هل يطيح برميل النفط بإدارة بايدن؟!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

بقلم: هاني حبيب

فيما يشبه الاستفتاء على رئاسة جو بايدن، فاز الجمهوري غلين متوفكين كحاكم لولاية فرجينيا على منافسه الديمقراطي تيري مكوليف، ما أدّى إلى حالة من القلق في صفوف الحزب الديمقراطي وعاد الحديث مجدداً حول إمكانيات متزايدة لاحتمال فوز الحزب الجمهوري للانتخابات النصفية للكونغرس ونهاية سيطرة الحزب الديمقراطي عليه، وكذلك هناك خشية واسعة من أن يفوز الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية القادمة وربما عودة ترامب إلى البيت الأبيض، علماً أن هذه الولاية كانت قد صوتت بفارق عشر نقاط لصالح بايدن في الانتخابات الرئاسية السابقة.
إلاّ أنّ هذا المؤشر ليس هذا الوحيد الذي يدفع الحزب الديمقراطي إلى القلق، ذلك أنّ آخر استطلاع للرأي حول أداء الرئيس بايدن تم نشره قبل يومين يفيد بأنّ من يوافق على أدائه لا تزيد نسبتهم على 36%، أمّا الاستطلاع الآخر قبل أسبوعين والذي نشرته صحيفة «يو أي ايه توداي»، فيشير إلى أن ثلثي الأميركيين لن يصوتوا لتجديد ولايته وفي تحليل نتائج الاستطلاعين إشارة إلى أنّ تراجع شعبية بايدن تعود إلى فشله في إدارة الملفات المتعلقة بأفغانستان والطاقة ووباء كورونا.
إلاّ أن المسألة الأكثر إلحاحاً بالنسبة للناخب الأميركي خلال الأسابيع الأخيرة هي دون شك فشل إدارة بايدن في إدارة ملف الطاقة، بعد أن زادت أسعار البنزين بشكل قياسي بالنسبة للمستهلك بتأثير مضاعفة أسعار برميل النفط، حيث كان سعره قبل أعوام قليلة يقترب من 40 دولارا، بينما اصبح، الآن، يقترب زيادة أو نقصانا من 80 دولارا للبرميل، في الولايات المتحدة كما في العديد من الدول الصناعية يقاس مستوى التعافي الاقتصادي بشكلٍ عام بمدى سيطرة الدولة على سعر مناسب للبنزين وسائر المشتقات النفطية للعلاقة الاقتصادية المباشرة بكافة القطاعات الإنتاجية في الدولة.
وليس على سبيل المجاز، فإن التحكّم الأميركي بسعر برميل النفط من شأنه أن يحدد مستقبل الرئيس بايدن وإمكانيات فوزه من عدمه في الانتخابات القادمة وهذا ما دفعه إلى الطلب من «أوبيك بلس» زيادة الإنتاج بما يلبي متطلبات السوق حسب زعمه، إلاّ أن هذا المطلب رفض تماما وتم الإبقاء على ما كان مقرراً من قبل بزيادة مبرمجة لا تتعدى 400 ألف برميل يومياً حتى نهاية العام الجاري.
وبعد أن شعر بايدن بالإحباط لعدم الاستجابة لطلبه هذا خاصة من قبل السعودية، حاول الضغط على كبار مستهلكي النفط في العالم لاستخدام احتياطاتهم الاستراتيجية لخفض أسعار النفط، والغريب أنه طالب خصمه الصيني بذلك، هذا المطلب الذي لم يخل من وقاحة عندما أعلن في نفس الوقت أنّ إدارته تدرس مقاطعة الألعاب الأولمبية الشتوية التي ستجري في الصين في شباط القادم، وزاد من إحباط بايدن عندما خذله حلفاؤه في كل من اليابان وكوريا الجنوبية بعدم الاستجابة لطلبه باستخدام الاحتياطات لديهما باعتبار أنهم لا يستخدمون هذه الاحتياطات بسبب غلاء الأسعار بل بسبب في حالة اختلالات في الإمدادات.
ويلاحظ في هذا السياق أنّ إحباط إدارة بايدن نتيجة لما ورد في الاستطلاعات لا يعود فقط إلى سوء إدارته للملفات الأساسية كأفغانستان والطاقة و»كورونا»، بل إنّ مرد هذا الإحباط يعود إلى خذلان الحلفاء كالسعودية واليابان وكوريا الجنوبية.
لذلك أعاد بايدن هذا الملف للنقاش الداخلي الأميركي بعدما أشارت هيئة المنافسة الأميركية إلى أنّ هناك سلوكاً غير قانوني من قبل شركات النفط والغاز المحلية بعد أن تبين أنّ هناك فروقاً واضحة بين سعر قالون البنزين عند خروجه من المصافي وسعره في محطات الوقود بفارق دولار واحد للجالون، وهي نسبة ربح كبيرة تعود لشركات النفط الكبرى والمصافي.
واقع الأمر أنّ الولايات المتحدة لا تعاني من أزمة نفطية، فهي بلد منتج للنفط ولكنها تفضّل النفط الرخيص الذي تعودت الحصول عليه من منطقة الخليج العربي وليس أدل على ذلك أن سعر لتر النزين الحالي في الولايات المتحدة حالياً بعد مضاعفة سعر البنزين هو أقل من دولار واحد لليتر، وللمفارقة فإن سعر لتر البنزين في إسرائيل والضفة الغربية يصل إلى دولارين، وهذا يعني أن سعر لتر البنزين في الولايات المتحدة ما زال أرخص من هذا المستوى، لكن الأمر يتعلق أساساً بأن الإدارات الأميركية كانت تسرق وتقرصن البنزين من محمياتها إلاّ أن الأمر قد اختلف، الآن.