد الشعب حوله ويعزز كرسيه. والآن، حين يكون هناك خطر في ان تفوز المعارضة بالحكم في الانتخابات العامة في العام 2023، مثلما سبق أن حصل في انتخابات بلدية اسطنبول في 2019، تعود أيضا "قصص الموساد". قبل نحو شهر فقط، حاول اردوغان خلق أزمة حول 15 "عميل موساد" اعتقلوا بتهمة التجسس على "حماس". وفي النهاية تبين أن هؤلاء مسلمون، معظمهم فلسطينيون من سكان غزة، لم يكن لهم فكرة عمن يعملون لديه. القصة لم تتطور ولم تخلق الزخم الذي عول عليه الحكم.
السائقان وقعا في ايدي الاتراك كثمرة ناضجة. وللنظام، الآن، يوجد ما لا يقل عن 20 يوما كي يخرج من دولة إسرائيل النفس وان يخلق عناوين وطنية – قومية داخل تركيا. فإلى جانب الاجراءات القضائية ستبدأ محادثات بين الدولتين في الغرف المغلقة، وسيطلب الاتراك ويطلبون. سيحاولون مثلا تحسين مكانتهم في الحرم من خلال جمعيات لهم في المكان. وسيطالبون من إسرائيل أن تعتذر عن التجسس، وسيهتمون بالتسهيلات لـ"حماس" في غزة. واذا لم تفعل هذه العناوين اللازمة فسيجدون أحدا ما في الممثلية الإسرائيلية ويطردونه.
بعد اكثر من 20 سنة حكم، اردوغان على حافة فقدان صوابه. في ايلول، قفزت الاسعار للمستهلك في تركيا بأكثر من 19%. وفي تشرين الاول بلغت هذه 29%. التضخم المالي يندفع. قيمة العملة تهبط، البطالة ترتفع، احتياطات العملية الاجنبية تنهار، الاستثمارات الاجنبية لا تصل والسياحة – أحد الفروع المهمة في تركيا – لم تنتعش بعد. التوقعات بتحسن الوضع الاقتصادي غير متفائلة. ويتخذ اردوغان سياسة اقتصادية شعبوية. فهو يضغط مثلا لتخفيض سعر الفائدة قبل كل شيء كي يتزلف لقاعدته الاسلامية، التي ترى في الفائدة عملا يتنافى مع الاسلام. ولإرضائهم نجده مستعدا لأن يقضم من استقلالية البنك المركزي الذي يعارض سياسته، ويدفع الاقتصاد التركي الى مزيد من التدهور.
كما يواجه اردوغان، اليوم، انتقادا على الفساد. فالأضرار الهائلة التي تسببت بها الحرائق التي ألمت بتركيا في الاشهر الاخيرة تعد في نظر الجمهور وليدة فساد خلقه الاهمال. وبالتالي فإنه لاجل تغيير الرأي العام فإنه يغير الدستور ايضا. وتغيير الدستور سيسمح مثلا بتخفيض نسبة الحسم، ما سيسمح لاحزاب صغيرة، شريكة في الحكم، لأن تدخل الى البرلمان في الانتخابات القادمة. وبالتوازي، يشدد على الرقابة وعلى الاعلام ويقضم من صلاحيات المؤسسات التي تشرف على الانتخابات.
ينبغي أن نستوعب: تركيا دولة غير آمنة للسائح الإسرائيلي. ليس بسبب التركي في الشارع بل بسبب النظام التهكمي والمعادي الذي جعل إسرائيل عدوا فقط كي يحافظ على كرسي السلطان. إسرائيل على اي حال لا يمكنها أن تفرض عليه عقوبات، وبالتالي فهي أيضا عدو مريح.

عن "يديعوت"