هل أصبحت السلطة الفلسطينية متفرجا سياسيا فيما يتعلق بقطاع غزة؟!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

اختتم مؤتمر "المانحين" مؤتمره الخاص بالعاصمة النرويجية يوم 17 نوفمبر 2021، وبعيدا عما اتفقوا عليه فيما يخص دعم وكالة الأونروا، او بحث سبل توفير الأموال للسلطة الفلسطينية، فقد كان ملفتا وضع فقرة خاصة حول قطاع غزة في البيان الختامي، حيث (أوصى الدول المانحة بزيادة المساعدات للسلطة الفلسطينية ومواصلة الدعم الإنساني والتنموي في جميع أنحاء فلسطين، بما في ذلك برامج النقد مقابل العمل، ودعم حزمة الأمم المتحدة للتدخلات الحاسمة في غزة والتي تهدف إلى الحفاظ على الهدوء، وتمويل آلية إعادة إعمار غزة).

في ذات التوقيت، أعلن سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، عن "توقيع دولة قطر لاتفاقيات مع جمهورية مصر العربية الشقيقة، لتوريد الوقود ومواد البناء الأساسية لصالح قطاع غزة، مؤكدا أن هذه الجهود التعاونية المشتركة من شأنها أن تساهم في تحسين الظروف المعيشية"، ونوه لأهمية "تفاهمات التهدئة الحالية، وتسهيل حركة المسافرين عبر معبر رفح البري، والتواصل بين كافة الأطراف لتهدئة الأوضاع في المنطقة".

بالتأكيد، قد يكون ما ورد في بيان المانحين وبيان المريخي، مريحا الى أهل قطاع غزة من حيث الأمل الممكن لفك بعض من حصار ظالم قاتم مفروض منذ سنوات طويلة، ما بعد انقلاب حماس 2007، سواء تم الالتزام بما جاء في البيانيين أم جزء منها.

ولكن، مع تلك الإيجابية الإنسانية، وبتدقيق خاص، نجد أن هناك "ثغرة سياسية خطيرة"، تضمنها كلا البيانين، حيث تبين أن السلطة الفلسطينية، المفترض أنها ممثل الشعب في بقايا الوطن، والحكومة الرسمية المعترف بها، لم تكن طرفا حاضرا فيما حدث.

بيان المانحين وضع نصا خاصا حول قطاع غزة، في تمايز واضح، ما كان له أن يكون لو كان للسلطة الفلسطينية حضور مقنع في المؤتمر بأنها جهة التمثيل ذات الصلة، ليكون ما يتعلق بالدعم أو توفير الأموال سلة واحدة تقوم السلطة ذاتها، وفق تفاهم خاص بإعادة توزيعها بشكل يتفق والحاجة الخاصة، وليس فصل بند مالي خاص بالقطاع، في إيحاء ذي "دلالة سياسية خطيرة".

وجاء بيان الوزير القطري، ليضيف بعدا تحذيريا مضافا، عندما أعلن في أوسلو، عن اتفاق مع الشقيقة مصر حول اتفاق توريد الوقود ومواد البناء الأساسية، دون أي إشارة الى السلطة الفلسطينية وحكومتها، في تلك الاتفاقية، بل ان الوزير القطري تجاهل بشكل مثير وجود رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني وفريقه بالكامل، ولم يقم بـ "مجاملة ما" ليعلن عن قيامه بـ "إعلامهم" أو "التنسيق" معهم في تلك الاتفاقية أو التفاهم.

الحدثان، قد لا يصيبان السلطة الفلسطينية وحكومتها بأي من حالات الارتعاش السياسي، وبالقطع لن تجرؤ على "التذمر العلني" على تجاهلها الواضح فيما يتعلق بالتعامل مع القطاع، وكأنه لم يعد جزءا من مناطق تأثيرها العام، وسواء غضبت صمتا، أو لم تدرك أن الحدث يمثل "خرقا صريحا" للحالة التمثيلية، فما كان خطوة لا يجب ان تمر وكأنها مسألة عادية.

تزامن بيان المانحين والبيان القطري لتمايز قطاع غزة عن الضفة والقدس، وإهمال كلي للحكومة الرسمية مؤشر ان هناك ملامح بدأت في التحضير لمستقبل سياسي يتعامل مع حالة كيانية خاصة، وبظروف خاصة في القطاع، دون ربطها بأي صلة مع الحكومة المركزية.

موضوعيا، ما كان يجب أن تسمح الحكومة الفلسطينية بتمرير تلك الفقرة في بيان مؤتمر المانحين بصيغة تبدو وكان قطاع غزة منطقة "حكم ذاتي" خاص، وليس جزء من "الحكم الفلسطيني"، فيما جاء الموقف القطري ليدير ظهره كليا لها، وكأنها خارج كل حساب سياسي فيما يتعلق بالقطاع، بل ذهب ليتحدث عن تفصيليات خاصة، كحركة المسافرين عبر معبر رفح، وتفاهمات التهدئة، والتي لم تتطرق لها كلمة رئيس الحكومة الفلسطينية.

ما حدث، لا يمكن التعامل معه باعتباره قضية "فنية" خاصة بعملية إعادة الإعمار بعيدا عن "المركز التمثيلي"، بل هي ملمح سياسي يعلن بلا تردد أن السلطة لم تعد ممثلا رسميا لبقايا الوطن في الضفة وقطاع غزة، بل هي جزء من التمثيل.

والسؤال، هل وافقت السلطة وحكومتها على ذلك "التمايز السياسي"، وقبلت بأن تصبح متفرجا أو "محللا" لما سيكون لاحقا من تعامل مع قطاع غزة، فيما لو أنها ترفض ذلك، وصمتها جاء عن سوء تقدير وربما المفاجأة، فهل لها أن تعيد الاعتبار برسم قواعد عمل خاصة في التعامل مع قطاع غزة، والكف عن البقاء في مقعد المتفرجين، من خلال وضع آلية ما لما حدده "المانحين" من دعم خاص للقطاع، فيما تعلن رسميا تحفظها على السلوك القطري في الإعلان عن اتفاق دون تنسيق معها، أو إعلامها العلني وليس السري.

إن لم تسارع السلطة وحكومتها لتحديد موقفها مما حدث، فهي موضوعيا تصبح "شريكا عمليا" في خطوات تعزيز الكيانية الغزية على طريق الانفصالية الخاصة...دوما يقال "جهنم السياسية مبلطة بأصحاب النوايا الطيبة"، افتراضا أنهم غير ذلك!

ملاحظة: مسارعة الفصائل الفلسطينية بتمجيد العمل البطولي للطفل عمر أبو عصب متجاهلين جريمة إعدامه العلني، يمثل خدمة مجانية لهروب العدو القومي من جريمة المفترض أنها جريمة حرب..بطلوا صربعتكم الساذجة والمعروفة ليش!

تنويه خاص: تهديدات الرئيس محمود عباس المتواصلة بأنه لن يحتمل كذا وكذا تفقده الكثير..إما أن يكف عن الكلام ويترك هيك طخ حكي لغيره، أو ينفذ خطوة عملية واحدة عشان الناس بعدها تحسب حساب جدي لكلامه..غير هيك اسمه "نق" مش أكتر!