باريس تمدد مفاوضات مؤتمر المناخ للتغلب على الانقسامات الشديدة

221-jpg-13452048983491697
حجم الخط

 اضطرت فرنسا الدولة المضيفة لقمة الأمم المتحدة للمناخ إلى تمديد برنامجها يوماً إضافياً، بعدما تعثرت أمس جهود التوصل إلى اتفاق عالمي لمكافحة تغيّر المناخ إثر "ليلة صعبة" من المحادثات، للتغلب على الانقسامات الشديدة. وأعلنت الرئاسة الفرنسية للمؤتمر، أنها "تفضل إعطاء مزيد من الوقت للتشاور مع الوفود".

وبعد الكشف عن مسودة جديدة لمعاهدة حسمت بعض نقاط الخلاف الرئيسة ليل أول من أمس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، "تقديم مسودة جديدة للاتفاق صباح اليوم، توائم بين الآراء المختلفة حيال مكافحة التغير المناخي" بهدف التوصل إلى اتفاق بين 200 دولة بحلول منتصف اليوم ذاته، بدلاً من أمس كما كان مقرراً.

وتزامن الإعلان المفاجىء عن تمديد المحادثات، مع وصف مسؤولين ومراقبين النقاشات بعد منتصف ليل أول من أمس، بأنها "لم تكن يسيرة على عكس ما كان مأمولاً". إذ كان مقرراً انتهاء المحادثات أمس. فيما اعتبر المفاوض الأميركي تود سترن أن أجواء الاجتماع "مرهقة".

وكان لوزير الخارجية الأميركي جون كيري موقف أيضاً قبل مغادرة المؤتمر في الثانية صباح أمس، مدافعاً عن مشروع الاتفاق الجديد بقوله وفقاً لمفاوض أوروبي، إنه "يعكس مبدأ التمايز" الذي تدافع عنه الدول الناشئة.

وأفادت مصادر أخرى بأن المحادثات "أظهرت استمرار الخلافات حول مواضيع منها كيفية تحقيق التوازن بين الخطوات العملية التي تتخذها الدول الغنية والفقيرة لخفض كمية الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وأيضاً الأهداف الطويلة الأمد في أي اتفاق". وأشار أحد المصادر المطلعة على الاجتماعات ان "الليلة الماضية (ليل أول من أمس) كانت صعبة جداً".

وأوضح ناطق باسم مؤسسة معنية بالمحادثات، أن "الدول الرئيسة تحصنت خلف خطوطها الحمر بدلاً من التقدم نحو حل وسط". 

لكن فابيوس الذي تحدث إلى تلفزيون "بي أف أم" الفرنسي أكد أن "الأجواء جيدة والأمور إيجابية وتسير في الاتجاه الصحيح".

وفي سياق متصل، تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الصيني شي جين بينغ هاتفياً، وشددا على أن بلديهما "سيواصلان التعاون في شأن التغير المناخي"، وفقاً لما أورد التلفزيون الصيني الرسمي. ولم يتضح ما الذي ناقشه الرئيسان أو ما إذا كان الاتصال يشير إلى انقسامات بين الدولتين صاحبتي أكبر الانبعاثات في العالم، واللتين وقعتا اتفاقاً تاريخياً حول المناخ العام الماضي. ونقل التلفزيون الصيني تأكيد شي، ضرورة أن "تعزز الدولتان التنسيق مع جميع الأطراف، وأن تعملا معاً لضمان وصول قمة المناخ في فرنسا إلى اتفاق".

وأشارت أحدث مسودة للإتفاق إلى حل وسط لما كان سبباً في انقسام كبير حول المدى الواجب أن يطمح إليه الإتفاق، في مجال محاولة التحكم في ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض. ولفتت المسودة إلى "اتفاق على السعي لهدف أكبر طموحاً وهو وقف ارتفاع درجات الحرارة عند أقل من درجتين فوق مستويات ما قبل حقبة الثورة الصناعية".

وأكدت جنيفر مورغان من "معهد الموارد العالمية"، حصول "تقدم مهم في مسائل كثيرة، ولكن لا تزال أخرى رئيسة عالقة".

وعبرت المنظمات غير الحكومية عن رضاها، لأن مشروع القرار يؤكد ضرورة عدم تجاوز سقف الدرجتين المئويتين مقارنة بالمستوى قبل الثورة الصناعية، ما يمثل طموحاً كبيراً، حتى أنه أدخل هدفاً أكثر طموحاً بالعمل على عدم تجاوز 1.5 درجة مئوية. ويطالب نحو مئة بلد باعتماد سقف 1.5 درجة مئوية، خصوصاً الجزر المهددة بالغرق مع ارتفاع مياه المحيطات بسبب ذوبان الجليد.

وقال وزير خارجية جزر مارشال توني دو بروم: "إذا أُدرج ذلك في الاتفاق، سأعود إلى بلدي وأقول لشعبي إننا لم نفقد فرصنا في البقاء".

لكن الجمعيات غير الحكومية تبدو متشائمة حيال سبل تحقيق هذا الهدف، وتعتبر مواعيد مراجعة خطط خفض انبعاثات الغازات السامة للدول "متأخرة جداً". وأوضح الخبير لدى "معهد الموارد العالمية" باسكال كانفين، أنها "النقطة الرئيسة الضعيفة" في مشروع القرار، لأن "وسائل رفع سقف الطموح قبل عام 2025 ليست ملزمة بما فيه الكفاية". 

إذ أن التزامات الدول لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، التي لن تدرج في الاتفاق ستؤدي وفق المعطيات الحالية إلى زيادة حرارة الأرض ثلاث درجات مئوية. ومن الناحية المالية، أشار إلى أن مشروع القرار "يميل إلى جهة دول الجنوب، حيث يحدد أن مبلغ 100 بليون دولار السنوي الذي وعدت الدول الغنية بتقديمه لها من الآن حتى 2020، هو مجرد "عتبة"، وستقدم هذه الدول «في شكل دوري أهدافاً كمية".

ولم يغفل كانفين وجود "صعوبة في قبول الجزء المالي بالنسبة إلى دول كثيرة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واستراليا، التي اعتبرت أنه يميل لمصلحة البلدان النامية".