قرار بريطانيا ضد "حماس"..."كش قرار" قريبا!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

بشكل مفاجئ، أعلنت وزيرة الداخلية في بريطانيا بريتي باتيل يوم 19 نوفمبر 2021، اعتبار حركة حماس تنظيما "إرهابيا"، وسيلاحق كل من يثبت "تورطه" بدعمها وتأييدها بالسجن الطويل.

القرار المفاجئ، لم تبرره بريطانيا صاحبة الباع الطويل في تدليس الحقيقة السياسية، وصناعة الفتن بحرفية عالية، و"أم الفتن" الطائفية بدهاء بات نموذجا ومثلا، فكان ربطه بمعاداة السامية جزء من "غباء مستهجن"، فالفلسطيني بذاته هو "سامي" العرق والانتماء، فكانت سقطة كشفت "جهالة" حكومة لدولة كان يقال عنها يوما "إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس"، لكنها باتت على ما يبدو بلد يغيب عنها "الوعي العام".

من حق الوزيرة أن تسير خلف من تحب تبريرا لقرار يحكم لا منطق به، ولكن ما كان لها سقوط سريع في حفرة اللاسامية، بل لا يمكن وصف حماس رغم تسميتها الطائفية، بأنها حركة عنصرية، معادية لليهود بصفتها المعلنة، كون الدين الإسلامي لا ينفي الأديان السماوية، واليهود جزء من سكان المنطقة ومن فلسطين التاريخية، قبل وعد الاستعماري بلفور.

ولو كان يراد التدقيق في تعريف معاداة السامية، فسنجد أن بريطانيا هي من أكثر من زرع تلك الفتنة ونشرها، من خلال استعمارها الطويل لبلدان عربية، وقدمت وعدا معاديا للسامية بكل تفاصيله اسمه "وعد بلفور"، ولذا فالأصل ربما أن يعاد ترميم وعي الوزيرة وحكومتها في تعريف "معاداة السامية"، وتضعها في "معاداة الصهيونية"، وتلك حقيقة يفتخر بها كل فلسطيني وطني، ومعهم غالبة مطلقة من دول العالم، عدا أقلية ظلامية تعيش في نفق الغباء العام لمنطق التاريخ.

 قرار حكومة جونسون، يثير كثيرا من علامات الاستفهام، ليس بحكم السذاجة التي استخدمت للإعلان، بل فيما يتعلق بعلاقة بريطانيا بجماعة الإخوان المسلمين، حيث لا تزال لندن "مربض خيلهم" الإعلامي – السياسي، ونشاطات مالية بلا حدود، جماعة تتمتع بامتيازات لا تتمتع بها غيرها، وحماس "السياسية" هي جزء أصيل من تلك الجماعة، من الشعار الى لون رايتها، وتسميتها مشتقة من ذات إسم الجماعة، فهل حقا يمكن اعتبار الجماعة الإخوانية مثلا حركة "معادية للسامية" يجب حظرها على سبيل المثال.

سؤال للتدليل أن قرار باتيل لا علاقة له من قريب أو بعيد بما أعلن "سببا" للحظر العام، وملاحقة كل من يؤيدها، علما بأن كل إخواني أينما كان، ومنهم المقيمين في بريطانيا مؤيد علني وداعم صريح لحماس، ماليا، إعلاميا وسياسيا وكل ما يمكن اعتباره شكلا للدعم، فهل حقا يمكن تطبيق ذلك "القانون" على أنصار الجماعة في بريطانيا ومؤسساتها السياسية – الإعلامية والخيرية...؟

بقراءة سريعة، يبدو أن القرار رد فعل متسرع دون قراءة سياسية شاملة، جاء ضمن "حسابات حزبية ضيقة الأفق"، لا يتوافق مع مصلحة بريطانيا الدولة، خاصة وان مصالحها في فلسطين لا تتطلب منها التقوقع الذاتي بعيدا عن التفاعل مع مكونات المشهد الفلسطيني، و حركة حماس أحد مكوناته الرئيسية، عدا عن سيطرتها المباشرة على حكم قطاع غزة، ما يعني خروج أي حضور سياسي بريطاني في القطاع.

ربما تتضرر حماس نسبيا من القرار، وربما يتضرر الفلسطيني نسبيا من القرار ولكن الضرر الحقيقي سيكون لحكومة تتصرف برعونة لا تليق بدولة "عريقة" في التاريخ المعاصر، وإن فقدت كثيرا من بريقها بأيدي حكامها.

قرار بريطانيا، ليس سوى رصاصة قصيرة المدى لن تنهك الحركة السياسية الفلسطينية، ولن تتمكن من تغيير مسارها، ولن تخدم بالمقابل حكومة إرهاب سياسي هي المصابة بمرض عزلة إنسانية تتنامى عالميا، بما فيها "بريطانيا العظمى"...وما مشهد طرد سفيرتهم ورفع علم فلسطين في ملعب اسكتلندني سوى بعض من مظاهر، ربما هي من أدى إصابة باتيل بلوثة أفقدتها صواب معرفة أن الفلسطيني لا يمكنه أن يكون لا سامي...

قرار بريطانيا ضد حماس، قريبا سيقال له "كش قرار"!

ملاحظة: لم يكن لائقا أبدا أن تصمت الرسمية الفلسطينية، منظمة وسلطة وحركة فتح، إعلاما وسياسة على موقف حكومة بريطانيا بحظر حماس...هيك سلوك "أطفال سياسة" مش ممثلين لشعب...حماس جزء من النظام شو ما كان لونها!

تنويه خاص: تخيلوا احتفاء "العالم" بأن تصبح هآريس رئيسا لأمريكا مدة كم دقيقة لأول مرة في تاريخ الولايات التي تفتخر بأنها "أم الحريات" مع تمثال جعلته رمزا لها...دققوا ليش ولا مرة صارت المرأة الأمريكية رئيسا..التخلف أعمق من الكلام!